علم النفس الاجتماعي علم كامل.  إنه ينفرد بموضوع وميدان وتقنية تحقيق.  وهذا ما يجعله يتعاط مع جميع العلوم التي تشارك في تباين الضوء على الحياة الاجتماعية. 1 تعريف علم النفس الاجتماعي :
 يتابع علم النفس الاجتماعي القضايا النفسية الاجتماعية الآنية والمحلية إنه يحلل التفاعل الذي يشارك فيه الأشخاص "هنا والآن"،  ومن شأن التفاعل هو أنه يجري ضمن الشبكات العلاقاتية والجماعات أرتبطت هته وتلك بالعائلات أو بميادين الشغل أو بالساحة الاجتماعية العامة.  لا يُحلل التفاعل الاجتماعي إلا عندما يقع في وقت ومكان معين.  ويقتضي تحليله الاعتماد على العناصر الاجتماعية الثقافية،  الاقتصادية والسياسية التي تعطي له دلالة وثقلا اجتماعيا. تجدر الإشارة إلى أن التفاعل الاجتماعي يتم بواسطة توظيف البشرية مهما كانت العناصر الأخرى التي تشارك فيه (توابع تاريخية،  وإذ يختلف هذا التوظيف حسب الأوضاع الفردية والجماعية (نفسية،  دينية .  وتسلسل ركيزتي المجتمعات .  . يمكن تعريف علم النفس الاجتماعي على النحو التالي :
 علم النفس الاجتماعي هو علم أنماط تنظيم وطرق تسيير الطاقة البشرية. 2 تعريف التفاعل الاجتماعي،  موضوع علم النفس الاجتماعي :
 ينفرد علم النفس الاجتماعي بتحليل التفاعل الاجتماعي.  في أول الأمر،  كتأثير متبادل بين شخصين أو شخص وجماعة : صغيرة أو جماعتين صغيرتين مازالت صلاحية هذا التعريف سائرة المفعول،  إذن،  يمكن الاحتفاظ بهذا التعريف والعمل به.  يُضيق هذا التعريف مجال تحليل النفساني الاجتماعي في المجتمعات المتخلفة،  مثل المجتمع الجزائري، من بين الظواهر النفسية الاجتماعية التابعة لهذا النوع الثاني من التفاعل يمكن ذكر ما يجري في الجزائر بصفة عادية منذ القدم : التنافس من أجل نهب الملك العمومي،  إهمال القوانين،  إعطاء الأولوية للمصالح الخاصة على حساب المصلحة العامة،  توظيف العنف من أجل الاستيلاء على السلطة و/أو احتكارها والاحتفاظ بها . هكذا،  يحمل التعريف الأصلي للتفاعل بدوره تناقضا قد سبق ذكره تحت صيغة أخرى.  يتكون هذا التناقض من أمرين متعارضين : إما الاكتفاء بالتعريف الأصلي للتفاعل الاجتماعي وإهمال كل ما يخرج عن حدوده العلمية ؛  وإما العمل من أجل توسيع هذا التعريف ومتابعة . يتفادى النفساني الاجتماعي هذا التناقض عندما يعتمد بنده الثاني ويتبنى،  عندئذ،  التعريف التالي للتفاعل الاجتماعي :
 التفاعل الاجتماعي هو تأثير متبادل بين طرفين لا بد أن يمثل شخص الظروف،  : أو شبكة علاقاتية أو جماعة طرفا من الطرفين،  أي لابد أن يشارك فيه شخص على أقل تقدير.  فقد يمثله كذلك شخص أو شبكة علاقاتية أو جماعة،  اقتصاد،  سياسة .  تجعله هذه القاعدة يعطي الأولوية للتفاعل الاجتماعي الذي يلاحظه مباشرة من خلال الحياة الاجتماعية ولا يوظف من أجل تحاليله أي أداة علمية مستوردة (تعریف،  مفهوم،  تقنية تحقيق .  إلا إذا تحقق من أنها تتناسب وما لاحظه في الواقع الاجتماعي ؛  وإلا فإنه يحاول أن يوسع المجال العلمي للأداة التي ينوي استعمالها أو يركب أداة جديدة،  إن وجد إلى ذلك سبيلا. لابد على النفساني الاجتماعي التابع لمجتمع متخلف أن يتبنى هذه القاعدة ليتفادى الوضع الذي يعيشه من يستبعدها،  مثل هذا المدرس بجامعة جزائرية : إلى أن تخل عن تدريس علم النفس الاجتماعي،  اقتصرت تدخلاته على ذكر بنود من نظرية نفسية اجتماعية تم تركيبها في نهاية النصف الأول من القرن العشرين وتجربة نفسية اجتماعية أجريت في مخير علمي أمريكي سنة 1952،  رغم أن معظم الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية لم تبق على ما كانت عليه.  فلماذا اتخذ هذا المدرس هذه الخطة منهجا ؟
 ومن شأن هذه الإنجازات أنها موضوعة في قالب عام،  ذي صبغة علمية.  قد يسهل عرضها للمستمعين، يؤدي التعريف الجديد لعلم النفس الاجتماعي وتوسيع تعريف موضوعه إلى تحديد ميدان هذا التخصص من جديد. لقد ثبت،  أن الجماعات الصغيرة هي التي تكون ميدان علم النفس الاجتماعي.  إذن،  أن نثبت،  ويصح كذلك إن اعتبرنا أن ميدان علم النفس الاجتماعي هو الحياة الاجتماعية اليومية نفسها.  فيجب،  إذن، لا يحلل النفساني الاجتماعي التفاعل الاجتماعي إلا واعتمد نتائج البحوث في علم النفس وعلم الاجتماع.  كما رأيناه،  هو التفاعل الذي يشارك فيه السلوك والسلوك يقوم بواسطة عناصر نفسية وفي محيط اجتماعي.  ينفتح النفساني الاجتماعي على جميع العلوم التي تساهم في تسليط الضوء بطريقة أو أخرى،  على الحياة الاجتماعية.  ولهذا، بل يتغذى من نتائج البحوث التابعة لجميع التخصصات العلمية. إن الدليل على صحة هذا الاستنتاج هو أن الاعتماد على ميزات المحيط الخارجي،  هو الذي أدى بنا إلى إعادة بناء علم النفس الاجتماعي،  التخصص الذي تابعنا بواسطته الحياة الاجتماعية ضمن مجتمع غارق في التخلف،  مثل المجتمع الجزائري. 5 منهج وتقنية علم النفس الاجتماعي :
 إن المنهج العلمي الذي يقوم عليه علم النفس الاجتماعي في المجتمعات : المتخلفة هو منهج الملاحظة بالمشاركة.  يقتضي هذا المنهج أن ينخرط الباحث في ميدان اجتماعي ما (عائلة .  ويتابع من خلاله الحياة الاجتماعية اليومية باستعمال شبكة للملاحظات كتقنية تحقيق. ما هو سبب هذا الشرط وكيف يتم احترامه ؟
 يعود هذا الشرط لما يلي : يصعب حصر ميزات التفاعل الاجتماعي. من المعروف أن الاستبيان يتكون من أسئلة تصاغ في أشكال ثلاثة.  يحتوي الشكل الأول على أسئلة مغلقة قد يجاب عنها بلا أو بنعم.  أما الشكل الثاني،  فإنه يضم أسئلة شبه مفتوحة أو شبه مغلقة،  ويحمل الشكل الثالث أسئلة مفتوحة قد يجاب عنها بطريقة حرة.  زيادة عن هذا،  يعتمد تحليل الأجوبة على الصيغة الأولى عمليات إحصائية. لكن،  مهما كانت الصيغة المستعملة،  فإن من شأن الاستبيان أنه يقتصر على حصر التصريح،  أي على الإحاطة بالسلوك الشفوي،  وهذا ما يحد من بعده العلمي والعملي في مجتمع متخلف. يصعب حصر التفاعل الاجتماعي بواسطة الاستبيان في هذا النوع من المجتمعات لسببين متكاملين،  أحدهما ميداني والآخر علمي . يتمثل السبب الميداني في الفجوة التي تبعد التصريح عن الممارسة، يمكن تقليص هذا العجز التابع للاستبيان بواسطة أسئلة مفخخة تجعل الباحث يتوقع ما سوف يقوم به الأشخاص،  فعلا،  لكن، حتى يستطيع الباحث أن يتابع التفاعل الاجتماعي في مجتمع متخلف فإنه يجب عليه أن يتقلد منهج الملاحظة بالمشاركة،  وبكلمة أدق،  جماعة،  مؤسسة مهنية .  الذي ينوي أن يتابع حيويته علميا ويعيش فيه مثل أعضاءه الآخرين.  لماذا ؟
  فيوقعوه في نفس الفخ الذي يوقعون فيه من يوظف الاستبيان. يفرض هذا الوضع على الباحث جهودا قد تدوم طويلا وهو ينفذ الخطة التالية:
 1 يركب الباحث شبكة للملاحظات بواسطة سلسلة من تساؤلات حول موضوع البحث،  وحتى يتابع بواسطتها التفاعلات الاجتماعية التي تحرك الميدان الاجتماعي الذي يحقق فيه فإنه يراعي تساؤلا بعد تساؤل،  لا يعتني بوسائل الإجابة عن تساؤل ثاني إلا عندما يعتبر أنه قد حصل على القدر الكافي من المعطيات الميدانية التقديم إجابة عن التساؤل الذي يشغل اهتمامه. تقف ثلاثة عناصر دون التحقيق في الميدان على مستوى عينة خصوصا عندما يتعلق الأمر بقضايا حساسة وجدان،  جنس،  دین، يتمثل العنصر الأول في صعوبة تحديد الميزات الاجتماعية الثقافية الاقتصادية التابعة للجماعة الأصلية التي تستخرج منها العينة.  هذا لأنه يستحيل توقع خطة مهنية اجتماعية على أساس تحصيل مدرسي أو تكوين مهني في مجتمع متخلف،  أينما ينشط المطرودون من سلك التكوين في السوق السوداء فيتفوقون ماديا واجتماعيا على حاملي الشهادات الجامعية. أما العنصر الثاني،  فهو متعلق بميزة من ميزات العينة: يجب أن تركب عشوائيا.  هذا يعني أنها تتكون من أشخاص لم تسبق لهم علاقة بالباحث فيصعب إجراء التحقيق عليهم. تصبح هذه الصعوبة استحالة لما يكون الباحث والمحقق عليه من حنسين مختلفين: يتدخل حينئذ عنصر ثالث،  وهو عنصر تابع لقضايا ثقافية اليمنع الخلوة التي يقتضيها الاستجواب. من أجل كل هذا يسهر الباحث على تسجيل ملاحظات تابعة لكل من يشارك في الميدان الذي يحقق فيه،  فكيف يثبت موضوعية تحليلة وهو لا يوظف العمليات الإحصائية ؟
  تجدر الإشارة إلى أن البحث العلمي يقتضي البرهنة والبرهنة تقوم على أدلة يمكن التحقق من صحتها.  يجب التفطن إلى أن الإحصاء،  جمعا منظما.  والملاحظة ثلاث أنواع،  أي الملاحظة التي يقوم بها الباحث شخصيا ؛  والملاحظة غير المباشرة،  أي الملاحظة التي تأتيه على أيدي أشخاص آخرين ؛  والملاحظة الوثائقية، وعندما يقوم التحليل العلمي على ملاحظات،  يجب على الباحث في علم النفس الاجتماعي أن يراعي ما يمكن اعتباره كشرط قاعدي : لا يتناول أي قضية إلا إذا توفرت لديه ملاحظات مباشرة .  وعندئذ، وإذ تتعلق الملاحظة التي تهم النفساني الاجتماعي بمحرك التفاعل الاجتماعي،  أي السلوك،  فيجب تحديده بطريقة دقيقة.  قوانين،  تقاليد، إن وجدت هاتان المجموعتان من العوامل في كل الأقطار والأزمنة فإن مضمونيهما وتأثيرهما الاجتماعي يختلفان بدرجات متفاوتة من مجتمع الآخر وحتى في نفس المجتمع من فترة تاريخية لأخرى.  بالفعل، زيادة على هذا،  يتكون السلوك من نوعين مختلفين : السلوك الشفوي والسلوك الجسدي،  أو الفعل تحت صيغته المادية البارزة.  إن يتكامل عامة،  هذان النوعان من السلوك في المجتمعات المتقدمة،  لقد رأينا أن ما يقوله ممثلو هذه المجتمعات وما يقومون به يكونان حسب الظروف،  سياقين متوازيين أو متناقضين فيستنتج المتتبع للحياة الاجتماعية في المجتمعات المتخلفة وجود ما يمكن اعتباره قاعدة اجتماعية 
 معمول بها بصفة متتالية غير متقطعة، إن سر هذا التباين متعلق باختلاف ركائز السلوك الشفوي والسلوك الفعلي
  المعالم التي لا يوجد بد من التظاهر بالامتثال لها.  مثلا،  أنه مع الوحدة العائلية .  أو الوطنية والتاخي والتعاضد والتعاون والشرف والكرامة والكرم والعمل والقانون والمصلحة العامة وما إلى ذلك من القيم والمبادئ التي يبدو كل متشبثا بها مجرد ما يتناول الكلمة بصفة رسمية.  أي الممارسة الاجتماعية بمعناها العملي،  إن صبح التعبير،  يكون السلوك الفعلي مضطربا غير مستقر،  ما يقرة السلوك الشفوي فعلى سبيل المثال، وأخيرا،  تبين المتابعة العلمية للسلوك شفويا كان أو فعليا،