وتلوح عقيدته من خلال تأليفه وتحديثه كما قلنا . وذلك هو الشأن في علماء الكلام حين تصدوا لتفسير كتاب الله . فالسني لاحت على تفسيره أنوار أهل السنة. والمعتزلي فاحت من جوانب بیانه روائح الإعتزال.وقد مضى بك الحديث في تفاسير المعتزلة والشيعة . ورايت كيف كان الزمخشري في اعتزاله مقتصدأ مستخفيا؟ وكيف كان القاضي عبد الجبار متعبة مستغلينا؟ وكيف كان المولى عبد اللطيف متشيعة مسرفة.وكذلك تجد في أهل السنة أنفسهم من هو قاصد في تأیید عقيدته بتفسيره كأولئك الذين ترجمناهم وترجمنا تفاسيرهم من قبل، عند الكلام على أشهر كتب التفسیر بالراي المحمود وعلى رأس هؤلاء الإمام فخر الدين الرازي ، الذي شنها حربا شعواء في كل مناسبة (1)، على أهل الزيغ والإنحراف في العقيدة. وقد سلك في تفسيره مفاتيح الغيب، المشهور بتفسير الفخر، مسلك الحكماء الإلهيين. فصاغ أدلته في مباحث الإلهيات على نمط استدلالاتهم العقلية، ولكن مع تهذيبها بما يوافق أصول أهل السنة. وكذلك تعرض لشبههم بالنقض والتفنيد في كثير من المواضع.كما أنه سلك طريقة الطبيعيين في الكونيات فتكلم في الأفلاك والأبراج، وغير ذلك مما جر إليه الإستدلال على وجود الله جل جلاله.۱) قلت: الرازي شحن كتابه بالتأويل على طريقة الخلف الممقوت، فلذلك انبرى شيخ الإسلام ابن تيمية فيالرد عليه وفضح عواره وكشف زيف مقالاته،