فهي مستوحاة من ألفاظ الآية نفسها ، وفي ضوء طبيعة مجازها الفريدة ، التي تؤدي إلينا فكرة مصباح يضيء دون أن تمسه نار . وبعد هذا الاستبدال تتكون لدينا الجملة الآتية ، حيث يصير الرمز شفافاً تماماً : ( ولو لم تمسه نار ، يضيء النور من عاكس فيه سلك في أنبوبة ، يوقد من زيت شجرة مباركة لا شرقية ولا غربية (1) . فهنا يجب أن نلاحظ جيداً موافقة من أغرب الموافقات بين الفكرة الموحاة وبين الحقائق التي أثبتها العلم بعد ذلكويمكننا أن نلاحظ أيضاً في حالات أخرى عجزنا عن إيضاح هذه الفكرة الموحاة في ضوء فكرة الإنسان الخاصة . فلو أننا أردنا أن نخلع على عصرنا هذا المضطرب بالحروب المهلكة رمزاً مميزاً فلربما وجدناه في الفكرة الرهيبة التي توحي لنا بها ( القذيفة أو القنبلة ) ، إن رمزاً كهذا قد ورد في قوله تعالى :٢) [ الرحمن ٣٥/٥٥ ] يرسل عليكما شواظ من نار ونحاسفهل يتسنى لكائن ما أن يصوغ رمزاً لأدوات الموت أكثر من هذا ؟ ولقد كان هذا التوافق غريباً مدهشاً ، إذ لم يستخدم فن الحرب حتى معركة ) سجلماسة ( سوى السلاح الأبيض ، ففي هذه المعركة تعلم الإنجليز استعمال البارود ،وأخيراً فلكي نختم هذا الفصل الذي بحثنا فيه بعض الظواهر الطبيعية ، قد نتساءل عن مدى العالم الذي تنتشر فيه هذه الظواهر ، هل لهذا الامتداد حدود .؟ إن القرآن يجيب صراحة : والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ) [ الذاريات ٣٧/٥١ ]وهكذا يبدو الفضاء - في نظر القرآن - وكأنه لا ينتهي ، وكأنه يزداد على الدوام .