سأل عنه ليصوروه له وليزيلوا الشبهة فيه عن نفسه وفي ذلك يقول بشار بن برد : وقد نزع الشعراء عامة في هذا العصر للتزود بجميع ألوان المعرفة وما كانوا يجدون في ذلك من لذة عقلية. لا يعجب السامعون من صفتي كذلك الثلج بارد حار وهذا الشعر يدل على نظرة أبي نواس في علم الطبائع ، وقد مضى الشعراء منذ ظهور كتابي الأدب الكبير والأدب الصغير لابن المقفع يتأثرون بما نقله فيهما من تجارب الفرس وحكمهم ووصاياهم في الصداقة والمشورة وآداب السلوك والسياسة ومن يرجع إلى بشار يجده يفرد للمشورة قطعة طويلة في إحدى مدائحه : وبدأوا بأنفسهم فتثقفوا من كل ما ترجم عن الهنود والفرس واليونان وعكفوا على الفلسفة اليونانية عكوفا جعلهم يقفون على كل شعبها ومناحيها في الفكر الدقيق ولم يلبثوا أن استكشفوا لأنفسهم عالمهم العقل الذي يموج بطرائق الذهن في جميع المعاني الحسية والعقلية،