أ‌) تنسب هذه المختارات إلى المفضل بن محمد بن يعلي بن عامر بن سالم الضبي؛ أما تاريخ وفاته ففيه خلاف» إذ تجعله بعض الروايات عام 14١ه»‏ في حين يرجع محققا الكتابمن استقراء بعض الشواهد – أن وفاته كانت عام 11/8م") وهو رأس مدرسة الكوفة» ولكنه ورد كذلك على البصرة فأخذ عنه علماؤها . قال ابن سلام الجُمّجي: "وأعلم من ورد علينا من غير أهل البصرة المفضل بن محمد الضبي الكوفي ". وقد أخل عنه كثيرون من علماء الطبقة الثانية»؛ ‏ ب‌) أما كيف اختار المفضل القصائد التي تضمها هذه المجموعة فلذلك قصة. ولكن المنصور ظفر بإبراهيم أخيرا ونكل به وبأهله. فلما عاد وجده قد علّم على سبعين قصيدة اختارها. وكان له ذوق حسن في الشعر. ويبدو أن المفضل استخرج هذه القصائد السبعين ثم زاد عليها عشراأً فيما بعد. فإنه عندما ظفر المنصور بإبراهيم ظفر كذلك بالمفضلء ولكنه عفا عنهء وألزمه ابنه وولي عهده المهدي يؤدبه. وقد قدم المفضل لتلميذه القصائد الثمانين فقرأها هذا عليه؛ ثم قرئت هذه القصائد نفسها على المفضل بعد ذلك ونسبت إليه وعرفت باسمه . ثم جاء مَنْ بعد الأصمعي وزادوا في القصائد - أصلها ومزيدهاأبياتاً. ومعظم شعراء هذه المجموعة جاهليون؛ وهناك ستة وعشرون شاعرا لا تضم المجموعة لكل منهم سوى قصيدة واحدة» رثمانية وعشرون شاعرا وردت لكل منهم قصيدتان» وتسعة شعراء وردت لكل منهم ثلاث قصائد؛ وشاعر واحد وردت له أربع قصائدء هو ربيعة بن مقررم الضبي » وشاعر واحد وردت له خمس قصائد. هو المرقش الأصغرء وشاعر واحد وردت له اثتتا عشرة قصيدة» هو المرقش الأكبر . وتضم هذه المجموعة أربعين مقطوعة لا يزيد عدد أبيات كل منها عن عشرة؛ وثلاثا وأربعين قصيدة يتراوح عدد أبيات كل منها بين 5١ 2١١‏ بيثاًء رإحدى وعشرين قصيدة تتراوح بين "١ 21١‏ بيتأء وعشر قصائد تتراوح بين ٠ 07١‏ بيتاًء وسبع قصائد تتراوح بين »1١‏ 066 بيتا» وثماني قصائد مطولات» تتراوح بين 20١‏ 8 بيتأء وأطول قصيدة في هذه المجموعة هي قصيدة سُؤَيْد بن أبي كاهل» وعدتها مائة وثمانية أبيات» ومطلعها: بسطش رابعةٌ الحبل لنا فَوَصِلنا الحبل منهاماائسَغْ وأقصر مقطعة في هذه المجموعة تقع في بيتين» وهي للمرقش الأكبرء وفيها يقول: أبَأَتْ بععلبة بنَالحُحشَا معمروبن عوف فزال الوهلٌ يذكر فيهما أخذه بالثأر لابن عمه ثعلبة الذي قتله المهلهل التغلبي بقتله عمرو بن د) ومن الواضح أن هذه المجموعة تضم العدد الأكبر من القصائد الكاملة؛ فربما كانت المقطعة نفسها هي كل ما قاله الشاعر نفسه في مناسبته» كما يظهر لنا من بيتي المرقش الأكبر. وإلى جانب عمد المفضل إلى اختار القصائد لا نجده يورد للشاعر الواحد أكثر من ثلاث قصائد إلا في النادر . وهذا معناه أنه لم يقيد نفسه بعدد ثابت مما يختاره من كل شاعرء بل كان يتحرك في شعره بحرية فيختار أفضل ما عنده. وكذلك لم يحدد المفضل اختياره بالأشعار التي قيلت في موضوع أو مواضيع بعينهاء بل كان طليقاً في هذا الاختيار. ومحققا الكتاب يقطعان بأنها وإن كانت متضمنة فيه فإنها قطعاً لا ترد في صدرهء ولا ترد مجتمعة”'“. ومن هنا لا يتمثل أمامنا ترتيب بعينه لقصائد الكتاب”""2. ' وربما لم يفكر المفضل نفسه - وقد عرفنا الطريقة التي تم بها اختيار هذه القصائد - في شيء من أمر الترتيب. ه) ومع كل هذا فللمفضليات قيمة تاريخية وأدبية كبيرة. وأما من الناحية الأدبية فإنه تضمن قصائد كاملة كانت تعد أروع ما في الشعر القديم من قصائد. على أن تفصيلات هذا التصور ومقومات هذا الذوق قد غابت جميعاً عناء حيث اكتفى المفضل ومن أكمل المجموعات على غراره بإثبات المختارات دون تقديم الأسباب التي جعلتهم يفضلون ما فضلواء بل دون أدنى تعليق. وكان يكون من كمال هذا العمل لو أن كل قصيدة أنبعت بحكم مفصل يبين وجه تفضيلها واختيارها. وعلى كل حال فقد كانت هذه المجموعة المختارة فاتحة لمجاميع أخرى تسير على نفس الدرب؛ سنعرض لها بعد قليل.