بينما كان الرجل العجوز جالساً مع ابنه الذي يبلغ من العمر عشرين عاماً يتجاذبان أطراف الحديث ، ثم اتجه هذا الغريب إلى العجوز وقال له بلهجة حادة : اتّقِ الله وسدّد ما عليك من الدّيون فقد صبرت عليك كثيراً ونفد صبري . وترقرقت الدموع في عينيه ثم سأل الرجل عن مبلغ الديون على والده فأجابه : أكثر من تسعين ألف ريال، ثم ذهب الشاب إلى غرفته وأحضر مبلغاً من المال ووضعه في يد الرجل، حيث كان يمتلك سبعة وعشرين ألف ريال فهو كل ما جمعه من رواتبه خلال فترة عمله ، ثم قال الشاب للغريب : هذه دفعة من دين والدي، وقد أثرت فيه كلمات ابنه كثيراً عندما سمعه يقول للغريب : من اليوم طالبني أنا بالدين واترك أبي وشأنه لا تطالبه من اليوم بأية أموال ، عندما لاحظ الشاب بكاء والده اقترب منه وقبّل جبينه وقال : يا والدي، في اليوم التالي ذهب الشاب إلى عمله وقد كان يشعر بالتعب والانهاك، وبعد سلام وعتاب قال له الزائر : لقد تقابلت أمس احد مع كبار رجال أعمال وطلب مني أن أبحث له عن رجل أمين ذو خلق ودين ولديه طموح وقدرة على إدارة العمل، فما رأيك أن تتسلم هذا العمل وتقدم استقالتك وتذهب لمقابلة هذا الرجل مساء اليوم ؟ فقد استجاب الله عز وجل دعاءه ، وفي المساء ذهب الشاب لمقابلة رجل الأعمال، فردّ الرجل عليه: اذهب صباح غد وقدّم استقالتك وراتبك اعتبره من الآن خمسة عشر ألف ريال ، بالإضافة إلى نسبة من الأرباح تصل إلى عشرة بالمئة ، ثم أمر له الرجل بصرف راتب ستة أشهر مقدماً لتحسين ظروفه وأوضاعه، وعندما سمع الشاب هذا العرض الرائع بكي بكاءً شديداً وهو يقول في نفسه : ابشر يا والدي سأسدد دينك بأكمله ،