الاهتمام بالمستقبل والسعي للتعرف عليه أمر قديم قَدمالبشرية بيد أن ذلك الاهتمام كانت تغلب عليه النظرة للمستقبلعلى أنه قدر محتوم رسمته قوى خارقة لا يمكن تجاوزها،منتصف القرن العشرين والذي شهد تطور الاهتمام بالمستقبل كظاهرة ومجال اهتمام علمي أكاديمي يقوم على مناهج واساليب لدراسته ونظريات لتفسيره واستراتيجيات للتعامل معه، وعلى الرغم من الظهور المتأخر للمنهجيات العلمية ذات العلاقة بد ارسات المستقبل )Future Studies( إلى القرن العشرين الا ان دراسة المستقبل تسارعت وتيرتها بشكل ملحوظ بعد ذلك مما أدى بدوره إلى أحداث نقلة في الاهتمام العام بالمستقبل والاهتمام البحثي بد ارسات المستقبل ما أدى إلى مزيد من النضج حتى أصبحت اليوم د ارسات المستقبل ) Future Studies( علماً قائماً بذاته له مناهجه المعتمدة، ومجالاته المتعددة حيث تنظم لأجله كثير من اللقاءات والندوات على جميع المستويات الإقليمية والعالمية، ولم يعد مقبولاً الحديث عن تنبؤ أو شكل واحد للمستقبل بل تطور الأمر لصياغة أشكال مختلفة يمكن أن يكون عليها المستقبل وبرزت لنامفاهيم علمية جديدة مثل )استش ارف المستقبل – التحليل المستقبلي - التنبؤ (.ونتيجة التطور الذي شهدته د ارسات المستقبل بدأت كثير من المسلمات تفقد بريقها مثل عبارة )المستقبل امتداد للماضي( وعبارة )الحتمية التاريخية( مما عزز بدوره من النظرة للمستقبلبأنه حالة نوعية قابلة للاكتشاف والتحكم )منصور، ويؤكد ذلك ما رصده سارج ورضوان) & S i r a j 2011,Ridhuan ( في مطلع السبعينات من القرن العشرين من حصول تغيرين مهمين في نظرة الناس إلى المستقبل أولهما أن الناس أصبحوا على قناعة بإمكانية د ارسة المستقبلوثانيهما الاعت ارف بأن المستقبل عالم قابل للتشكيل. ولذا نجد أن آينشتاين يبرر اهتمامه بالمستقبل عندما ُسئل: لماذا تهتم بالمستقبل؟ فأجاب: ببساطة لأنني ذاهب إلى هناك، وجميع البشر ذاهبون للمستقبل لكن ما الشروط التي تخضع لهاعملية علمية الذهاب؟ وما الكيفية التي ستكون عليها ؟ وماذا سنفعل هناك؟ وهل يمكن صناعة المستقبل الذي نريده؟ وهل للدارساتالمستقبليةأهميةفياختيارالمستقبل،وسبرأغواره وفض غوامضه؟ وا ازحة الستار عن القوى الخفية الفاعلة فيهللتأثير فيها؟وتتبلور أهمية د ارسات المستقبل في مجالات الحياة المختلفةإذ يمكن أن تساعد د ارسات المستقبل تعزيز الإبداع الفكري في المجالات البحثية كون المهتم بالمستقبل يجب أن يضع التخيل على أرس منظومة القيم لديه، كما أنها يمكن ترسم خريطة كلية للمستقبل من خلال استق ارء الاتجاهات الممتدة عبر الأجيال والاتجاهات المحتمل ظهورها في المستقبل والأحداث المفاجئة )Driving Forces( والقوى والفواعل الدينامية المحركة للأحداث، هذا فض ًلا عن أنها يمكن أن تعّد الد ارسات المستقبلية مدخ ًلا مه ًما في تطوير التخطيط الاست ارتيجي القائم على الصور المستقبلية حيث تؤمن سيناريوهات ابتكارية تزيد من كفاءة وفاعلية التخطيط الاست ارتيجي وبالتالي تساعد د ارسات المستقبل في التخفيف من الأزمات عن طريق التنبؤ بها قبل وقوعها، الأمر الذي يؤدي إلى السبق والمبادأة للتعامل مع المشكلات من خلال ترشيد عمليات صنع الق ارر في العديد من المجالات ومنبينها المجال التربوي من خلال توفير مرجعيات مستقبلية،مجموعة متنوعة من الطرق الممكنة لحل المشكلات، وزيادة درجة حرية الاختيار وصياغة الأهداف، وابتكار الوسائل لبلوغها، وتحسين القدرة على التأثير في المستقبل وزيادة المشاركة الديمق ارطية في صنع المستقبل وصياغة سيناريوهاته، فالدراسات ا لمستقبلية مجال مفتوح لتخصصات متنوعة،