22 أغسطس 1951 سافرنا أنا وشخبوط، ‎بيننا وبين شركة تطوير بترول الساحل. عندما قمت بزيارة أخي لأعرض عليه تظلماتي أثار هذه القضية جزئياً رافضاً في الوقت ذاته إطلاعي على ‎التفاصيل، ‎كانت القضية بسيطة ومعقدة في آن. ‎في عام 1939 منح الشيخ شخبوط هذه الشركة امتيازاً وكذلك جميع الجزر والمياه الإقليمية». لكن في عام 1945 أبصر النور مفهوم جديد للقانون الدولي بإيعاز من الولايات المتحدة هو مصطلح «الأوفشور» ينصّ هذا المصطلح على أن أعماق البحر الواقعة في أعالي البحار لكنها مجاورة لسواحل بلد ما هي ملك لهذا البلد. الساري حتى كان رد فعل الشركة مباشراً. اعتبرت أن هذه المنطقة الجديدة هي جزء من امتياز عام 1939 الموقع مع أخي. والحال أن مصطلح «الأوفشور» لم يكن موجوداً آنذاك. لم يرفض شخبوط طلب الشركة، وله كل الحق في ذلك، فحسب بل عمد في ديسمبر 1950 إلى منح امتياز «الأوفشور» إلى شركة «سوبريور أويل ‎باريس. ‎كان القاضي الناظر في القضية يدعى لورد أسكويث، وهو في الستين من العمر ابن رئيس وزراء إنجليزي سابق، أي قبل أسبوع من وصولنا إلى باريس، وبالتالي تعود ملكية منطقة «الأوفشور» لنا ونحن أحرار في منح امتيازها لمن نشاء. أنا وشخبوط، الصعداء، على الرغم من المرارة التي شعرنا بها جراء وصف ‎بدائية، فسّر لي ذلك ستيفان شامبان أحد المحامين الإنجليز الذي دافع عنا. ومنذ ذلك الحين دأب زوار المدينة العابرون الذين أعجبوا بهذه الإضاءة العامة التي يبدو أنها الأولى في العالم، ‎إعطاء العاصمة الفرنسية هذا اللقب: «مدينة النور». التهمت بعيني كل تفصيل فيه. شخصاً غير عادي في نظر أولئك الذين يشاهدونني في لباسي البدوي مغطى الرأس بغترة. لكل بلد عاداته وتقاليده وثقافته، وأسوأ المواقف ليس أن ترتدي هذا الزي أو ذاك، ذلك أن الله أرادنا أن نكون كانت زيارة متحف اللوفر لحظة افتتان رائعة عندما دخلت إلى حرم المتحف شعرت وكأنني ألج بقدم ثابتة تاريخ البشرية العالمي حضارات شرقية قديمة مصرية، رومانية، من قاعة إلى قاعة كان هذا المتحف الرائع يكشف لي عن نفائسه. أفكان من الطبيعي ألا أحلم بأننا نستطيع أن ننعم ذات يوم بصرح ‎وأثناء إقامتنا في باريس حصل شيء من الاستلطاف بيني وبين وزير الخارجية الفرنسي موريس شومان، وهو رجل ذو مكانة. أخبرني أنه توجد في فرنسا، إدارة مهمتها الحرص على ألا تعمد بعض الأمهات البائسات اللواتي لا يمكنهن الاحتفاظ بأطفالهن، إلى التخلي عنهم. وتستدعى قابلات لزيارة الحوامل منهنّ في بيوتهن لمساعدتهن عندما يحين وقت ولادتهن. وعند حلول الليل تنار الشوارع في أقل من ثلاثين دقيقة. حدثت كل هذه التغييرات بإيعاز من رجل واحد هو نابليون الثالث، يكفي أن نريده. 6 فبراير 1954 أوقف زايد سيارته اللاندروفر عند كثيب، قريباً جداً من سيارتين أخريين، الجو خانق مع أن الفصل شتاء، كان برفقة الشيخ نجله الأكبر خليفة الداخل في عامه السادس عشر. تغطي رأس الفتى غترة ناصعة البياض تعطيه سنتين أو ثلاث سنوات زيادة في العمر. وتضرب الأرض بأخفافها، في نظام مشتت إلى حد ما. بخلاف الجمال ذات السنامين هذه الجمال العربية صالحة للسباق. كان على ظهر بعضها غطاء صغير مرقش، وكان أصحابها، وهم مدربوها أيضاً، يقودونها ودرّبوها، واعتنوا بها لهذا اليوم ‎المشهود سباق الثمانية كيلومترات عبر الرمال. يتبعه ابنه خليفة مصحوباً بصيحات الابتهاج وهتافات الترحيب وطلقات البنادق. وكفل آخر، ‎الصغيرة الخشبية. ‎سأل خليفة مشيراً إلى سنام جمل: ‎أهنا يحتفظ باحتياطي الماء؟ ‎آه، لا يظنّ ذلك الغربيون وحدهم. هذا مخزن الشحم لا الماء الشحم غني جداً بالمعادن ويمكن الجمل من الصمود ثلاثة أسابيع تقريباً من دون أن يأكل أو يشرب لأن لكن بعد فترة طويلة من الصوم ‎ماذا تقول يا زايد هتف ، فارس، ‎أحمد، ‎أتريد أن تضحك؟ على جملك الهزيل؟ وعُرقوباه بارزان للخارج ومرتدان للخلف، ‎عنقه غير سوي، وجلده مترهل. ‎رفع البندقية نحو السماء وأطلق رصاصة. ‎في الحال، ثارت الصحراء وعلا الغبار واهتزت الأرض كما لو أنها تعرضت لزلزال مرت الجمال المستحقة من السهام مندفعة إلى الأمام. ‎إلى سيارتهما. ‎العداد الـ 50 كلم في الساعة. ‎ما إن أطلق هذا التحذير حتى - وهذا ما أسعد خليفة كل السعادة - طفرت اللاندروفر متراً وارتفع الدولابان الأماميان ‎سجلت إبرة العداد 60 كلم في الساعة. ‎ألقى زايد نظرة على المرآة الخلفية. أما بقية البدو فكانوا يحاولون اللحاق بهم حاثين جمالهم على الجري بأسرع ما تستطيع. ‎لم يمض وقت طويل حتى بان العمود الذي يحدد خط ‎الأولى. وتقاطرت الجمال الأخرى إثرها. ‎كبح زايد اللاندروفر فجأة نزل منها مع ابنه وتوجها نحو بدوي مُسنّ كان يقف منذ بداية السباق قرب العمود. تبعهما ‎ماذا؟ سأل زايد. ‎لم يكمل عبارته في هذه اللحظة كان فارس يطلق صيحة ‎لم يعد أمامه عمر، وعُرقوباه بارزان للخارج ومرتدان للخلف عنقه غير سوي، وجلده مترهل». وأنه لا تخفى عليه خافية في أحوال الصقور والبشر والجياد والجمال. لكن فراستي في السباقات لا تخطئ أحياناً لكن لا يهم أن تفقد جهة الشمال إذا كنت تعرف أين الجنوب تهاني. ‎الحظ وحوّل جملك إلى جواد أصيل. ‎رأسيهما فخراً واعتزازاً. وحين أعطى فارس المبلغ الذي يستحقه ابنه استأذن فارس الشيخ زايد بأن يوزّع جائزة ابنه على الفائزين قال مشيراً إلى الرجلين، ‎أيده الشيخ زايد ثم جلس مع خليفة على الرمل، وتحلّق حولهما الآخرون وشرعوا في تقييم السباق، وحين هم الشيخ بالاستئذان للمغادرة وصل فارس ‎هذا الرجل. أبيض بالكامل، وقد أثار فضولي تفصيلان: كرة ضخمة، ‎- أرى أن كاليبسو، ‎وعلى رأسه طاقية حمراء لكلامه باللغة الإنجليزية لكنة مغايرة ممشوقة. ‎| ممتلئة ممتلئة بالفواكه والخضار. قال الرجل الذي بادرني بالكلام، أنا سيمون. ‎في تلك المرحلة لم أكن متمكناً من اللغة الإنجليزية لكن ‎كنت أتوصل إلى فهم ما يقال. ‎سالت ‎عسكري متقاعد. كنت في سلاح البحرية الفرنسية ‎إبان حرب الأربعين. ‎- أنت فرنسي إذن. ‎- تماماً. ولدت في سانت أندريه دو كوبزاك. أظن أنك لا تعرفها. هل سبق لك أن ‎ا زرت بلادنا؟ أنا وأخي الشيخ شخبوط، منذ أربع ‎سنوات وأحتفظ عنها بذكرى رائعة. ‎حملقت المرأة مندهشة. ‎يا لها من مصادفة مدهشة. ‎هتف كوستو متعجباً: ‎إذن، ‎لي مزيد الشرف، أضاف الفرنسي، حدثت عنك كثيراً، وعن أخيك طبعاً. هل تعلم أن التنقيبات التي أعتزم القيام بها ‎سدد إصبعه نحو المركب الراسي في عرض البحر. ‎- هب لنا شرف دعوتك إليه،