عندما كنت صغيرا كنت مولعا بالرسوم المتحركة كثيرا وما زلت إلى الآن) كنت أحب كل الأميرات والشخصيات خاصة أميرات القرون الوسطى مثل سنوايت وسندريلا والجميلة النائمة، وأعتقد أن كل الأطفال يشاركنني ذلك، ولا المغزى الذي تدور حوله القصة، ورغم التغيير الذي يطرأ على هذه القصص ليناسب الأطفال فإن هذه القصص لا تخلو من جانب مظلم خفي وراءها أو قصة حقيقية غريبة لا تصدق حرفت لتصبح أكثر قبولاً عند الناس، إذن فلنتعرف على في منتصف القرن الثامن عشر وتحديدا عام 1740 نشرت رواية للكاتبة غابرييل سوزان دي فيلنوف بعنوان: «الجميلة والوحش، والقصة كما هو معروف تدور حول فتاة جميلة تتزوج رغما عنها بوحش أو مسخ مخيف، لكنها تحبه فيما بعد ويزول عنه السحر الذي حوله إلى مسخ ويعيشان في سعادة إلى الأبد، خاصة في الزواج وعدم الأخذ برأيهن فيه وتزويج الفتيات رغما عنهن، فكانت الرواية بمثابة تنديد بهذه الممارسات لكن من أين حصلت الكاتبة على فكرة الرواية؟ وهل هي من لكن الكاتبة أعادت إحيائها وركزت على الفتاة الجميلة والمعاناة التي عانتها في تقبل شكل زوجها الذي تزوجته رغما عن إرادتها، لكن نحن اليوم سنغير تركيزنا إلى الوحش نفسه لأنه هو صاحب المعاناة الحقيقية. وإليكم القصة الحقيقيةفي عام 1537 ولد صبي صغير يدعى بيتروس غونسالفوس بمنطقة تتريف التابعة لجزر الكناري، الطفل الصغير لم يكن طبيعيا مثل بقية الأطفال، فقد كان الشعر يغطي هو إنسان أم حيوان أم مسخ. تمت معاملة بيتروس منذ طفولته كوحش صغير، وعندما بلغ العاشرة سجن داخل قفص حديدي ومنح طعاما مثل طعام الحيوانات، وفي أبريل من عام 1547 أرسل الصبي بيتروس إلى البلاط الفرنسي كهدية للملك هنري الثانيخلال تتويجه ملكا على فرنسا، فقد جرت العادة في ذلك الزمان العجيب أن يتباهى الملوك بممتلكاتهم من الحيوانات الغربية والمسوخ والأشياء العجيبة والمفاخرة بامتلاكها، لذا عند وصول بتروس إلى فرنسا سجن داخل أحد الدهاليز المظلمة، وهناك أجريت عليه أبحاث كثيرة من قبل أطباء كثيرين لم يشاهدوا مثل هذا الكائن من قبل وشكوا في كونه حيوانا متوحشا وبعد الكثير من التجارب نطق بيتروس باسمه وتمت ترجمة اسمه إلى الفرنسية وانتهت الأبحاث إلى أن بيتروس هو إنسان طفل يبلغ عشر سنوات، فوافق الملك على إطلاق سراحه وكذلك إرساله إلى المدرسة رغم شك الملك في قدرة الطفل على التعلم. وتعلم اللغة الفرنسية وأصبح مشهورا في البلاط الملكي الفرنسي، للترفيه وإضحاك ضيوفه والترويح عنهم. وقد سمح لبيتروس بارتداء ملابس النبلاء وتناول الطعام المطبوخ بدل اللحم النيئ الذي قدم له سابقا، كل هذا مقابل أن يعاملوه كحيوان بشري أليف تابع للملك وكوسيلة ترفيه. وقد لقب بالرجل النبيل المتوحشبعد وفاة الملك هنري وتولي زوجته كاثرين دي ميديتشي الحكم قررت هذه الملكة قرارا غريبا، وهو أن تزوج الوحش الأليف بيتروس إحدى الفتيات من أجل خلق أطفال آخرين بنفس التشوه. فبدل وحش واحد تتوفر لها عدة وحوش صغيرة مسلية ومضحكة تتسلى بها مع رفقائها في البلاط الملكي، وبعد بحث بسيط وجدت الملكة ضالتها في ابنة أحد الخدم البسطاء، وهي فتاة جميلة وذات أخلاق عالية تدعى كاثرين أيضا، قررت الملكة تزويج كاثرين مع بيتروس، لكن كاثرين الجميلة لمتر شكل زوجها المستقبلي أبدا، تم الزفاف والتقت كاثرين بزوجها بيتروس، فكانت الصدمة كبيرة عليها ولم تستطع فهم ما جرى ولم تستطع حتى الرفض فهذا أمر الملكة حزنت و اكتابت ولم تدر ما تفعل، أما بيتروس فقد عرف حزنها وخيبتها فيه، مع مرور الوقت تعودت كاثرين على بيتروس خاصة وأنه كان شخصا هادنا لطيفا ، بل إنها أنجبت منه سبعة أطفال أربعة منهم لهم نفس حالة والدهم والبقية كانوا أطفالا عاديين، استمر زواج كاثرين وبيتروس المدة 40 عاما ورغم اختلافهما فإنهما تقبلا حياتهما وعاشا بعد هذا الزواج حصلت الملكة على مرادها وهو وحوش فقامت بإرسال بيتروس وأطفاله في جولة في حيث تنقل بيتروس وعائلته إلى مختلف القصور في عام 1591 أجبر بيتروس على الهجرة مع عائلته إلى دوقية بارما بإيطاليا ، وهناك تملكتهم عائلة فارنيزي وعاملتهموكأنهم ممتلكات شخصية خاصة وتم توزيع أطفاله كهدايا على عدة عائلات من النبلاء. في نهاية المطاف وبعد سنين من التنقل من بلاط إلى آخر استقر بيتروس بمدينة كابوديمونتي الإيطالية وحسب سجلات المدينة، فقد توفيت زوجته كاثرين عام 1623، أما بيتروس فلم يعرف تاريخ وفاته أبدا فهو لم يعتبر من البشر ولم يسجل وفاته في السجلات. كانت نهاية هذه القصة التي عرفت فيما بعد بقصة الأميرة والوحش ذات نهاية مأساوية عكس القصة التي انتشرت فيما بعد، فأطفال بيتروس شردوا بين العائلات الثرية واعتبروا كوحوش أليفة مثل والدهم، كانت هذه هي القصة الحقيقية لواحدة من أشهر قصص لتكون النهاية سعيدة عكس القصة الحقيقية. رغم مأساوية القصة لكن بيتروس عاش في زمن لم ينهم ولم يتناسب مع حالته المرضية،