من الإلقاء فن الإلقاء صفحة 115 هو فن استخدام الكلمة استخداماً مؤثراً في مجالات الاتصال بالجماهير المختلفة، كالخطبة والمحاضرة والإذاعة والتمثيل. والاحتكاك، والترقيق، والتفخيم والمد، وفن الإلقاء هو : فن تجميل الكلام. وبالحركة، والإشارة مجتمعة في وقت واحد، ابتغاء الإفهام والتأثير، ثم الإفهام؛ ويهدف التنظيم والتهذيب إلى جعل الصوت مرناً مطواعاً، بحيث يستجيب لكــل التغيرات التي تقتضيها الحالة التي يمر بها الملقي، ومن مهمات فن الإلقاء أن يطور الصوت، ومعبراً. ومن ناحية الطبقات الصوتية المختلفة، وتوسيع المدى الصوتي. 2- تطوير التلفظ من ناحية الوضوح، ومن ناحية الاعتناء بالوقف، ومن ناحية الموسيقى الكلامية، ومن ناحية سرعة أو بطء الكلام. 3- تطوير الإحساس بالكلام، ونقل تلك المشاعر إلى المتلقي. صفحة 116 الباب الثاني وتناسب أسلوب الإلقاء مع الحالة التي يمر بها الملقي، والمكان الذي هو فيه، والزمان الذي يمر به. ويرتبط بالإلقاء موضوعان أساسيان هما: الإيقاع والنبر، أما الإيقاع فهو: حركات موزونة تتكرر وفقاً لنظام خاص، أي هو دقات وسكنات تتتابع بميزان في . ولكن يبقى في كل حالة محتفظاً بدقاته وسكناته . والإيقاع موجود في النثر كالشعر مع فارق جوهري واحد هو : أنه في النثر تتطابق الوحدات اللغوية، وأما في الشعر فضرورة المساواة بين الوحدات الإيقاعية كثيراً ما تقضي بأن تنتهي في وسط اللفظ دون أن تكمل الجملة (2) . كيفية التحسس بالإيقاع : ومعرفة خواصها ومميزاتها شيء أساسي وجوهري في معرفة إيقاع كل جنس على انفراد. ومن هنا يمكن القول: إن تحسس الإيقاع عند القيام بدور معين، مثلاً، من أهمها: 1- دراسة النص الأدبي بشكل جيد وعميق، 2- دراسة النص الأدبي من حيث معرفة خصائص ومميزات ذلك النص، 3- لابد من معرفة المعنى الذي يحتوي عليه النص، كذلك معرفة الأفكار والأحاسيس التي تساعد الملقي من تحسس الإيقاع المناسب. 4- التنبه لتراكيب الجمل والعبارات التي تعطي الملقي فرصة اكتشاف الإيقاع الصحيح المطلوب (هل الجمل طويلة أو قصيرة؟. إلخ). 5- تمثل الموسيقى النفسية والداخلية للنص. ويعني النبر إشباع مقطع من المقاطع بأن يقوى إما ارتفاعه الموسيقي، أو مداه، أو عدة عناصر من هذه العناصر في الوقت نفسه، وذلك بالنسبة إلى تلك العناصر في المقاطع المجاورة. ومن أهم العوامل التي تؤثر في النبر: صفحة 117 1 - المد: هناك حروف لها قابلية على المد والقصر، فإن استطالتها أو تقصيرها يؤديان إلى الإشباع أو إلى التخفيف على المقطع الصوتي، أو الألف في (باسقة)، أو الواو في (ستون). 2- التنغيم: إن إمكانية استعمال طبقتين صوتيتين أو أكثر في الحرف الواحد تؤديان إلى تنغيم الحرف، أو الألف في كلمة (حرباء). 3- التأثير بالمجاورة كما هي في حالات الإدغام، الإلقاء ودراسة النص : على كل من أراد أن يلقي نصاً أن يتنبه إلى الأمور الآتية: 1- دراسة النص دراسة جيدة ومتعمقة. 2- التأكد من سلامة النص لغة ونحوا، 3- التعرف إلى المناسبة التي قيل فيها النص. ومتى يطيل هذا الوقوف، ومتى يعمل على تقصيره. ومعرفة الجمل الخبرية من الإنشائية . 8 - التنبه إلى الإبدال والإعلال، والإدغام، والإظهار، والإخفاء، والقلب، والنبر، والتنغيم. صفحة 118 الباب الثاني وقفة موجزة للتعريف ببعض هذه المصطلحات : الإبدال هو إزاحة حرف صامت غير معلول، كإبدال تاء (افتعل) طاء، في مثل : اصطبر، ودالاً في مثل: ازدجر، وكإبدال الواو تاء في مثل: اتصل، وهكذا. الإدغام: وهو لغة الإدخال، وحروف الإدغام ستة مجموعة في كلمة (يرملون). ويقسم الإدغام باعتبار الغنة وعدمها إلى قسمين: أ- إدغام بغنة: وهو الإدغام الذي تظهر فيه الغنة بمقدار حركتين، نحو: ﴿ مِن وَال ) 1 الرعد : 11]. ﴿ وَمَن نُعَمِّرْهُ ﴾ [يس: 68] ، وحروفه مجموعة في كلمة (ينمو). والغنة صوت يخرج من الخيشوم ملازم للنون والميم. ب- إدغام بغير غنة: هو الإدغام الذي لا تصاحبه الغنة، وحروفه الراء واللام. الإظهار: وهو لغة البيان، وهذا التعريف يعني أن تخرج النون الساكنة أو التنوين من مخرجها دون غنة زائدة، لأن الغنة صفة أصلية في النون ولها مراتب، ولا يجوز حينها الوقف على النون الساكنة أو التنوين بقطع الكلام وأخذ الهواء، ولا السكت دون تنفس، ولا تشديد النون الساكنة أو التنوين أو الحرف الذي يليهما. صفحة. 119 وأحرف الإظهار ستة، وجميعها تخرج من الحلق، وهي: الهمزة والهاء والعين والحاء والعين والخاء، وهو لغة الستر، وأما اصطلاحاً : فهو النطق بالنون الساكنة أو التنوين بحالة بين الإظهار والإدغام عارية عن التشديد، وحروف الإخفاء هي الحروف الباقية بعد حروف الإظهار الستة، وهي خمسة عشر حرفاً، جمعها صاحب تحفة الأطفال في صف ذا ثنا كَمْ جَاد شخص قد سما دم طيبا زد في تقى ضع ظالما القلب: هو لغة التحويل، فإذا وقعت الباء بعد النون الساكنة أو التنوين وجب عندها ما يلي: أ- قلب النون الساكنة أو التنوين ميماً. والغنة هنا صفة للميم، ويكون إخفاء الميم بإضعافها وذلك بتقليل الاعتماد على مخرجها وهو الشفتان. أَنْ بُورِكَ ﴾ ، و الانتباه إلى لفظ همزة الوصل. 10 - التنبه إلى المد، والمد إطالة الصوت بحرف من حروف المد الثلاث، وهي: الألف الساكنة المفتوح ما قبلها، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها . 11 - التنبه إلى التفريق بين أنماط الجمل، هل الجملة إثباتية، أو نافية، أو استفهامية ؟ صفحة120 - وفهم النص يحتاج إلى دراسة تحليلية له تختلف في عمقها وسعتها من نوع معين إلى نوع آخر، فالنص التمثيلي يحتاج إلى دراسة حياة الكاتب وفلسفته وآرائه، ومسرحياته التي كتبها . وفي النص الشعري لابد من فهم المناسبة، وفي الخطبة لابد من معرفة نوع الخطبة، ومناسبتها، ومعرفة أجزاء تلك الخطبة . ويجب تذكر أن لكل مقام مقالاً. 1- التنفس الخاطئ، ب عدم قدرة أدوات التشكيل على العمل. ح - الخطأ في مخرج الحرف، أو في تكوين الحرف. د - العيوب التشريحية الأخرى التي قد تصيب أدوات التشكيل فتعطل عملها . . صفحة 121 وقفة عند بعض الأساليب البلاغية يتطلب الإلقاء دراية ببعض الأساليب البلاغية. وهنا يمكن الوقوف عند بعض هذه الأساليب، والقضايا التي يجب على الملقي أن يعرفها؛ ومنها : الفصاحة والبلاغة 1- الفصاحة: هي الألفاظ البينة الظاهرة، والمأنوسة الاستعمال بين الكتاب والشعراء لمكان حسنها. والكلمة الفصيحة هي التي تخلو من عيوب ثلاثة؛ ب - ضعف التأليف. وهذه الملكة تتكون بكثرة الاطلاع، د - التأثير. يستطيع بها أن يؤلف كلاماً بليغاً في أي غرض يريده، فالبليغ يحتاج إلى : أ- موهبة. الخبر والإنشاء : معنى الخبر : والمقصود بصدق الخبر مطابقته للواقع، والمقصود بكذب الخبر عدم مطابقته للواقع. فهذا خبر يحتمل الصدق والكذب. فإذا خرجنا من البيت وتأكدنا من حضور الزائر، فالخبر صادق وإن لم نر الزائر فالخبر كاذب. وهو ما لا يحص مضمونه ولا يتحقق إلا إذا تلفظت به. ويقسم إلى قسمين: طلبي، وغير طلبي. ويضم الإنشاء غير الطلبي مجموعة من الصيغ، منها: أفعال المدح والذم، وصيغتا التعجب، وأفعال الرجاء، وكم الخبرية، ورب. أما الإنشاء الطلبي فيضم: الاستفهام، والأمر والنهي، والتنغيم، ومن هذه المعاني: الدعاء، والالتماس، والتعجب، والتوبيخ والتحسر، والتهويل، والتكثير - بعض المعاني البلاغية التي تفيدها أساليب من الإنشاء الطلبي: والمخلود الخالق. ومثال ذلك قول المتنبي يخاطب سيف الدولة (8): أذا الجود أعط الناس ما أنت مالك ولا تعطين الناس ما أنا قائل صفحة 123 2- الالتماس، ويكون بين نظيرين متساويين منزلة وقدراً ، فهو طلب الند من الند، والصديق من الصديق. يا خليلي قربا لي ركابي واسترا ذاكما غدا عن صحابي 3- النصح والإرشاد، ومثال ذلك قول خالد بن صفوان لابنه : دع من أعمال السر ما لا يصلح لك في العلانية". صلے 4- التهديد، فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ (10) . 5- التمني، ألا أيها الليل الطويل ألا انجل ومثاله قوله تعالى: ﴿ . فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (1). الخ. النهي: ومن معانيه البلاغية: 1- الدعاء، ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا . 2- الالتماس، فلا تقتليني إن رأيت صبابتي كقوله تعالى: ﴿ لَا تَسْتَلُواْ عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ . (15) ومثال ذلك قول الخنساء (16): أعيني جودا ولا تجمدا ألا تبكيان لصخر الندى الخ صفحة124 الاستفهام ومن معانيه البلاغية 1 - الأمر، كقوله تعالى: . 20) 2 - النهي، كقوله تعالى : . أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ . ، أي لا ومن لم يعشق الدنيا قديماً؟ ولكن لا سبيل إلى الوصـــــال كقوله تعالى على لسان إبليس : . وَمُلْكِ لَّا يَبْلَى ) (2). 5- التعجب، كقول الرصافي (23) : كقوله تعالى : . (24) . من أية الطرق يأتي مثلك الكرم أين المحاجم يا كافور والجلم؟ 8- التقرير، كقوله تعالى: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ (26). و التسوية: كقوله تعالى: ﴿ . سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ وَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ (27) ومثاله قول المتنبي يخاطب سيف الدولة (28) : يا أعدل الناس إلا في معاملتي فيك الخصام وأنت الخصم والحكم 2- التحسر، يَلَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا ﴾ (29) . صفحة 125 3- التعجب، كقول طرفة (30). يا لك من قبرة بمعمر 4- الندبة، فوا أسفا ألا أكبٌ مُقَبِّلاً لرأسك والصدر اللذي ملنا حزما ! يا قلب ويحك ما سمعت لناصح لما ارتميت ولا اتقيت ملاما كقول الشاعر: يا لقومي ويا الأمثال قومي لأناس عتوهم في ازديـــــاد الخ الوصل والفصل: الوصل: هو عطف جملة فأكثر على جملة أخرى بالواو خاصة، أو دفعاً للبس يمكن أن يحصل، وله مواقع متعددة . أو بمنزلة المتحدتين، مثال ذلك قوله تعالى: ﴿ فَمَهْلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلُهُمْ رُوَيْدًا ) (3) . ويمكن القول: إنه يتحتم الوصل عندما تختلف الجملتان في الخبر والإنشاء، فمثلاً لو سألت صديقك عن صحة أخيه، فتقول له: هل شفي أخوك؟ فإذا قال لك: "لا، فهو مخطئ في التعبير، وهو على كل حال لا يقصد هذا. لذلك صفحة126 وجب الوصل في هذا الموضع، والقول: "لا، والتقدير "لا، لم يشف من مرضه". هذه هي الجملة الأولى، الإيجاز والإطناب : الإيجاز أو هو التعبير عن المقصود بلفظ أقل من المتعارف، أ- إيجاز الحذف ويكون بحذف شيء من الجملة دون أن يختل المعنى لوجود قرينة تدل على المحذوف. ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿ وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ. أي أهل القرية. ب - إيجاز القصر، ويتحقق بأداء المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة دون حذف، ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ. فإن معناه كثير، ولفظه يسير. هو زيادة اللفظ بعبارات إضافية إلى اللفظ الأصلي لغاية الفائدة، وقد تكون زيادة اللفظ لغير فائدة، فلا تسمى إطناباً، بل هي تطويل وحشو. ويأتي الإطناب في الكلام على أنواع مختلفة؛ لأغراض بلاغية، كالإيضاح بعد الإبهام، والتذييل والاحتراس، ولابد من ملاحظة أن الإيجاز يحسن في مواقف، فلكل مقام مقال. التشبيه: هو إلحاق أمر بأمر آخر في صفة أو أكثر بأداة من أدوات التشبيه ملفوظة، أو ملحوظة، وله أنواع متعددة. الفتاة كالزهرة (في رقتها)، وقد يقلب التشبيه زيادة في المبالغة نحو : كأن غرة الصباح وجه الملك. صفحة 127 الاستعارة: ضرب من المجاز اللغوي، وهي تشبيه حذف أحد طرفيه، وهي عدة أنواع . ومن أمثلة ذلك بكت السماء، الكناية مع جواز إرادة المعنى الأصلي، أو هي اللفظ الدال على معنيين مختلفين، حقيقة ومجازاً من غير واسطة لا على جهة التصريح. وتقسم إلى عدة أقسام . ومن أمثلتها قوله تعالى . سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ) (36) كناية عن المهانة والإذلال. مَكْظُوم ) (37) ، فصاحب الحوت كناية عن النبي يونس عليه السلام. نثراً كان أم شعرا، (38) ، ونحو قوله تعالى: ﴿ . حيث الطباق في اللفظين (تعلم ولا أعلم). والثاني طباق السلب.