مما تتميّز به أمتنا الإسلامية أن لها منهجا تسير عليه، فليس خاضعا لأفكار البشر وأهوائهم، حيث بيّن لنا ربنا سبحانه وتعالى في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، المنهج الذي يجب أن نتبعه لنصل إلى الغاية التي ترضي ربنا تبارك وتعالى.الاعتقاد الصحيح هو الأساس الذي تبنى عليه سائر الأركان، وحاصله الإيمان بوجود الله تعالى ووحدانيته وأنه حيّ عالم مريد قادر متكلم، وكذلك الإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فيتخلص المؤمن بهذه العقيدة من خوفه من المستقبل، لأن يثق بالله وعدالته ورحمته وسائر صفاته.أما الشريعة فتنظّم علاقة الفرد المؤمن بالله تعالى وبخلقه، حيث نجد العبادات والمعاملات، فلا يمكن للعبد أن يتقرب إلى الله إلا عن الطريق الذي يقبله ربنا ويرضاه. وكذلك علاقة الناس ببعضهم، بناها ربنا على العدالة والاحترام وكرامة الإنسان، والغش انحلال من أخلاق الإسلام، وأذى الجار من أي دين أو طائفة كان ينافي الإيمان، حتى دعتنا هذه الشريعة بنص القرآن الكريم ألا نتخلى عن مبدأ العدالة حتى مع الأشخاص الذين نبغضهم ولا نحبهم؛ لأن المحبة أمر قلبي لا يسيطر عليه الإنسان، وسلوك مرغوب بقدرة الإنسان أن يمارسه حتى مع ألدّ أعدائه.ثم يكتمل عِقدُ المنهج الإلهي بالدعوة الدائمة إلى مكارم الأخلاق، فالمنهج الذي يدعو إلى الانحلال أو يغفل عن الأخلاق منهج مصيره الزوال لا محالة، أما البقاء فللأخلاق وأهلها، ولا نستطيع أن نحصر الكمّ الهائل من الأخلاق الذي جاء به المنهج الإلهي في الكتاب والسنة، لكن نستطيع أن نقول إن هذه الأخلاق بدأت بالفرد، فبينت أهمية الجار ورتبت له حقوقا، كما بينت أهمية الطريق العام وجعلت له حقوقا، وكانت صيانة تلك الحقوق من علامات محاسن الأخلاق، لتنتهي المنظومة الأخلاقية بعلاقة الدولة المؤمنة بغيرها من الدول، حيث تبنى العلاقات الدولية على النديّة والعدالة، ولا سبيل للتخلي عن هذا المبدأ السامي أبدا.