التجريد يهـدف هـذا البحـث إلـى كشـف عـن نظريـة المعرفـة مـن حيـث مكانتهـا وأهميتهـا فـي الفكـر الفلسـفي والصوفـي، احتلـت نظريـة المعرفـة مكانـة لهـا أهميتهـا فـي الفكـر الإنسـاني فـا تخلـو أي مدرسـة فكريـة سـواء كانـت فلسـفية أم دينيـة إلا وتكلمـت عنهـا. ففـي مجـال الفلسـفة تعتبـر نظريـة المعرفـة مـن أهـم النظريـات وأبـرز المباحـث الفلسـفية أمـا عنـد الصوفييـن فقـد كانـت نظريـة المعرفـة عندهـم أيضـاً تحتـل مكانـة ذات أهميـة بالغـة، إذ أنهـا تكشـف حقيقـة السـبل التـي يسـلكها المتصوفـة لمعرفـة الله، ومعرفـة الله عنـد هـؤلاء هـي مقيـاس نباهـة الإنسـان وسـر تفوقـه علـى سـائر المخلوقـات الأخـرى، موقف الفيلسوف في نظرية المعرفة ثـم إن تلـك العاقـة بيـن موقـف الفيلسـوف فـي المعرفـة وبيـن فلسـفته فـي الوجـود تكـون أشـد وضوحـاً فـي الإطـار العـام لاتجـاه الفلسـفي إذ إن المعرفـة - كمـا يقـال فـي الفلسـفة - تتناسـب مـع الوجـود أو هـي صـورة منـه بعبـارة أدق. قاسـم6-7 :-، وهكـذا فعندمـا يتحـدث إنسـان مـا عـن فلسـفة فـان أو يتناولهـا بالبحـث والد ارسـة ، فإننـا نجـد بحثـه فـي الحقيقـة يتكلـم عـن نظريـة المعرفـة، فلـم نبالـغ إذن إذا قلنـا إن كتـب الفلسـفة ليسـت إلا كتبـاً تـؤرخ لنظريـة المعرفـة عنـد الفاسـفة المختلفيـن، وهـذا مـا أكـد بـه زكـي نجيـب محفـوظ حينمـا قـال: «نظريـة المعرفـة عنـد الفيلسـوف هـي أريـه فـي تفسـير المعرفـة أيـاً مـا كانـت الحقيقـة المعروفـة». نجيـب8 :1969 ، ومـن المعـروف أن نظريـة المعرفـة بصفتهـا مبحثـاً فلسـفياً متخصصـاً لـم تعالـج إلا فـي الفلسـفة الحديثـة، إلا أنهـا كانـت تبحـث ضمـن موضوعـات أخـرى مثـل مباحـث «النفـس» و»الميتافيزيقيـا» و»المنطـق» كمـا هـي الحـال فـي الفلسـفة اليونانيـة عنـد أفاطـون وأرسـطو وغيرهمـا. فقـد كانـت بحـوث أفاطـون وأرسـطو فـي المعرفـة بحوثـاً مسـتقلة لديهمـا وواضحـة المعالـم. كمـا أنـه يتعـرض للقضايـا المتعلقـة بالوجـود حيـن يتنـاول نظريـة المعرفـة. زكريـا8 :1962 ، فـي حيـن يـرى آخـرون أن جـون لـوك1632) – 1704م) هـو الواضـع الحقيقـي لنظريـة المعرفـة. 139-117( ونجـد مـن يقـول إن الميـاد الرسـمي لنظريـة المعرفـة كان مـع ظهـور المشـروع الكنطـي لنقـد العقـل. العالـي11 :1986 ، ورغـم هـذه الاختافـات فإنـه يمكـن القـول بـأن الجميـع اتفقـوا علـى أن منشـأ نظريـةالمعرفـة بصفتـه مبحثـاً متخصصًـا إنمـا كان فـي الفلسـفة الحديثـة، نجيـب5 :1969 ، فهـم الذيـن اسـتطاعوا أن يميـزوا بيـن الـذات والموضـوع، وهـم الذيـن بحثـوا بحثـاً جديـاً العاقـة بيـن الإد ارك والوجـود وهـم الذيـن اهتمـوا بنصيـب الـذات فـي عمليـة الإد ارك. الطويـل، : 88( فقـد تنـاول جـون لـوك مشـكلة الجوهـر ونقـد جـورج باركلـي لهـذا المفهـوم علـى أسـاس مـن تحليلـه للمعرفـة ، وتنـاول كانـت لمفهـوم «الشـيء بذاتـه» وعـدم قابليتـه للمعرفـة. جـودة15 :2006 ، 1- المذهـب العقلـي: ويقـوم هـذا المذهـب علـى القـول بوجـود مبـادئ عقليـة بديهيـة تتميـز بالضـرورة والشـمول. وأن العقـل هـو المصـدر للمعرفـة الحقيقيـة وهـو قـوة فطريـة فـي الإنسـان. 3- المذهـب النقـدي: ويقـوم علـى القـول بـأن مصـدر المعرفـة هـو العقـل والحـس معـاً، فبعـض المعـارف قبليـة سـابقة علـى التجربـة مثـل مفاهيـم الزمـان والمـكان والعليـة، إوان المعرفـة تنتـج عـن اجتمـاع عامليـن أحدهمـا صـوري يرجـع إلـى العقـل والآخـر تجريبـي يرجـع إلـى الحـس. هـذه هـي ثاثـة اتجاهـات رئيسـية فـي نظريـة المعرفـة فـي تاريـخ الفلسـفة فـي العصـر الحديـث، ولكـن توجـد إلـى جانبهـا الاتجاهـات الحدسـية والصوفيـة التـي تنضـوي تحـت مـا اصطلـح عليـه بالمعرفـة المباشـرة أو اللحظيـة المفاجئـة وهـي المعرفـة التـي تنتقـى فيهـا الواسـطة بيـن الـذات العارفـة والموضـوع المعـروف. بيومـي187 :1979 ، إوالـى جانـب الاتجـاه الصوفـي والحدسـي يوجـد اتجـاه الشـكاك وهـو مذهـب فلسـفي يزعـم أنـه لا سـبيل إلـى إد ارك الحقائـق ولا إلـى معرفـة يقينيـة، )بيومـي8 :1979 ، وعلـى الرغـم مـن اختـاف موقـف الفاسـفة الحديثيـن والمعاصريـن فـي نظرياتهـم المعرفيـة ممـا أدى إلـى اختـاف اتجاهاتهـم فـي معالجـة الحقائـق الفلسـفية، أمـا فـي مجـال الفكـر الفلسـفي العربـي الإسـامي فإننـا نجـد أن تلـك الظاهـرة العامـة فـي الفلسـفة الغربيـة هـي نفـس الظاهـرة فـي الفلسـفة العربيـة الإسـامية، أمـا قبـل ذلـك فكانـت أبحـاث نظريـة المعرفـة مختلطـة أشـد الاختـاط بأبحاثهـم فـي الوجـود، هويـدي، )جـودة16 :2006 ، فيعقـوب بـن إسـحاق الكنـدي مثـاً حـاول ضبـط العلـم والمعرفـة فـي مؤلفاتـه منهـا رسـالة فـي حـدود الأشـياء ورسـومها. قميـر، الفا اربـي1987 ، وابـن سـينا تنـاول قضيـة الإد ارك والعلـم واليقيـن فـي كتابـه الإشـا ارت والتنبيهـات وفـي غيرهـا مـن كتبـه). ابـن سـينا، ابـن رشـدي2000 ، وأمـا مبحـث مصـادر الفاسـفة فقـد تنـاول فاسـفة المسـلمين كمـا تنـاول بهـا الفاسـفة الغربيـون فتكلمـوا عـن الحـس والعقـل والوحـي والإلهـام والكشـف والحـدس باعتبارهـا المصـادر للمعرفـة. أمـا فـي مجـال الفكـر الدينـي الإسـامي فإننـا نجـد المتكلميـن والأصولييـن والصوفيين يتناولـون أيضـاً موضـوع نظريـة المعرفـة، فالمتكلمـون يبحثـون تحـت عنـوان «النظـر ، 8 :1984( ولا شـك أن أول تنـاول لنظريـة المعرفـة تنـاولاً متكامـاً كان علـى يـد أبـي منصـورالماتـردي، فقـد أدرك فـي كتابـه «التوحيـد» أهميـة اسـتعمال الوسـائل والقـوى الإد اركيـة كلهـادون الاعتمـاد علـى وسـيلة أو قـوة معينـة فـي الوصـول إلـى المعرفـة الحقـة، إوانما يؤيد بعضها بعضاً، وأن من ينكر الإد ارك الحسـي لا تصـح معـه المناظـرة لأنـه مكابـر متعنـت وهـو متناقـض مـع نفسـه، وكذلـك مـن ينكـر الخبـر جملـة، فلـو لـم يكـن هنـاك عقـل لمـا ثبتـت ضـرورة الحـس والخبـر. ثـم تنـاول كل المتكلميـن بعـد الماتـردي نظريـة المعرفـة، فالقاضـي عبـد الجبـار المعتزلـي صنـف مجلـداً كبيـ اًرً مـن موسـوعته «المغنـي» سـماه «النظـر والمعـارف» تحـث فيـه بالتفصيـل عـن حـد النظـر والعلـم والمعرفـة وطرقهـا وحقيقتهـا، وتحـدث عـن الدليـل العقلـي والسـمعي، وأول مـا يجـب علـى المكلـف، عبـد الجبـار1962 ، الباقاني، كذلـك يجمـع فيـه آ ارء المـدارس ويناقشـها، الجرجانـي، 8991( والآمـدي فـي «الإحـكام فـي أصـول الأحـكام» الـذي تحـدث فيـه عـن العلـم والكلـي والجزئـي وغيـره مـن المفاهيـم. وكمـا نجدهـا أيضـاً فـي مقـالات الفـرق ككتـاب «مقـالات الإسـاميين» للأشـعري). الأشـعري1980 ، و»الفـرق بيـن الفـرق» للبغـدادي. البغـدادي، محمـود2001 ، وهنـاك عـدد كبيـر مـن علمـاء المسـلمين مـن الأصولييـن والفقهـاء والمتكلميـن وغيرهـم ممـن تنـاول موضوعـاً أو أكثـر مـن موضوعـات المعرفـة فـي كتبـه. والماحـظ مـن خـال اسـتع ارضنا لتاريـخ نشـأة نظريـة المعرفـة عنـد الفاسـفة وعلمـاءالمسـلمين مـن المتكلميـن والأصولييـن نجـد أن المتكلميـن والأصولييـن قـد سـبقوا غيرهـممـن الفاسـفة فـي إفـ ارد بحـث المعرفـة بصـورة مسـتقلة فـي كتبهـم، بينمـا لـم يبـدأ إف اردهـا عنـد الفاسـفة الغربييـنإلا فـي القـرن السـابع عشـر مـع جـون لـوك وغيـره. ويبـرز ذلـك مـن خـال عنايتهـم الفائقـة بالبحـث والتأليـف عنهـا. أمـا عنـد الصوفييـن فقـد كانـت نظريـة المعرفـة عندهـم أيضـاً تحتـل مكانـة ذات أهميـة بالغة، ومعرفة الله عند هـؤلاء هـي مقيـاس نباهـة الإنسـان وسـر تفوقـه علـى سـائر المخلوقـات الأخـرى، ولهـذا كان موضـوع المعرفـة والعرفـان مـن أهـم المسـائل الصوفيـة والهـدف الأصلـي والغـرض الأساسـي للتصـوف. متـاح48 :1974 ، غيـر أن نمـو التصـوف وبالعاقـة المتناقضـة مـع الاتجاهـات المعرفيـة الأخـرى جعـل للمعرفـة الصوفيـة أدلتهـا وحججهـا النظريـة والشـرعية. نيكلسـون104 :1969 ، وهـذا الـذي جعـل عمـوم الباحثيـن اتفقـوا علـى القـول بـأن القـرن الثالـث الهجـري هـو العصـر الذهبـي للتصـوف بصفتـه مذهبـاً فـي المعرفـة حتـى بلـغ درجـة عاليـة مـن الاكتمـال علـى يـد أعامـه المشـهورين بحيـث يمكـن القـول بأنهـم لـم يتركـوا للصوفيـة بعدهـم إلا الإفاضـة والتفسـير. ومـع أن هـذا القـول لا يخلـوا مـن مبالغـة ظاهـرة، إلا أنـه يؤكـد الحقيقـة الثابتـة عـن دور ذلـك العصـر فـي بنـاء الموقـف الصوفـي فـي المعرفـة. ثـم إن المتصفـح لتـ ارث الصوفيـة المتأمـل فـي أقوالهـم وتجاربهـم ياحـظ حتمـاً أن التنـاول الصوفـي لنظريـة المعرفـة يختلـف اختافـاً كبيـ اًرً عـن المعالجـة الفلسـفية والكاميـة لهـا، فإمـا حسـاً أو عقـاً، )صمـد16 :1984 ، ثـم إن الفكـر الفلسـفي والكامـي يحـاول تقديـم المعرفـة أو يتناولهـا مـن حيـث إعطـاءتعريـف جامـع ومانـع لماهيتـه المعرفيـة، أمـا تنـاول الصوفـي يختلـف عـن ذلـك حيـث لا ينطلـق تناولـه مـن مجـرد التحليـل المنطقـي، إوانمـا يتنـاول المعرفـة ويعرضهـا مـن خـال أوصـاف العـارف، يقـول القشـيري: «المعرفـة توجـب غيبـة العبـد عـن نفسـه، لاسـتياء ذكـر الحـق سـبحانه وتعالـي عليـه، فـا يشـهد غيـر الله ولا يرجـع إلـى غيـره، فهـو يعيـش بربـه لا يرجـع إلـى غيـره». 602 :1972 ومـن هنـا نجـد الفـرق بيـن الفكـر الفلسـفي والكامـي والفكـر الصوفـي واضحـاً مـن حيـث إن الفكـر الفلسـفي والكامـي يقدمـان المعرفـة مـن خـال وسـائلها وموضوعاتهـا التـي تتناسـب مـع تلـك الوسـائل فـي نظـر الفاسـفة والمتكلميـن، أمـا الفكـر الصوفـي يعـرض المعرفـة مـن خـال أوصـاف العـارف أو بتعبيـر أدق مـن خـال التجربـة الذوقيـة الروحيـة، وعلـى العلـم بـالله مـن طريـق الـذوق معرفـة، وحـدوا هـذا المقـام بنتائجـه ولوازمـه التـي تظهـر عـن هـذه الصفـة فـي أهلهـا. »)عربـي316:. إوانمـا هـو عبـارة عـن حيـاه يعيشـها الصوفـي حيـث يتعـرض فيهـا للـواردات الإلهيـة بذوقهـا ثـم يأتـي ليصـوغ مـا عـاش ومـا ذاق فـي بعـض العبـا ارت، وهـو وليـد العمـل والمجاهـدة النفسـية أو السـلوك المرسـوم فـي الطريـق الصوفـي، وقـد نبـه الغ ازلـي إلـى هـذه الخاصيـة الأساسـية للمتصوفـة بقولـه: «وظهـر لـي أن أخـص خواصهـم مـا لا يمكـن الوصـول إليـه بالتعلـم، بـل بالـذوق والحـال وتبـدل الصفـات . فعلمـت يقينـاً أنهـم أربـاب أحـوال لا أصحـاب أقـوال، ولـم يبـق إلا مـا لا سـبيل إليـه بالسـماع والعلـم بـل بالـذوق والسـلوك. ») الغ ازلـي27-26 :1993 ، ولكـن هـذا لا يعنـي بالضـرورة إع ارضـاً عـن العقـل إواهمـالاً لـه، فقـد وجدنـا لبعـض المتصوفـة فلسـفة صوفيـة، عفيفـي15 :1863 ، بـل إن لـه معرفـة مـن نـوع خـاص، إنـه يطلـب إد ارك الله مباشـرة مـن طريـق الله ذاتـه. ثـم إن حصـر الاسـتدلال مـن الصنـع علـى الصانـع كمـا فعـل بهـا المتكلمـون يجعـل الطـرق إلـى معرفـة الله ضيقًـا. بديـر50 :. ذلـك أن كل التصـوارت والمفهومـات التـي لدى العقل البشـري إنما تعتمد في أساسـها على المحسوسـات، ولما كان الله لا شـبيه ولا نـد ولا مثيـل لـه وأن مـا خطـر ببالنـا فإنـه سـبحانه بخـاف ذلـك وجـب علـى العقـل والحـس أن يفسـحا المجـال لتقـوم البصيـرة ويقـوم القلـب الصوفـي بدورهمـا فـي إد ارك الـذات الإلهيـة مباشـرة. )بديـر51 :. قـال الكابـاذي: «لقـد أجمعـوا [الصوفيـة] علـى أن الدليـل علـى الله هـو الله وحـده وسـبيل العقـل عندهـم سـبيل العاقـل فـي حاجـة إلـى الدليـل لأنـه محـدث والمحـدث لا يـدل إلا علـى مثلـه. وقـال رجـل للنـوري: «مـا الدليـل علـى الله ؟ قـال: الله، قـال فمـا العقـل؟ قـال: العقـل عاجـز والعاجـز لا يـدل إلا علـى عاجـز مثلـه». وعلـى أي حـال ونحـن بصـدد البحـث عـن الفـرق بيـن طريـق الفاسـفة والمتكلميـن والصوفيـة فـي المعرفـة وجدنـا أن أسـاس الفلسـفة العقـل المحـض، وأن أسـاس علـم الـكام الديـن، أي أن نقطـة انطـاق الفلسـفة العقـل المحـض ونقطـة انطـاق علـم الـكام هـو فهـم المتكلـم علـى النصـوص الدينيـة، أمـا نقطـة انطـاق الصوفـي القلـب )الوجـدان، عيـن البصيـرة، الـذوق، الإلهـام( بمـا فـي ذلـك تزكيتـه ومجاهدتـه، ذلـك أن البرهـان والدليـل لا مجـال لهمـا هنـا، كمـا أن الحـس أيضـاً لا ينبغـي لـه أن يقتحـم ميدانـاً غيـر ميدانـه، وهـذا مـا نبـه بـه الإمـام الغ ازلـي حينمـا بيـن أن الطريـق إلـى معرفـة الله هـو تقديـم المجاهـدة يمحو الصفـات المذمومـة وقطـع العائـق كلهـا والإقبـال بكنـه الهمـة علـى الله تعالـى، الغ ازلـي40 :. الخاتمة غيـر أنهـم تعـدوا عليهـم بجعـل النصـوص الدينيـة التـي تكلمـت عـن تطهيـر القلـوب وتهذيـب النفـوس منهجـاً سـلوكياً عمليـاً فـي حياتهـم اليوميـة. فالفاسـفة إذن يعتمـدون إمـا علـى الحـس إوامـا علـى العقـل فـي إد اركهـم لعلومهـم ، وقـد يعتمـدون علـى الحـس والعقـل معـاً، أمـا المتكلمـون فـإن كانـت نقطـة انطاقهـم هـي الدنـي فإنهـم أيضـاً فـي فحصهـم النصـوص الدينيـة يعتمـدون الحـس، أمـا الصوفيـون إوان كانـوا اعترفـوا بالعقـل والحـس علـى أنهمـا مـن وسـائل المعرفـة غيـر أنهـم أروا أن ثمـة ملكـة أخـرى لهـا القـدرة علـى الفهـم والإد ارك والإحاطـة، وهـذه الملكـة هـي القلـب أو البصيـرة أو الإلهـام، فتحديـد وسـائل المعرفـة الإنسـانية وحصرهـا فـي مصـدري الحـس والعقـل وحدهمـا تحديـد قاصـر لا يشـمل الناحيـة الروحيـة فـي الإنسـان التـي تعـد البصيـرة جوهرهـا. أمـا الصوفـي فقلبـه، ثـم إن الفيلسـوف والمتكلميـن يميـز دائمـاً بيـن المـدرك والمـدرك ، تهافت التهافت، دار المعارف، أبي منصور البغدادي، الفرق بين الفرق، أسس الفلسفة، بيروت، دار الكتب العلمية، التعرف لمذهب أهل التصوف97. محمود زيدان، نظرية المعرفة، بيروت، محمد علي أبو ريان، دار المعرفة الجامعية،