فإذا كان الدين بالنبوة أو الولاية كان الوازع لهم من أنفسهم وذهب خلق الكبر والمنافسة منهم، وهذا يذكرنا بالطريقة التي قامت بها دولة بني العباس، عندما ربطوا أحقيتهم بالحكم من قرابتهم من النسب الشريف. فتكاد تكون معظم الدول التي قامت على مر التاريخ عند العرب كانت بصبغة دينيه بحته، وآخرها الدول السعودية الثلاث والأولى التي مهدت للدولتين الثانيتين كانت بصبغة دينية جلية وهي الدعوة الوهابية. ويرسم "ابن خلدون" الدورة الحضارية بتقسيمها المراحل لا تعدوا في الغالب خمسة أطوار يقسمها إلى طور البداوة" (الظفر)، وإذا دققنا النظر في مقدمة ابن خلدون" يظهر أن الحضارة عنده مرتبطة بالدولة، فالانهيار والزوال لديه أمر حتمي وهذا يضع الحضارة في دائرة مغلقة منذ القيام إلى السقوط ومعنى ذلك أن لا مفر لأي حضارة من العبور بهذه المراحل حتى الزوال، وهذا ما يخالف الرؤية الإسلامية الحضارة الإسلام، ولكن مقصد ابن خلدون قد يكون مرتبط بالدولة أو حضارة الدولة وليس الحضارة بمعناها الشمولي، وعلى ذلك عند النظر الأحداث التاريخ وسقوط الخلافات الإسلامية التي استمرت لقرون لم يستتبعه زوال للحضارة الإسلامية لأنها مرتبطة بالدين والدين مرتبط بالمجتمع وشبكة العلاقات في المجتمعات الإسلامية هي التي تجعل من الحضارة مستمرة. والعادات التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضوا في المجتمع. الثقافة والعمران علاوة على ذلك، يؤكد إدوارد تايلور" على عبور المجتمعات الإنسانية لثلاثة أطوار تبدأ بالهمجية فتنتقل إلى البربرية وتنتهي بالحضارة إلا أنه فضل استخدام مصطلح الثقافة في كتابة "الثقافة البدائية" على الحضارة واعتبر أن المجتمعات السحيقة كانت متطورة إلى حد ما بقدر ما كان متوفر لديها من وسائل وهذه الثقافة تنمو شيئاً فشيئاً حتى وصل العالم اليوم كنتيجة تراكمية لما آل إليه. عند أوسفالد شينغلر عند حديث أوسفالد شبنغلر" عن الحضارة فأنه يشبهها بالكائن الحي، فينظر للحضارة على أنها تمر بنفس الأطوار التي يمر بها الإنسان، وتزول في مرحلة الشيخوخة،