في ساعة الأصيل هذه والشمس تجنح نحو الغروب وأنا متربع على قمة هذا الكتيب مثلما كنت أفعل في شبابي تتراءى لي تلك الذكريات، اسمي زايد بن سلطان آل نهيان. أولئك الذين تحملوا بصبر اسمي زايد بن سلطان آل نهيان. أنا حفيد زايد الكبير. يتنقلون دون بوصلة معتمدين على الذاكرة ومهتدين بالنجوم ومعالم الطبيعة، حتى أن بعضهم كانوا مهرة في قص أثر إبلهم على الرمال: أين ذهبت ومن أين أتت لكن رغم احتفائهم بالأصالة وذكريات الجمال والخيول استقلوا سيارات الدفع الرباعي ليواصلوا المسيرة في الصحراء. لسبب وجيه رفعت شعبي إلى مستوى الحداثة وألفت بين جماعات متباينة بماضيها الحافل بالتنافس متفاوتة من حيث المكانة والثروة جمعتها وجعلت منها أمة واحدة. طوال مدة حكمه المديدة - 55 عاماً - شهدت بلادنا فترة من النفوذ وعلو المكانة لم يسبق لها مثيل. لم يعتمد في تثبيت سلطته على القوة بل على التوازن الدقيق بين الحقوق والواجبات بالإضافة إلى تعزيز مكانته الشخصية وتوطيد الأمن الداخلي، كان هذا النجاح في إحلال الوئام بين زعماء يتطلعون إلى أن يكونوا سادة أنفسهم، وسادة على الآخر أيضاً، إنجازاً كبيراً في هذه البيئة الصحراوية القاسية حيث الحياة هي قبل كل لا يمكنكم أن تتخيلوا قسوة الصحراء التي عشنا أستعد لتسليم روحي إلى بارئها أشعر بعطش لا يرتوي إلى وعندما يوشك الهواء على النفاد يرفعون إلى السطح بواسطة حبل يسحبه أحد البحارة على الزورق هذه هي مهمته يبقون تحت الماء ما بين دقيقتين إلى أربع دقائق يجمعون خلالها بواسطة قفازات جلدية الأصداف التي يضعونها في سلال معلقة بأوساطهم. أدواتهم تقتصر على ملقط من عظم لسد المنخرين كان تكرار الغوص ينهك الجسد وكل من يمارسونه يعانون من مشكلات في السمع إن لم يصبحوا صُمّاً. وبعد مماته ترث عائلاتهم تلك الديون أمر فظيع، ترتسم على شفتي ابتسامة عندما أعيد التفكير في هؤلاء البحارة الذين لم يكن البحر، ثمرة النخلة المباركة الوفية مدركاً أنهما شريان حياة في بلاد يندر فيها الماء أو يكاد ينعدم يصبح العثور عليه الهاجس الدائم الماء ذهب الصحراء. عندما جاء دوري تابعت عمله وطورته. هل من قوى تقارن بالحب والعطاء؟ من لم يُصب أبداً بهذه الحمى لا حلفنا. من بطن أمي،