باحث في العلوم القانونية نشر الثقافة القانونية أحد الاهتمامات ونُسجت حول هذا القانون نظريات ودراسات فقهية شملت مختلف الميادين والفروع المرتبطة بالنظام القانوني الدولي ككل. وفي خضم ذلك يتم طرح تساؤل جوهري حول مصير القانون الدولي أمام الانتهاكات المتتالية لقواعده التي وُضعت لا ليتم انتهاكها وإنما لاحترامها وتطبيقها من طرف المخاطبين بها وعلى رأسهم الدول. وما دام أنه يتم الدهس على المبادئ التي قامت من أجلها منظمة الأمم المتحدة ووُضعت قواعد قانونية دولية. بما يعنيه ذلك من توقيع الجزاء والعقاب على كل مخالفة وخرق للقواعد التي ينص عليها. فإنه ومن الناحية العملية يبقى تطبيق القانون الدولي على أرض الواقع بعيد عن المأمول ومخيبا لكل الآمال. بحيث أنه لا يمكن الحديث عن سلم أو أمن دولي في ظل أوضاع الحروب والقلاقل والاضطرابات التي تعرفها مختلف مناطق العالم. هذه الأفعال التي تتخذ مختلف الأشكال والأساليب وتُمارس في أحيان كثيرة في واضحة النهار وبطرق بشعة لا تخفى على أي متتبع. حتى أضحت هذه الهيئة وبأجهزتها المختلفة تكتفي فقط بالتنديد وبالتصريحات الشفوية والكتابية المعبرة عن الأسف والاستياء مما يقع من انتهاكات للقانون الدولي. لقد قامت هيئة الأمم المتحدة في الأساس لحفظ السلم والأمن الدوليين، وهي أحد المقاصد الأساسية التي تبنتها في ميثاق سان فرانسيسكو المؤسس لها، وتقنين القانون الدولي وصياغة قواعده جاء لتجسيد هذا المقصد الذي كان منطلق لولادة نظام قانوني دولي. حتى باتت هناك ما يُطلق عليها ببُؤر التوتر في الإشارة إلى المناطق التي تشهد هذه الاضطرابات. ورغم المساعي الدولية التي تُبذل التي لا يمكن إنكارها لتطوير قواعد القانون الدولي في اتجاه تنفيذ مقتضياته على أرض الواقع، فآلية القرارات على سبيل المثال التي تصدرها سواء الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن، غالبا ما لا يتم الالتفات لها ولا يتم أخذها على محمل الجد وتطبيقها من قبل الدول التي تهمها هذه القرارات، كما أن التحقيقات التي تُجرى على الصعيد الدولي وتحت إشراف الأمم المتحدة غالبا ما تواجه صعوبات ولا تخرج بالنتائج المرجوة، من خلال منح المحكمة صلاحية وسلطة متابعة ومحاكمة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء، بل إن هذه المحكمة التي أنشئت سنة 2002 ماتزال تواجه تحدي مصادقة الدول على نظامها الأساسي المنشئ لها. ومما لا جدال فيه أن الانتهاكات المتتالية للقانون الدولي تجعل من هذا الأخير مجرد نوايا وآمال مكتوبة، لا ترقى لدرجة القانون الذي من خصائصه الجوهرية الإلزامية وترتيب الجزاء عن مخالفته ولو بالقوة المشروعة إن اقتضى الحال.