انْقَلَبَ سَعِيدٌ عَلَى ظَهْرِهِ وَحَذْقَ فِي السَّمَاءِ الْعَالِيَةِ وَهُوَ يَبْتَسِمُ ابْتِسَامَةً عَرِيضَةً مُتَوَهَّجَةً، وتَتَلأَلا عَلَى الْبَحْرِ مَرايا وَالرَّمْلُ الذَّهَبِيُّ، وشباب يسيرونَ عَلَى الرَّمْلِ الْمُبْتَلَ يَعْرِضُونَ أَجْسَامَهُمْ، وَنِسَاءٌ يَسْتَلْقِينَ فِي الشَّمْسِ مُغْمَضاتِ الأَعْيُنِ لإكساب بشراتِهِنَّ اللَّوْنَ البرونزي، وَأَطْفَالَ يَعْبَنُونَ بِالرَّمْلِ يَبْنونَ بيوتاً أَوْ يَحْفِرُونَ أنفاقاً، وَقَدْ بَرَقَتِ الْعُيونُ مِنْ حَوْلِهِ وَهِيَ تَنْظُرُ إِلَيْهِ بِانْدِهَاشِ قَالَتْ طِفْلَةٌ : " هَلِ الْبَحْرُ كَبِيرٌ يا عَمَاهُ؟ وماذا فيه؟ أجاب: " كبير يا بُنَيَّتِي، نباتات وأعشاب وَفِيهِ مَخْلُوقات مِنْ كُلِّ الأنواع : فِيهِ سَمَكٌ أَحْمَرُ ، ثُمَّ قَالَتْ : هَلْ رَأَيْتَ عَروسَ الْبَحْرِ بِاعَمَاهُ؟ قَالَ : لَمْ أرها، قالَتِ الطَّفْلَة: " وَلِماذا لَا يَذْهَبُونَ معها إلى مملكة أبيها ؟" أجاب سعيد: " لأن الإنسان الذي وُلِدَ وَعاشَ عَلَى الْأَرْضِ، لا يقوى على مُغادَرَتِهَا السَّمَكَةُ تُحِبُّ الْبَحْرَ وَالإِنْسانُ يُحِبُّ الْأَرْضَ وَهَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَة". قالَتِ الطفلة: " هَلْ تُحِبُّ عروس البحر يا عَمَّاهُ؟ أَجابَ وَعَلامَةُ الأَلَمِ بِادِيَةٌ عَلَى مُحَيَاهِ" الْبَحْرُ حَبيبي، هذا الْأَزْرَقُ الرَّحِيبُ مِنْهُ الْخَيْرُ وَالْعَطَاءُ،