تكمنُ أهميّة فنّ النحت -أحدِ أقدم الفنون البصريّة- في النّقاط الآتية. إنّ فنّ النحت ترجمةٌ تصويريَّةٌ واقعيَّة للتجارب الإنسانيّة، فهو فنٌّ رمزيُّ ينقلُ واقعًا لمجتمعاتٍ بشريَّةٍ غابرة، سواء أكان ذلك على شكل منحوتات حجريّة أو تماثيل برونزيّة، ففي الماضي، في وقتٍ لم يكن النّاس يُتقنون فيه الكتابةَ والقراءة، ووضعوها في الكنائس والأماكن المقدّسة، ومثالُ ذلك: تمثال زيوس في أولمبيا التي نُحِتَ عامَ 453ق. وكان يمثّل الآلهة في اليونان القديمة، ٢] يوفر تجربة مشاهدة أكثر واقعية يتميّز فنُّ النّحت أنّ له وجودًا ماديًّا حيًّا كونَه ثلاثيّ الأبعاد؛ إذ إنّ هذه السّمة في المنحوتات تتجاوز مسألة عَرض مجسّم هندسيّ له حِكاية، إلى كونِها قادرة على نقل مشاعر قويّة وخفيّة، بدءًا من المشاعر الأكثر رقَّةً ورهافةً، حتى الأكثر قسوةً وعنفًا. ٣] وقد أكّد ذلك النّاقد الفنيّ هربرت ريد حينما قال: "إنّ النحتَ يجبُ أن يُنظَرَ إليه على أنّه فنُّ لمسٍ في المقامِ الأوّل، فأن تتأمَّل لوحةً ذات تأثيرٍ بصريّ معلّقة على الحائط، تلك تجربةٌ أقلّ كثافةً من كونِك تتأمّل منحوتةً ذات طابعٍ تعبيريّ يمنحُكَ رفاهيّة الإحساس بالشّكل والنّظر إليه؛ من خلاله أو فوقه أو محيطه. ٣] فقد تعبّر المنحوتات عن موضوعاتٍ سياسيَّةٍ أو ثقافيَّةٍ أو دينيّة، تحقِّقُ بها لغةً من التَّواصل مع المجتمع المُعاصر، وتُفسحَ المجال للنّاظر أن يتفكّر فيها ويتأمّل وربّما يتعاطف مع قضيّة ما، ١] وهي دَمجٌ بين الأشياء والذّات؛ أيْ أنّه الفنّ الذي يقلِّدُ شخصيَّاتٍ واقعيَّة، أو يعبّر عن قضيّة حدثت بالفعل، أيْ أنّها ليست بالضّرورة ترمزُ إلى حَدَث أو شخصيّة أو قضيّة واقعيّة؛