لاشك إن موضوع حقوق الانسان يحظى بأهمية خاصة ليس فقط في ظل الوقت إلا إن الأهمية تتباين من عصر الى آخر، في العصور الماضية كانت تقتصر على المساواة المدنية وحق الحرية والملكية إلا إنها لا تتسم بالثبات وإنما في حالة تطور وتعدد واسع، لاشك إن جميع الحقوق والحريات مهما تعددت صورها لا يمكن التمتع بها بشكل مباشر كونها ليست مطلقة ما لم يكن هناك تنظيم قانوني يبين مداها وآلية التمتع بها من قبل الأفراد دون أن يسبب ذلك ضرراً بحقوق وحريات الآخرين فضلاً عن إن الحقوق والحريات التي يتمتع بها الافراد في ظل تقدم الوعي السياسي والثقافي وانتشار مبادئ الديمقراطية لم تكن بعيدة عن تدخل السلطة في كل دولة من دول العالم وإنما تصل الى حد حرمان بعض الأفراد من بعض الحقوق والحريات، الحماية اللازمة لتلك الحقوق والحريات ومحاسبة من يتجاهل أو يستخف بها أي كان وفي كل مكان وزمان لأن حقوق الانسان أقرتها الشريعة الاسلامية منذ بدء الخليقة لكونه خليفة الله في الأرض بصريح (آية الخلافة، قبل أن تقرها الاعلانات والمواثيق الدولية للأفراد في كل أرجاء المعمورة احتراماً لطبيعته الانسانية اولاً : تعريف حقوق الإنسان : يتكون مصطلح حقوق الإنسان من كلمتين هما (حقوق) و انسان) لذلك وجب علينا تجزئة هذا المصطلح ومعرفة المعنى اللغوي لكل من اللفظتين قبل المباشرة في بيان تعريف مصطلح حقوق الإنسان. أ. المعنى اللغوي للفظ الحقوق وهي جمع حق وان للحق معاني عديدة حسب المواضع التي يأتي فيها ومن هذه المعاني (الحق) هو البيان الواقع والواقع بصفة حتمية فحق الأمر، ما صح وصدق وثبت فالحق في اللغة هو أسم من أسماء الله تبارك وتعالى وصفته، تعالى ذُلِكَ بِأنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ والحق في اصطلاح أهل :القانون هو مجموعة القرارات التي تحكم الأفراد كونهم يعيشون اما في المنطق فهو الواجب الذي ينبغي أن يطلب. أما في الشريعة الإسلامية فقد عرف الحق عند الفقهاء هو: (ما ثبت به الحكم، ومهمة القضاء الكشف عنه لتعيين آثاره، 1- صاحب الحق الشخص) . 2 محل الحق الشيء او العمل الذي يرد عليه الحق) . ويتم ذلك من خلال إقامة الدعوى القضائية) للمطالبة بحماية الحق بحث الفقهاء _ من كافة المذاهب الاسلامية - موضوع الحق في باب الحكم على الغائب فقسموا الحق إلى مراتب تبعاً لقوّة ؛ فهناك من الحقوق مـا يثبت بأربعة شهود، وهناك ما يثبت بثلاثة شهود، وهناك ما لا يثبت إلا بشهادة الرجال. ب. المعنى اللغوي للفظة الإنسان : هو ما يشمل الذكر والأنثى وهو اسم مشتق من الأنس ووزنه أما شرعاً فالإنسان هو الكائن الحي المفكر الذي خلقه الله تعالى لأعمار الأرض وعبادته كقوله تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثْ وقوله تعالى " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، هو كائن له وعي ذاتي ويمتلك زمام نفسه ومسؤول عن أفعاله منفتحاً على أمثاله مندمجاً مع الجماعة ، وحياة الانسان متعددة الجوانب اقتصادياً ، والجانب الاجتماعي يندمج مع كل تلك الجوانب ، ثانياً : - مفهوم حقوق الإنسان عرف مصطلح حقوق الانسان في القرن الثامن عشر الميلادي، ويعود الفضل إلى الاعلان الفرنسي لحقوق الانسان الذي أعلنته الجمعية الوطنية في الصادر سنة 1789م، 3الفرنسية ضد حكم الملك لويس السادس عشر (1774-1792) ، وذاع صيت عبارة حقوق الانسان والمواطن في اوروبا اولاً ومن ثم في كل قارات العالم الأخرى . تبنى اعلان الحقوق الفرنسي لسنة 1789م : ( يولد الافراد ويعيشون أحراراً ويتساوون في ثم أكد الدستور الفرنسي لسنة 1791م مبادئ الاعلان : ( لا يجوز للسلطة التشريعية ان تضع أي قوانين من شأنها ان تضر او تعرقل ممارسة الحقوق الطبيعية والمدنية المنصوص ان مفهوم حقوق الانسان ارتبط دائماً بفكر سياسي متغير، ويتباين من مجتمع لآخر ، فقد يتسع في دولة ما ويضيق في ليس هناك تعريف لحقوق الإنسان بل هنا العديد من المفاهيم التي تختلف من مجتمع لآخر أو من ثقافة إلى أخرى وفيما يلي استعراضا لبعض من هذه التعاريف الواردة في بعض المصادر 1- الحقوق اللصيقة بالإنسان والمستمدة من تكريم الله له وتفضيله على سائر مخلوقاته والتــي تبلورت عبر تراكم تأريخي من خلال الشرائع والاعراف والقوانين الداخلية والدولية ومنها تستمد وعليها تبنى حقوق الجماعات الانسانية في مستوياتها المختلفة شعوبا وامماً ودولاً. 2- تعريف محمد المجذوب وهو باحث لبناني عرّف حقوق الإنسان بانها : (مجموعة حقوق الطبيعية التي يمتلكها الإنسان واللصيقة بطبيعته والتي تظل موجودة وأن لم يتم الاعتراف بها بل أكثر من ذلك حتى لو انتهكت من قبل سلطة ما. 3 - عرفها الفقيه رينيه كاسان، وهو احد واضعي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : ( انها فرع من فروع العلوم الاجتماعية يختص بتحديد الحقوق والرخص الضرورية التي تتيح ازدهار شخصية كل فرد من المجتمع استنادا الى كرامته الانسانية). - وعرفها آخرون انها ) تولد مع الفرد ولا تحتاج في ممارستها الى اعتراف الدولة أو حتى تدخلها وأنما يتحدد دور الدولة بمجرد تنظيم استعمال هذه الحقوق من قبل الأفراد ورفع التعارض المحتمل بينهم اثناء استعمال هذه الحقوق). سل la هناك مجموعة صفات اساسية لحقوق الانسان يمكن إيجازها بالآتي: فهذه ليست وليدة التطورات الاجتماعية فكما أن لكل انسان الحق في الحياة الآن فأن الإنسان البدائي كـان لـه فهي تبقى ببقاء البشر، وهذه الصفة تمثل الضامن الأساسي الذي 2- حقوق الإنسان لا تشترى ولا تكتسب ولا تورث فهي ملك البشر ، وهي ليست منحة من وهي متأصلة في كل فرد من افراد وهي ملزمة التطبيق -3- أنها موجودة حكماً لا موجب لإقرارها من قبل سلطة تشريعية أو دستورية أو أية سلطة وهذا ما فعلته الأمم المتحدة عندما قامت بإعلان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولا على بقعة واحدة وإنما هي حقوق موجودة ملازمة للإنسان في كل زمان وفي كل مكان، ولا لكي يعيش جميع الناس بكرامة تامة يحق لهم ان يتمتعوا بالحرية والأمن وبمستويات معيشية لائقة.