هذه قصة على لسان صاحبها وهو شاب في أواخر العشرينات من السعودية , يقول: تعودت كل ليلة أن أمشي قليلاً ، فأخرج لمدة نصف ساعة ثم أعود ، وفي خط سيري يومياً كنت أشاهد طفلة لم تتعدى السابعة من العمر ، كانت تلاحق فراشاً اجتمع حول إحدى أنوار الإضاءة المعلقة في سور أحد المنازل ، لفت انتباهي شكلها وملابسها ، فكانت تلبس فستاناً ممزقاً ولا تنتعل حذاءاً ، !! ولكن مع مرور الأيام ، أصبحت تنظر إلي ثم تبتسم ، فسألتها أين منزلكم ، وقالت هذا هو عالمنا ، وسألتها عن أبيها ، وتوفي في حادث مروري ، !!  فمضيت في حال سبيلي ، كنت كلما مررت استوقفها لأجاذبها أطراف الحديث ، سألتها : ماذا تتمنين ، ؟؟ قالت كل صباح أخرج إلى نهاية الشارع ، أشاهدهم يدخلون إلى هذا العالم الصغير ، أمنيتي أن أصحو كل صباح ، لألبس زيهم ، وأذهب وأدخل من هذا الباب لأعيش معهم وأتعلم القراءة والكتابة ، قد يكون تماسكها رغم ظروفها الصعبة ، ملابس ، ألعاب ، أكل ، وطلبت مني أن أحضر لها قماشاً وأدوات خياطة ، فأحضرت لها ما طلبت ، وطلبت مني في أحد الأيام طلباً غريباً ، قالت لي : أريدك أن تعلمني كيف أكتب كلمة " أحبك " ، وبدأت أخط لها على الرمل كلمة " أحبك " ، حتى أجادت كتابتها بشكل رائع ، !! وفي ليلة غاب قمرها ، وبعد أن تجاذبنا أطراف الحديث ، قالت لي أغمض عينيك ، وفوجئت بها تقبلني ثم تذهب راكضة ، وفي الغد حصل لي ظرف طارئ استوجب سفري خارج المدينة لأسبوعين متواصلين ، لم أستطع أن أودعها ، فرحلت وكنت أعلم أنها تنتظرني كل ليلة ، أكثر من شوقي " لأسماء " ، أحسست بشي غريب ، انتظرت كثيراً فلم تحضر ، فعدت أدراجي ، وهكذا لمدة خمسة أيام ، كنت أحضر كل ليلة فلا أجدها ، !! فقد تكون مريضة ، وقالت عندما شاهدتني ، لقد حضر ، ثم أجهشت في البكاء ، ولكني لا أعلم ما هو ، قالت لي سيحضر أحدهم للسؤال عني فاعطيه هذا ، وعندما سألتها من يكون ، قالت أعلم أنه سيأتي ، سيأتي لا محالة ليسأل عني ، أعطيه هذه القطعة ، فسألت أمها ماذا حصل ، ؟؟ فقالت لي توفيت " أسماء " ، !! في إحدى الليالي أحست ابنتي بحرارة وإعياء شديدين ، فخرجت بها إلى أحد المستوصفات الخاصة القريبة ، ولكنها كانت تحتضر بين يدي ، ماتت أسماء ، لا أعلم لماذا خانتني دموعي ، نعم لقد خانتني ، لأنني لم أستطع البكاء ، لم أستطع التعبير بدموعي عن حالتي حينها ، لا أستطيع وصفه لا أستطيع ، خرجت مسرعاً ولا أعلم لماذا لم أعد إلى مسكني ، بل أخذت أذرع الشارع ، فجأة تذكرت الشيء الذي أعطتني إياه " أم أسماء " ، يا إلهي ، لقد عرفت سر رغبتها في كتابة هذه الكلمة ،