آه كلما ذكرت منزلنا القديم أحن إليه وتدمع عيني بلا شعور. ذكريات الطفولة وطفولتي كلها عشتها في ذاك المنزل الذي بات مجرد حلم لأنه انهدم وبنوا عليه ملعب للأطفال، في ذاك الحي القديم لكنه ينعش قلبي كلما تذكرته أو رأيته، أكره فكرت الهدم لأنهم يهدمون الذكريات والمشاعر معهم، بيتي القديم اشتقت إليك أحبك جداً وأحب كل التفاصيل التي كنت أعيشها في حيك، يؤسفني أن أقول أنك أصبحت لي مجرد حلم يراودني في كل لحظة. منزلنا القديم من اجمل الذكريات الى قلبي ، جدران البيت من طين يحبس الهواء البارد وتكمن فيه برودة في الصيف غير طبيعية، الغرف كلها متلاصقة وصغيرة وغرفة الجلوس فيها جلسة عربية لونها بني وفيها تداخلات من الذهبي، عندما اتذكر غرفة الجلوس تراودني ذكرى لا أنساها ما حييت، عندما كنت في السادسة من عمري كنت جالسه أشاهد التلفاز برنامج طفولي أتابعه كل يوم الساعة السابعة مساءً، قمت وجريت نحو الغرفة التي كانت فيها ألا وإذا هي تبكي وتقول برجفة: ل. لم تجاوني حينها ظلت تبكي وتنظر إلى صورة أبوها -رحمه الله- عرفت بعدها بيومين أن الحكومة قررت أن تهدم بيتنا لأنه أصبح قديما بنظرهم ولم يعد سالما وآمنا لنا. جيراننا هنا في الحي والبيت "الآمن" ليسوا كما نعهد الجيران، وأكلنا ومشربنا واحد ومعا أغلب الأوقات، لا يوجد معنى للمجاملة والحقد، كنت معه لكن تركته وذهبت إلى غرفتي لأبدل ملابسي غافل الجميع وخرج إلى الشارع رآه جيراننا ومسكه وأخذه إلى بيته ليلعب مع الأطفال واتصل بأمي وقال لها ضحكت وقالت: "فيك الخير ". وها أنا اليوم كسيرة الخاطر بهذا التقدم والتطور صحيح أنه شيء جميل لا أعترض بتاتاً لكن لماذا سلبوا منا أجمل ذكرياتنا؟ وأجمل بيت؟، البيت الذي ترعرعت فيه في طفولتي الآن أصبح مجرد تراب يلهوا عليه الأولاد وكأنهم يدوسون على قلبي بكل لحظه،