كانت دار الأرقم مَقرَّاً للتعارف والتآلف والتشاور بين المسلمين، وميداناً للتفكير في أحوال الدعوة، وبحث سبل دعمها والحفاظ عليها، وكان لاجتماع الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه في دار الأرقم وظائف عديدة، نذكر منها:[٤] تلاوة آيات الله -عزَّ وجلَّ- على المسلمين وبيان مراد الله منها. توضيح أحكام الإسلام، وما يدور حولهم من مكائد. تركيز المعاني الإيمانية التي تقوّي عزيمتهم. تربيتهم على تزكية أخلاقهم وتطهير قلوبهم من أدران الجاهلية ورذائل الأخلاق وسَيء العادات. تعليمهم أركان الإيمان وتطهير قلوبهم من الشرك. القيام بواجب العبادة وتعظيمها. أسباب اختيار الرسول دار الأرقم مكانًا لدعوته إذا ما تفحَّصنا الروايات التي تحدَّثت عن دار الأرقم، عرفنا سبب اختيارها مقرَّاً للدعوة، وما فيه من حِنكة وحسنِ تخطيطٍ لا نظير لهما، وهي قبيلة بني مخزوم، وكان يتزعمهم أبو جهل، إذ يُستَبعد أن يختفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم - و أصحابه في قلب العدو. أمّا صاحب هذا البيت فقد كان شاباً صغيراً في السادسة عشرة من عمره، ولم يكن معروفاً بإسلامه، أي أنَّها مقابل دار الندوة، وهو مكان آمن وبعيد عن الشكوك، فكيف لرسول الله أن يختبئ مع أصحابه في مكان قريب لهذا الحدِّ؛ لذلك لم يُسمع أن قريشاً كشفت مكان اللقاء، إنَّما كان أقصى ما وصلت إليه هو شكُّها في أن يكون لقاء المسلمين عند الصفا، فقد قال الرجل لعمر بن الخطاب عندما أراد أن يُسلم: «اذهب إلى محمد في دارٍ عند الصفا». عدد من أسلم من الصحابة في دار الأرقم استمرَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم- بالدعوة في دار الأرقم حتى بلغ عدد الصحابة أربعين رجلاً، عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- أسلم عمر بن الخطاب في ذي الحجّة سنة ست من النبوة،