أن تحويل فائض العمل إلى فائض قيمة، في عملية تراكم رأس المال. ففي ظل عملية إعادة الإنتاج البسيط، بخصوص تحويل فائض العمل إلى فائض قيمة، إذ سيباع هذا الفائض للرأسماليين أنفسهم، تساوي قيمة الناتج الكلي - كما بينا في الحلقة الثانية - مجموع الرأس المال الثابت (اندثار رأس المال) زائداً الرأس المال المتغير (أجور قوة العمل) زائداً مجمل فائض القيمة. للتعويض عن الرأس المال المندثر. وكذلك الأمر بالنسبة للرأس المال المتغير، إذ أنه سيعود إلى الرأسماليين، المشكل الأساسي يكمن في تحويل فائض العمل إلى فائض قيمة، التي يتبلور فيها فائض القيمة لأغراضهم الاستهلاكية، إذ أن الرأسماليين لا يستطيعون بيعه إلى الطبقة العاملة؛ ولكي تتم عملية التراكم الموسع؟ إن السؤال الذي تطرحه روزا لوكسمبورغ يدور في حقيقة الأمر حول نفس المشكلة التي انطلق منها فيما بعدُ دعاة نظرية نقص الاستهلاك، "نعم، إن الطبقة الرأسمالية، كما ترفض لوكسمبورغ الفكرة الزاعمة أن الطبقة الرأسمالية نفسها ستشتري ما يتبقى من الإنتاج، فهي ترى أن نقص الاستهلاك لا يمكن تفاديه من خلال زيادة الاستثمار وخلق دخول جديدة، ولكن بصورة أعمق، إذ أن الاستثمار الجديد سيوسع الطاقة الإنتاجية، أي أنه لن تكون هناك فرصة لخلق الطلب الاستهلاكي، والحالة هذه، إلا أن هذه الزيادة لن تنفع في حل المشكلة، ترى لوكسمبورغ أن جداول تشابك الإنتاج الماركسية غير واقعية، وذلك لأنها تفترض أساساً أن فائض القيمة سيتحقق من خلال ما يقوم به الرأسماليون أنفسهم من استثمار في الآلات والمعدات، إن مثل هذه الفرضية أمر ممكن تحققه نظرياً فقط، مسبقاً، يحفز المنتجين، كما ترى روزا لوكسمبورغ، العوامل التي ستدفع المنتجين على الاستثمار، إنما تكتفي بإثبات أن السوق ستكون في حالة توازنية، كما تعتقد لوكسمبورغ، إن النتيجة، التي استخلصتها لوكسمبورغ من تحليلها لعملية الإنتاج الموسع في المجتمعات الرأسمالية، هي أن دراسة العملية الفعلية لتراكم رأس المال تستلزم، فالحل الذي افترضه مالثوس (Thomas Robert Malthus) لمشكلة نقص الاستهلاك في هذه المجتمعات، فمالثوس كان ينفي إمكانية حدوث توازن بين العرض والطلب في حالة وجود طبقتين فقط – الطبقة الرأسمالية والطبقة العاملة – وما كان يرى أن الطبقة الرأسمالية ستكون – والحالة هذه – قادرة على تحقيق الربح الذي تتوخاه. الذي يشتريه، طبقاً للتعريف، يقل مجموع أجورهم عن مجموع قيم منتجاتهم بمقدار الربح الذي تضيفه الطبقة الرأسمالية على تكاليف الأجور والمواد الأولية ورأس المال. كذلك لا يعتقد مالثوس بإمكانية تبادل السلع المنتجة بين الرأسماليين أنفسهم، بحيث يتحقق الربح المنشود، وهكذا، لن تؤدي عملية تبادل السلع المنتجة بين الرأسماليين أنفسهم إلى ربح صافي. ولما كان من غير المتوقع أيضاً أن يستهلك الرأسماليون أنفسهم الفائض من منتجاتهم، والذين لم يُتِح لهم انشغالهُم بأعمالهم ونشاطاتهم الاقتصادية، الحل الأمثل للخلاص من النقص في الاستهلاك الذي يتوقع مالثوس حدوثه في المجتمع، الذي يتكون من الطبقة الرأسمالية والطبقة العاملة، يكون في وجود الاستهلاك غير الإنتاجي، كان مالثوس على اعتقاد تام، بأنه لن يكون هناك تطور اقتصادي بدون وجود أصحاب الأراضي، بدون وجود الإقطاعيين. الذي لولاه لما تولوا عملية الإنتاج. فهو أراد الإعلاء من دور الإقطاعيين ورجالات الكنيسة في المجتمع. وبعد أن بينت روزا لوكسمبورغ زيف تحليل مالثوس، أسدلت الستار على فرضية الاقتصاد المغلق، وراحت تمعن النظر في العلاقات الاقتصادية الدولية، أبداً، إنما هي مشكلة النظام ككل. من هنا فإنها ترى أن استمرار عملية التراكم الرأسمالية يتطلب وجود مشترين من خارج حدود المجتمعات الرأسمالية ذاتها، يمكن للرأسمالية أن تبيعهم أكثر مما تشتريه منهم، بحيث يكون في الإمكان تحقيق فائض القيمة. بهذا تكون التجارة بين المجتمعات الرأسمالية والمجتمعات غير الرأسمالية الشرط الأساسي للوجود التاريخي للرأسمالية. وتدعم لوكسمبورغ رأيها هذا مستعينة بالملاحظة، التي أدلى بها أنجلز في مخطوطة الجزء الثاني من رأس المال، فقد قال بأن ماركس لم يستطع أن يصوغ النظرية بشكل متسق، تستعين لوكسمبورغ بالتطور، ما كان ماركس أول من أشار إليه، وتشكل هذه الفكرة منطلق روزا لوكسمبورغ في تفسير الامبريالية، على ينابيع الطلب السلعي الفعال. إلا أن انتشار الرأسمالية على المستوى العالمي، وبالتالي، إلى تقليص غزارة الينبوع الأساسي للتراكم الرأسمالي. وهكذا يصبح اتجاه المجتمعات الرأسمالية نحو الأزمة أشد والصراع فيما بينها للهيمنة على ما تبقى من الأقاليم غير الرأسمالية أعنف. كان هوبسون قد أكد على في مؤلفه المنشور عام 1902 بعنوان “Imperialism: a study“ أن الإمبريالية "ضرورة تاريخية، وسينعكس أثره، أي اثر نمو المجتمعات الرأسمالية، ليس على داخل البلدان الرأسمالية فحسب، بل وعلى أقاليم العالم الأخرى. أن هيمنة المجتمعات الرأسمالي. وتتسبب في انتشار الملكية الخاصة للأراضي في المناطق المعنية من ناحية، وثانياً، رابعاً، وذلك من خلال الرأس المال، أي وبعبارة واحدة، أن هذه الهيمنة تقدم للدول الرأسمالية المكاسب التي هي بأمس الحاجة لها، وللتدليل على وجهة نظرها هذه، بحرب الأفيون في الصين واستعمار جنوب أفريقيا، أن نظرية لوكسمبورغ في الامبريالية، وتظل هذه الحقيقية قائمة، (Das Finanzkapital). من خلال عنوان دراسته، المنشورة عام 1917: "الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية"، ويتضمن هذا التعريف للامبريالية أهم العناصر، فمن خلاله يُراد الإشارة، ومن ناحية أخرى، إلى أن اقتسام العالم بشكل تاماً تقريباً، من خلال الهيمنة الاحتكارية، يسوق لينين، خمسة عناصر أساسية للامبريالية: بنحو يساهم في نشأة احتكارات ذات تأثير حاسم في الحياة الاقتصادية. من خلال ما لديها من رأسمال مالي. 4. سيطرة الاتحادات الاحتكارية على السوق العالمية، واقتسامها هذه السوق فيما بينها. 5. نجاح القوى الرأسمالية العظمى في السيطرة على المعمورة بنحو تام وبسط سيادتها على أقاليم العالم المختلفة. إن "الامبريالية ما هي إلا رأسمالية، واكتسب فيها تصدير رؤوس الأموال أهمية عظيمة، إلا أن وجهة نظر لينين لا تنتقص من أهمية آراء لوكسمبورغ، بل هي تضفي على هذه النظرية بعداً جديداً أيضاً، فحسب ما أكدته، فإن نظريتها في الاستعمار "تطرح جانباً التناقض الأساسي بين القدرات الإنتاجية والإمكانيات الاستهلاكية، والناجم عن التراكم الرأسمالي أصلاً، إلا أنه لم يستطع أن يضع أسس نظرية في الأزمة ذات طابع خاص به. وأصرت على التفكير والتصرف بشكل مستقل حتى عن أستاذها نفسه - عن كارل ماركس. كما أنها اختلفت مع لينين اختلافاً شديداً، مع هذا، فقد تركز رد الماركسيين الرافضين لنظرية روزا لوكسمبورغ في الأزمة على أمرين: في يوم من الأيام، ولعملية إعادة الإنتاج الموسع بنحو مخصوص، يوضح، هذه الأرباح. وهكذا،