لما كان الشعر مختلفاً كان الموقف منه . مختلفاً باختلاف المقاصد التي يرميها الشعر بسهامه، وما كان مضر اداعياً إلى الشر والباطل فسينهى عنه الخليفة، فلا يقال: إن موقفه من الشعر متناقض فتارة يرغب فيه، ومـن ترغيبه أنه: كتب إلى أبي موسى الأشعري يقول له: « مر من قبلك بتعلم الشعر، فإنه يدل على معالي الأخلاق، إذا كان أيام عمر بن الخطاب يسعى إلى تحقيق ثلاث سمات في أشعار شعراء زمانه، هي: وهو ما كانت بعثة النبي لأجله « إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ، وكانت الرسالة تسعى إلى تحقيقه. أي الحكمة (أن تضع الأمور في مواضعها) وفي وضعها في مواضعها حسن واطمئنان نفس وعقل. القصائد التي تعرض عليك، ذكر الاسم في النسب؛ أو تصاحبه مثلبة من مثالب العرب فتلزم اسـمـه مـا ذكـر، ولا بـد مــن معرفة موقعهم القبلي من القائل، وعلاقته بهم في تلك الأزمان والأحوال . وطالعوا الأخبار، فإن الشعر يدعو إلى مكارم الأخلاق ويعلم محاسن الأعمال، ويحدو على ابتناء المناقب وادخار المكارم، ويزجُرُ عن مواقعَةِ الريب، فوظائف الشعر متنوعة منها الحث على جميل الأفعال (المكارم والمناقب) في سلوك الإنسان، ويشحذ القريحة الإبداعية إذا أصابها تبلد أو خمول، فتجود بالشعر، ويزجر إتيان مواضع الريب والشبهات.