ولو تتبعنا آثار السلف ومن بعدهم من الأئمة، لم نجد أحدًا - في قلبه ذرة من الإيمان وشيء من النصيحة والإخلاص - ينكر التمسك بالسنة والاحتجاج بها والعمل بمقتضاها، حريصين على العمل بها، قال الإمام الشافعي - رحمه الله-: «لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا نَسَبَهُ النَّاسُ أَوْ نَسَبَ نَفْسَهُ إلَى عِلْمٍ يُخَالِفُ فِي أَنْ فَرَضَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ- اتِّبَاعَ أَمْرِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَالتَّسْلِيمَ لِحُكْمِهِ بِأَنَّ الله - عَزَّ وَجَلَّ- لَمْ يَجْعَلْ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ إلَّا اتِّبَاعَهُ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَوْلٌ بِكُلِّ حَالٍ إلَّا بِكِتَابِ اللهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَّ مَا سِوَاهُمَا تَبَعٌ لَهُـمَا وَأَنَّ فَرْضَ الله – تَعَالَى- عَلَيْنَا وَعَلَى مَنْ بَعْدَنَا وَقَبْلَنَا فِي قَبُولِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ فِي أَنَّ الْفَرْضَ وَالْوَاجِبَ قَبُولُ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[الأم للشافعي7/287]، وقال الإمام ابن حزم عند قوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ (النساء:59): «الأمة مجمعة على أن هذا الخطاب متوجه إلينا وإلى كل من يُخْلَق ويُرَكَّب روحه في جسده إلى يوم القيامة من الجِنَّة والناس، كتوجهه إلى من كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكل من أتى بعده عليه السلام ولا فرق» اهـ. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وليعلم أنه ليس أحد من الأئمة المقبولين عند الأمة قبولًا عامًا يتعمد مخالفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء من سنته دقيق ولا جليل. وعلى أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله».