رغم مخاوف آن وصلت العربة إلى منزل السيدة سبنسر في الوقت يقع عند جون بلدة وايت ساندس. وما كادت ترى الزائرتين حتى توجهت نحو الباب وقد ظهرت علامات الدهشة المختلطة بالترحيب على محياها السمح «أنا على أحسن ما يمكن أن أكون عليه شكرًا لسؤالك. لأني وعدت ماثيو بالعودة إلى البيت باكرًا. لا تقولي هذا يا ماريلا كتبيرت» قالت السيدة سبنسر بانزعاج. أليس هذا ما قالته لي يافلورا جين؟» استنجدت السيدة سبنسر بابنتها التي كانت قد وصلت إلى عتبة الدرج حيث تقف المرأتان. «هذا ما قالته على وجه التحديد يا أنسة كتبيرت» أيدت فلورا جين حديث أمها بجدية. «كم يؤسفني هذا قالت السيدة سبنسر. ولكنه بالتأكيد لم يكن خطئي يا أنسة كتبيرت، «كان الخطأ خطأنا» ردّت ماريلا متراجعة «كان يجب علينا المجيء إليك بأنفسنا، فرسالة على مثل هذا القدر من الأهمية ما كان ينبغي إرسالها شفهيا، كما فعلنا على كل حال، «أعتقد هذا» أجابت السيدة سبنسر بعد تفكير، «لكني لا أظن أن إعادتها إلى الملجاً ضرورية، وستكون أن البنت المناسبة لها، لم يظهر على ماريلا أنها تؤيد السيدة سبنسر فيما قالته، لم تكن ماريلا تعرف السيدة بيتر بلويت إلا من مظهرها الخارجي، ومما كان يُقال عنها أنها عاملة وحوذية فظيعة، وسرعان ما وقعت ماريلا فريسة تأنيب الضمير من مجرد تفكيرها بتسليم أن لرحمة السيدة سأدخل لنتحدث عن الموضوع بإسهاب» قالت ماريلا أكاد لا أصدق عيني هاهي السيدة بيتر عند نهاية الدرب في طريقها إلينا في هذه اللحظة المباركة» هتفت السيدة سبنسر بحماس وهي ترشد ضيفتها عبر الردهة نحو قاعة الاستقبال التي نفثت على الضيوف موجة برد قارصة كما لو أن الهواء كان قد كمن أمدًا طويلا خلف الستائر الخضراء السميكة المسدلة بإحكام. لأننا سنتمكن من تصفية هذه المشكلة حالا، وأنت يافلورا جين اذهبي وضعي غلاية الماء على النار. أهلا وسهلا ياسيدة بلويت كنا نقول الآن إن قدومك الساعة هو من حسن حظ الجميع. اسمحا لي بأن أعرفكما على بعضكما أيتها السيدتان: السيدة بلويت، بعد أن أزاحت الستائر وجلست أن على المتكاً بلا حراك، عهدة هذه المرأة ذات الوجه الصارم والعينين المخادعتين؟ وسرعان ما أعتم الأمى بريق عينيها، وقديرة كعادتها دائما على معالجة أية مشكلة وتسويتها بنباهة سواء كانت مشكلة جسدية أو فكرية أو معنوية. «يبدو أنه قد حدث سوء تفاهم بين الآنسة كتبيرت وبيني فيما يتعلق بهذه البنت الصغيرة ياسيدة بلويت قالت السيدة سبنسر. ما زلت على نفس الرأي الذي صارحتني به أمس، أعتقد أنها ستكون الفتاة المناسبة لك. صوبت السيدة بلويت عينيها نحو أن وتفحصتها من الرأس حتى ولا أعرف لماذا تكون الفتيات النحيلات أفضل من غيرهن دائمًا حسنًا، وسأتوقع منك أن تكسبي معيشتك بعرق جبينك وأنا أعني ما أقوله، وانشغالي الدائم به صار يسبب لي الكثير من الإرهاق، وإذا شئت يمكنني أخذها معي إلى البيت منذ الآن. نظرت ماريلا إلى أن ورقت مشاعرها عندما رأت وجه الطفلة الشاحب ونظرات التعاسة البكماء: تعاسة مخلوق صغير بلا حول ولا قوة وجد نفسه عالقًا من جديد في فخ سبق له أن هرب منه. أحست ماريلا بالإدانة، كما أنها لم تستلطف السيدة بلويت ولم تشعر أنه من العدل تسليم طفلة حساسة جدا لامرأة مثل تلك المرأة! لا يمكنها أن تأخذ هذه المسؤولية على عاتقها «في الحقيقة لا أعرف أجابت ماريلا بترو. وأنا لم أقرر بشكل قاطع أننا لا نريد الاحتفاظ بها، وما جئت إلا لأعرف كيف وقع هذا الخطأ، فليس من حقي حسم الموضوع قبل استشارته، في البدء خبت نظرة اليأس من العينين، ثم سطعت العينان وومضتا كنجوم الفجر، وهكذا انقلب حال الطفلة رأسًا على عقب، «أحقا يا آنسة كتبيرت أحقًا قلت إنك ربما تقررين إبقائي في المرتفعات الخضراء؟ قالت هامسة متسارعة الأنفاس، المبارك. «أحقا قلت هذا؟ أم أني تخيلت أنك فعلت؟» «أرى أنه عليك السيطرة على خيالك يا أن ما دمت لا تستطيعين فقط كوني طيبة ولطيفة معها بقدر ما تستطيعين من غير أن تفسديها بالدلال، أطلقت ماريلا نفخة من منخربها، ولن يغمض لها جفن ولو للحظة واحدة. أه يا ماريلا كتبيرت إنك غارقة في هذا الأمر حتى رؤوس أطرافك، هل تكهنت من قبل أنك ستعيشين لتري اليوم الذي سترعين فيه بنتا يتيمة؟ يا لأمرك العجيب مع ذلك هو ليس أعجب من أمر ماثيو الذي كان المحرّض الأساسي على كل ما نحن فيه الآن. يعرف ما ستتمخض عنه فيما بعد. «إنّي لأبخل بكلب أستلطفه على تلك المدعوة بلويت» قال ماثيو بحيوية غير عادية. ثم أردفت: «ولكن إما هي وإما أن نحتفظ بالطفلة لأنفسنا ياماثيو، أظنني أنا أيضًا سأرغب في هذا، وما فتئت أقلب هذه الفكرة في رأسي إلى أن بدأت أعتادها شيئًا فشيئًا، أنا لم يسبق لي أن ربيت طفلا. ولكني سأبذل جهدي «حسنًا، «إنها لمخلوق صغير مشوّق للغاية. يمكنني أن أكون أكثر تفهما لو قلت لي إنها مخلوق صغير نافع لنا. و. لكني أعتقد أنها تعرف أكثر بكثير من أعزب عجوز مثلك، هيا يا ماريلا، » قال ماثيو مؤكدًا «نعم سمعتني أقول هذا، أكثر منا. إنها تشبه المثقاب. جاهدت ماريلا لتخمد رغبتها في الابتسام تحت وطأة إحساسها بأن الواجب يقتضيها توبیخ آن على ما تفوهت به. عندك، في ذلك المساء، وعندما عادت العربية بماريلا وآن إلى المرتفعات الخضراء، وحدست السبب الذي دفعه إلى ذلك، لكنها لم تتطرق إلى ذكر أي شيء يتعلق بالمشكلة إلى أن أصبحا وحدهما في فناء الدارة يحلبان الأبقار خلف الحظيرة،