تشهد الجزائر مع نهاية هذا العقد تحولا سياسيا هاما يتمثل في الوضع إقليمي ودولي مضطرب، كذلك تقلص النفوذ الإستراتيجي الجزائري في المنطقة يؤدي إلى تآكل الأمن الوطني الجزائري. وإذا كان هذا النزاع بأبعاد مغاربية فقط فإنه ومع تزايد حدة الاستقطاب الدولي على المنطقة فقد أضحى له أبعاد دولية، وتأزم الوضع الأمني في ليبيا خاصة مع الهجوم الذي يقوده خليفة حفتر على العاصمة طرابلس يجعل الجزائر تواجه تحديات إقليمية لها بالغ الأثر على الأمن الوطني الجزائري خاصة في ظل تزايد حدة الاستقطاب الدولي على المنطقة وهو ما يؤدي بتغير التحالفات الاستراتيجية فيها. مما ينذر بالخنق الإستراتيجي للجزائر بهدف إنهاء ثقلها الإستراتيجي الاقليمي والتي تبعتها عملية عسكرية تستهدف العاصمة الليبية طرابلس التي تعتبر حاضنة حكومة الوفاق. في ظل هذا الوضع الإستراتيجي تحولت ليبيا إلى منطقة استقطاب دولي طماعا في خيراتها، وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا للدور الاستراتيجي الإقليمي الجزائري. وبالعودة إلى المواقف الاستراتيجية لهذه الدول إزاء الأزمة الأمنية الليبية نجد أن إيطاليا تدعم حكومة الوفاق، فموسكو تعترف بحكومة الوفاق وتتعامل مع حفتر واستقبلت سيف الإسلام القذافي، وكذلك يتسم الموقف الإستراتيجي الالماني إزاء ليبيا بضبابية فبرلين لم تتبنى سلوكا استراتيجيا واضحا إزاء ليبيا. إن تغير الاصطفافات الدولية في ليبيا في غير الاتجاه الذي تريده الجزائر أمر يدفع بالدور الإستراتيجي الاقليمي الجزائري إلى التآكل مما يؤثر سلبا على طبيعة التوازن الإستراتيجي في منطقة المغرب العربي. لكن مع تنامي النزعة العسكرتية المغربية وتوجه الرباط لخوض سباق نحو التسلح مع الجزائر يجعل الحذر الإستراتيجي أمر أكثر من ضروري. وهو الذي لو تم لكان إيذانا بنسف الثقل الإستراتيجي الإقليمي للجزائر بتورطها في نزاعات إقليمية لا ناقة لنا فيها ولا جمل غير جعل الأمن الوطني على المحك وقابلية البلد للاختراق الأجنبي.