لا يمكن تحديد عصر أو حقبة معينة لبروز تقنية النانو ولكن من الواضح أن من أوائل الناس الذين استخدموا هذه التقنية (بدون أن يدركوا ماهيتها) هم صانعي الزجاج في العصور الوسطى حيث كانوا يستخدمون حبيبات الذهب النانوية الغروية للتلوين. كما يمكن الإشارة إلي أن كلمة النانو مشتقة من الكلمة الاغريقية (dwarf) والتي تعني جزء من البليون من الكل، وكذلك فإن نانومتر واحد يساوي عشر ذرات هيدروجين مرصوفة بجانب بعضها البعض طوليا (بمعنى أن قطر ذرة الهيدروجين يساوي 0. 1 نانومتر) كما أن حجم خلية الدم الحمراء يصل إلي 2000 نانومتر، ويعتبر عالم النانو الحد الفاصل بين عالم الذرات والجزيئات وبين عالم الماكرو. تتمثل تقنية النانو في توظيف التركيبات النانوية في أجهزة وأدوات ذات أبعاد نانوية، وفي العصر الحديث ظهرت بحوث ودراسات عديدة حول مفهوم تقنية النانو وتصنيع موادها وتوظيفها في تطبيقات متفرقة، وسنتعرض هنا لبعض الأحداث المثيرة التي صنعت مسيرة هذه التقنية وجعلتها تقنية المستقبل، ففي عام 1959 تحدث العالم الفيزيائي المشهور ريتشارد فيمان إلي الجمعية الفيزيائية الأمريكية في محاضرته الشهيرة بعنوان (هنالك مساحة واسعة في الأسفل) قائلا بأن المادة عند مستويات النانو (قبل استخدام هذا الاسم) بعدد قليل من الذرات تتصرف بشكل مختلف عن حالتها عندما تكون بالحجم المحسوس، كما أشار إلي إمكانية تطوير طريقة لتحريك الذرات والجزيئات بشكل مستقل والوصول إلي الحجم المطلوب، وعند هذه المستويات تتغير كثير من المفاهيم الفيزيائية، وقبل هذه المحاضرة، وبالرغم من وجود أبحاث قليلة على مواد بمستوى النانو وإن كانت لم تُسمّى بهذا الاسم، فقد تمكن أهلير من تسجيل مشاهداته للسليكون الاسفنجي ( porous silicon) عام 1956، وبعد ذلك بعدة سنوات تم الحصول على إشعاع مرئي من هذه المادة لأول مرة عام 1990 حيث زاد الاهتمام بها بعدئذ. وقد أمكن في السبعينات التنبؤ بالخصائص التركيبة للفلزات النانوية كوجود أعداد سحرية عن طريق دراسات طيف الكتلة (mass spectroscopy) حيث تعتمد الخصائص على أبعاد العينة غير المتبلورة. كما أمكن تصنيع أول بئر كمي (quantum well) في بعدين في نفس الفترة بسماكة ذرية أحادية تلاها بعد ذلك تصنيع النقاط الكمية (quantum dots) ببعد صفري والتي نضجت مع تطبيقاتها هذه الأيام. اندماج، ومع اختراع الميكروسكوب النفقي الماسح (Scanning Tunneling Microscope) STM بواسطة العالمان جيرد بينج وهينريك روهر عام 1981، وقد حصل العالمان على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1986 بسبب هذا الاختراع. مما فتح مجالاً جديداً لإمكانية تجميع الذرات المفردة مع بعضها، وهي عبارة عن جزيئات تتكون من 60 ذرة كربون تتجمع على شكل كرة قدم (وقد حصلوا على جائزة نوبل في الكيمياء 1996). وفي عام 1995 تمكن العالم الكيميائي منجي باوندي من تحضير حبيبات من شبه الموصلات الكادميوم / الكبريت ( أو السلينيوم ) أصغرها ذات قطر 3 - 4 نانومتر. كما أن المفهوم الفيزيائي للتقييد الكمي الإلكتروني (quantum confinement) قد بدأ في أوائل الثمانينيات أيضاً. وقد سُجَلت أول قياسات على تكميم التوصيلية في نهاية الثمانينيات وأمكن تصنيع أول ترانزستور وحيد الإلكترون (single electron transistor). وفي عام 1991 تمكن البروفيسور سوميو ليجيما من جامعة ميجي من اكتشاف أنابيب الكربون النانوية، وهي عبارة عن أنابيب اسطوانية مجوَّفة قطرها بضعة نانومتر ومصنوعة من شرائح الجرافيت. وتكمن أهمية هذا الترانزستور ليس فقط في حجمه النانوي ولكن أيضا بانخفاض استهلاكه للطاقة وانخفاض الحرارة المنبعثة منه. وفي عام 2000 تمكن العالم الفيزيائي المسلم منير نايفه من اكتشاف وتصنيع عائلة من حبيبات السليكون أصغرها ذات قطر 1 نانو وتتكون من 29 ذرة سليكون سطحها على شكل الفولورينات الكربونية إلا أن داخلها غير فارغ وإنما تتوسطها ذرة واحدة منفردة. أما التجمُّع الذاتي (self–assembly) للجزيئات،