نظرا لأهميتها الإستثمارية والتنموية الناتجة عن تكلفة إنتاجها المنخفظة ومرونتها ومشاريعها المبتكرة ، ومساهمتها في رفع معدل النمو الإقتصادي باعتبارها القوة الإقتصادية للدول ، لذا سنتناول في هذا المبحث مفهوم المؤسسات الناشئة ، المطلب الأول: مفهوم المؤسسات الناشئة يعد مصطلح المؤسسات الناشئة حديث النشأة والإستعمال بالنسبة للمشرع الجزائري حيث نجده تارة يعبر عنها بمصطلح علامة مؤسسة ناشئة وتارة أخرى بمصطلح شركة ناشئة وقد سعى أغلب الباحثين في مجال العلوم القانونية لإيجاد تعريف جامع لها خاصة في ظل عدم الإستقرار التشريعي وإيرادها ضمن نصوص قانونية متفرقة وعلى ضوئها نحاول التطرق ثم نعرج إلى خصائص المؤسسات الناشئة (الفرع الثاني). و بدأ استخدام المصطلح بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، وتنتشر المؤسسات الناشئة start up بشكل خاص الإقتصاد الجديد في الولايات المتحدة ، وبما أن إستدامة ونمو هذه المؤسسات لا تزال غير مؤكدة، يرتبطون بإرادتها ويتقاضون أجورهم عندما يصلوا إلى مرحلة النضج، كما يمكن للأشخاص الطبيعين الذين يمتلكون موارد كبيرة أن يدعموا هذه المؤسسات الصغيرة . يمكن إدراج المؤسسات الناشئة start up التى إكتسبت مصداقية معينة في الأسواق المالية. رغم ماتم سرده إلا أن تعريف المؤسسات الناشئة يعرف إختلافا من دولة لأخرى مما أنتج عدة تعريف من قبل الباحثين والفقهاء وكذا خبراء الأعمال. أولا : من الناحية الفقهية استخدام التكنولوجيا الحديثة، كما إهتم الفقهاء والباحثون على إعطاء تعريفا دقيقا للمؤسسات الناشئة فعرفت على أنها كل مؤسسة شابة وديناميكية مبنية على التكنولوجيا والإبتكار والذي يحاول مؤسسها الإستفادة من تطوير منتج أو خدمة غير معروفة من أجل إنشاء أسواق جديدة . وقد عرفها أيضا رائد الأعمال الشهير ستيف بلانك على أنها منظمة مؤقتة تبحث عن نموذج إقتصادي يسمح بالنمو، مربح بشكل متكرر ويمكن قياسه، أنها تختبر نماذج إقتصادية مختلفة وتكتشف بيئتها وتتكيف معها تدريجيا، أي أن الشركة الناشئة يجب أن تعمل على نجاح مشروعها بشكل سريع وله تأثير على السوق الذي تود التواجد والعمل به بشكل فوري، أي أنها فكرة ورؤية يقوم بها بتجسيدها عامل المشروع، وتعمل في سوق غير مستقرة في كثير من الأحيان الإقتراح منتوج أو خدمة جديدة . وعليه يمكن تعريف المؤسسات الناشئة على أنها مؤسسة تسعى لتسويق وطرح منتج جديد أو خدمة مبتكرة تستهدف بها، ثانيا : من الناحية القانونية إن المشروع الجزائري لم يتطرق لتعريف المؤسسات الناشئة في القانون الجزائري لكن في إطار دعم بيئة هذه المؤسسات من خلال سن مجموعة من النصوص القانونية نتناولها على النحو التالي: 1/ في ظل القانون التوجيهي حول البحث العلمي و التطور التكنولوجي رقم 15-21 المعدل و المتمم: حاول المشرع الجزائري تعريف المؤسسة الناشئة في مضمون المادة 06 من القانون 15-21 المتضمن القانون التوجيهي حول البحث العلمي و التطور التكنولوجي، بمعنى أنها مؤسسة تتكفل بتجسيد مشاريع البحث الأساسي أو التطبيقي أو أنشطة البحث و التطوير لكن هنا المشرع الجزائري في هذا القانون قدم شرح لبعض التعريفات و المصطلحات دون أن يتناول شرح للمؤسسة الناشئة بدقة. 2/ في ظل القانون التوجيهي لتطوير المؤسسات الصغيرة رقم 17-02 : لمح المشرع الجزائري للمؤسسات الناشئة في ظل القانون 17-02 و المتعلق بالقانون التوجيهي للمؤسسات الصغيرة و المتوسطة وهذا في فحوى المادة 21 التي تنص " تنشأ لدى الوزارة المكلفة بالمؤسسة الصغيرة و المتوسطة صناديق ضمان القروض و صناديق الإطلاق وفقا للتنظيم الساري المفعول بهدف ضمان قروض للمؤسسات الصغيرة و المتوسطة و ترقية المؤسسات الناشئة في إطار المشاريع المبتكرة " يتضح من خلال نص المادة أن المشرع الجزائري هنا لم يتطرق إلى تعريف المؤسسة الناشئة، وقد ذكر قانون المالية لسنة 2020 المؤسسات الناشئة في فحوى المادة 69 منه وجاءت كالتالي " تعفى الشركات الناشئة من الضريبة على أرباح الشركات و الرسم على القيمة المضافة بالنسبة للمعاملات التجارية " ومن إستقراء نص المادة أن المشرع الجزائري قد اعفى هته المؤسسات من الضريبة على أرباح الشركات وقد أعفاها أيضا من الرسم على القيمة المضافة، وبعد صدور قانون المالية التكميلي لسنة 2020 بتاريخ 04/06/2020 حيث جاء هذا القانون بالمادة 33 و التي جاءت تعدل أحكام المادة 69 بنصها " تعفى الشركات الناشئة من الرسم على النشاط المهني والضريبة على الدخل الإجمالي أو الضريبة على أرباح الشركات " لمدة ثلاث سنوات من تاريخ بداية النشاط كما تعفى أيضا من الضريبة الجزافية الواحدة كما تعفى من الضريبة الجزافية الوحيدة القيمة المضافة، كما جاءت المادة 86 لتعدل أحكام المادة 33 من القانون رقم 20-07 المؤرخ في 12 شوال ضريبة على أرباح الشركات لمدة أربع سنوات إبتداء من تاريخ الحصول على علامة مؤسسة ناشئة و تدخل مباشرة في إنجاز مشاريعها الإستثمارية، التجهيزات التي تقتنيها المؤسسات الحاملة لعالمة" مؤسسة ناشئة % القيمة المضافة وتخضع للحقوق الجمركية بمعدل وتدخل مباشرة في إنجاز مشاريعها الإستثمارية ومن استقراء نص هذه المادة نجد المشرع الجزائري قد قام بإعفاء الشركات الحاصلة على وسم الشركات ناشئة من الرسم على النشاط المهني و الضريبة فوائد الشركات أو الضريبة على الدخل المهني مدة أربع سنوات إبتداء من تاريخ حصولها على الوسم الخاص بها مع سنة إضافية في حالة التجديد و أيضا من خلال العتاد الذي تقتنيه هذه الشركات الذي يدخل مباشرة في إنجاز مشاريعها الإستثمارية ومن الرسم على القيمة المضافة و تخضع للحقوق الجمركية في حدود %5 . كما ت حدد المشرع الجزائري بموجب المرسوم التنفيذي رقم 20-254 المتعلق بإنشاء مؤسسة ناشئة وحاضنة أعمال وكذا شرط شروط منح العلامة، فالمقصود بالمؤسسة الناشئة من خلال نص المادة 11 ذكر مجموعة من المعايير على سبيل الحصر لا على سبيل المثال وهي كالتالي: _ يجب أن تكون مؤسسة ناشئة خاضعة للقانون الجزائري _ يجب أن تكون إمكانية نمو المؤسسة كبيرة بما فيه الكفاية _ يجب أن لايتجاوز عدد عمال المؤسسة 250 عامل _ أن يكون رأس مال الشركة على الأقل مملوك بنسبة 50بالمائة من قبل أشخاص طبيعيين أو مؤسسات أخرى حاصلة على علامة مؤسسة ناشئة _ يجب أن لايتجاوز رقم أعمالها السنوي مبلغ الذي تحدده اللجنة الوطنية. الملاحظ من خلال فحوى النصوص القانونية أن المشرع الجزائري صار يستعمل لفظ مؤسسة حاملة لعلامة "مؤسسة ناشئة" بدلا من إستعمال لفظ "شركة ناشئة" أو "مؤسسة ناشئة" إذ أنه ركز في الإشارة إليها إلى عنصرين أساسين هما الإبتكار في الخدمة أو المنتج المقدم من طرف المؤسسة الناشئة وسرعة النمو ولم يذكر التكنولوجيا كمعيار معتمد في تصنيف المؤسسات الناشئة على خلاف ما هو متعارض عليه فى أغلب دول العالم. أولا : الخصائص المتعلقة بالجانب التنظيمي للمؤسسات الناشئة مجموعة من الخصائص تتعلق بالجانب التنظيمي وهي تتضح كالتالي: 1/ مؤسسات حديثة العهد ومؤقتة : بحيث لا يتجاوز عمرها 8 سنوات حسب ما جاءت به الفقرة الثانية من المادة 11 من الرسوم التنفيذي 20-254 التي نصت على أنه: " يجب أن لا يتجاوز عمر المؤسسة 8 سنوات وتحتسب 8 سنوات من تاريخ حصولها على علامة مؤسسة ناشئة" وتفسيرا لما سبق نصت المادة 14 من نفس المرسوم على أنه : تمنح علامة مؤسسة ناشئة للمؤسسة لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرى واحدة 1 حسب الإشكال نفسها" أو إغلاق أبوابها والخسارة. 2/ مؤسسة ذات أفكار مبتكرة : 4/ رأس المال المشترك : مة أو للفوز بمساعدة ودفع من قبل حاضنات الأعمال. 2/ توفير مناصب الشغل: تتميز المؤسسات الناشئة بقدرتها العالية على توفير مناصب شغل، إضافة إلى قدرة إستيعاب وتوظيف خاصة ذوي الشهادات، أصحاب الأفكار وخريجي الجامعة، وبالتالي الرد المباشر على مشكلة البطالة تكافح الدول نفسها لخلق ظروف عمل على الرغم من سيرها في طريق النمو. المؤسسات الناشئة تتميز بمجموعة من الخصائص تشكل بعضها نقاط القوة وتشكل الأخرى نقاط ضعفها نذكر منها مايلي : 1/ نقاط القوة : توازن هياكل النشاط الإنتاجي : نظرا لما تعانيه معظم الدول النامية من خلل هيكل الإقتصاد بسبب غياب قاعدة قوية من الصناعات الصغيرة والمتوسطة يستند إليها، حيث بات من الضروري تقليص الفجوة ووضع استراتيجيات لإصلاح هذا الخلل وتوسيع المنشأت الصغيرة القابلة للتطوير والإنتاج. المساهمة في تحقيق سياسة إحلال الواردات : تمكن المؤسسات الناشئة من إنتاج متطلبات السوق المحلي مما يساهم في إحلال الواردات وتنمية الصادرات وبالتالي توفير نقد أجنبي. 2/ نقاط الضعف: تتصف بخصائص تشكل نقاط ضعف لها، أبرز هذه الخصائص هي : _ محدودية وعدم القدرة على إختيار وصياغة إستراتيجية العمل _ ضعف شهرتها وعدم معرفة شريحة كبيرة من الجمهور بوجودها خاصة المتعامليين الإقتصاديين من زبائن، مايفقدها عنصر الثقة وبالتالي عدم الإقبال على التعامل معها _ صعوبة بلوغها الموارد التمويلية لعدة أسباب منها : ضعف هيكلها التمويلي ، قلة الضمانات _ لا يمكنها الإستفادة من إقتصاديات الحجم ، أي إنخفاظ التكاليف كلما إرتفع الإنتاج . المطلب الثاني : أنواع المؤسسات الناشئة وتميزها عن غيرها من المؤسسات بعد التطرق إلى المفاهيم الأساسية والخصائص للمؤسسات الناشئة يتعين علينا التعرج إلى أنواع المؤسسات الناشئة في (الفرع الأول) وتميزها عن غيرها من المؤسسات في (الفرع الثاني). الفرع الأول : أنواع المؤسسات الناشئة يوجد عدة أنواع متعددة ومختلفة من المؤسسات الناشئة سنقسمها إلى ثلاث أنواع نذكر منها مايلي: أولا : من ناحية الحجم يقصد بالحجم هنا عدد العمال والموظفين والنطاق الجغرافي المتواجدة به أو حجم رأس المال وينقسم إلى نقطتين: أ _ المؤسسات الناشئة الكبيرة: هي تلك الفئة التي تشمل الشركات التجارية التي تهدف إلى الإبتكار وإحداث موجات كبيرة في صناعتها وتحقيق النمو إلى درجات غير محدودة على الإطلاق على العكس تماما من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ب _ المؤسسات الناشئة الصغيرة والمتوسطة الحجم: يتميز نشاطها بالصغر، أي أنها لا تنوي على الإطلاق أن ينمو عملها بشكل كبير ويكون عدد الموظفين فيها أقل من في المؤسسات الناشئة الكبيرة. ثانيا : من ناحية طبيعة الحجم ينقسم بدوره إلى قسمين : الفرع الثاني : تمييز المؤسسات الناشئة عن غيرها من المؤسسات: عادة مايتم الخلط بين المؤسسات الناشئة والمؤسسات الواردة في القانون رقم 17/02 المتضمن القانون التوجيهي لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث أشار إلى المؤسسات الناشئة في المادة21 للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية المؤسسات الناشئة في إطار المشاريع المبتكرة وعليه سنحاول التمييز بين المؤسسات الناشئة والمؤسسات الأخرى. أولا : تمييز المؤسسات الناشئة عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمصغرة رغم ذلك ولا يزال يعتقد البعض أن المؤسسات الناشئة هي مؤسسات صغيرة أو متوسطة أو مصغرة وبناءا على ذلك نستنتج عدة فروق وأهمها : هدف التأسيس : المؤسسة الناشئة : تكون مختلفة حيث أن رائد الأعمال يملك فكرة مبتكرة فيبدأ بالبحث عن مستثمر ويمكن أن يشارك بها في مسابقات ريادة الأعمال وغيرها من الطرق التي يمكن أن يستخدمها ليمول بها شركته المؤسسات الناشئة : يمكن أن تتحول لشركة كبيرة خلال سنوات أو تبقى مشروع صغير لأنها تعمل على منتج أو فكرة يمكن تكرارها وقابلان لتطور أن تكون المؤسسة الناشئة هو وضع مؤقت إما بسبب عدم تحقيق نموذج الأعمال وبالتالي فإن المؤسسة الناشئة تفشل أو تختفي ممكن أن يكون تشابه بين المؤسسة الكلاسيكية التي تمر بمرحلة الإنطلاق، ثم كانت الناشئة بسلسلة من التراجع والتقدم غير قابل للتنبؤ وبعدها تبدأ في التراجع ، بينما الشركة في المرحلة الإنطلاق والنمو بمجرد ما تصل لمرحلة النضج ستستمر في الإرتفاع والنمو المؤسسة الناشئة تقدم منتجها لسوق جد كبيرة على عكس المؤسسات الكلاسيكية المؤسسة الناشئة بالرغم من الخطر المرتفع المرتبط بها فإن المستثمريين يقومون بالإستثمار في هذا النوع من المؤسسات بالموازنة بين العائد الضخم المحتمل في حالة نجاح المشروع ، بينما المؤسسات الكلاسيكية يتوجه المستثمر لسوق تنخفظ فيه درجة عدم التأكد وتحقيق أرباح عادية. الإختلاف في مصادر التمويل حيث تعتمد المؤسسة الناشئة على المستثمر الملاك ، أو رأس المال المخاطر ، ثالثا: تمييز المؤسسات الناشئة عن المقاولاتية تعتبر المقاولاتية مليئة بالإسهامات والنظريات العلمية من قبل الباحثين والعلماء منذ القرن السادس واستمر البحث في هذا المجال إلى يومنا هذا حيث أصبحت المقاولاتية أهم أسس التنمية الإقتصادية ، تتشابه المؤسسات الناشئة مع المقاولاتية في نقاط معينة لأن المؤسسات الناشئة هي شكل من أشكال المقولاتية تتشابه في : _ ترتبط المقاولاتية والمؤسسات الناشئة في عنصر الإبداع والتطوير _ كلاهما عبارة عن إنشاء مؤسسة بصفة قانونية _ قد تصبح المؤسسة المقاولاتية مؤسسة نمطية إذا قلدت منتجاتها بشكل واسع . تختلف المؤسسات الناشئة عن المقاولاتية لبعض النقاط وهي كالنحو التالي: المبحث الثاني: تجربة بعض الدول والشكل القانوني للمؤسسات الناشئة لاقت المؤسسات الناشئة نجاحا مبهرا في عالم الأعمال واشتهرت بفضل أفكارها المبتكرة وسهولة إستخدامها، في هذا المبحث سنتطرق إلى تجربة الدول في مجال المؤسسات الناشئة في (المطلب الأول) والشكل القانوني للمؤسسات الناشئة (المطلب الثاني) . تهدف التجارب الدولية إلى مدى مساهمة الإبتكار في ترقية وتطوير المؤسسات الناشئة لها من دور إقتصادي مهم في تحقيق التنمية المستدامة في ظل الإقتصاد القائم على المعرفة ، إنطلاقا من عرض مجموعة من التجارب الدولية سعيا لتطبيقها. الفرع الأول : تجربة الدول المتقدمة والدول النامية تساهم الدول والحكومات في تشجييع ودعم ظهور هذه المؤسسات لما لها من دور مهم في إرساء وتطوير إقتصاد بلدانها ودفع عجلة التنمية ، أولا: تجربة الدول المتقدمة: حيث تحاول هذه الدول على توفير بيئة ملائمة وموارد للمؤسسات الناشئة بما في ذلك التمويل والتوجيه قائمة على أفكار مبدعة ومبتكرة تعتمد بالدرجة الأولى على شبكة الانترنيت مواكبة بذلك التطورات التكنولوجيا التي تحيط ببيئة الأعمال، كما أنها تسعى لتوسيع أعمالها في أسواق جديدة لتوفر لها كل السبل والوسائل والدعم المالي والحكومي.