وفوق ذلك صاحب دين وخلق، وكان له أبنة غاية في الجمال، وفوق ذلك صاحبة دين وخلق. لا يملك من الدنياء قليلا ولا كثيرا ولكنه يملك الدين والخلق، ومن ملكهما فقد ملك كل شيء. وقال له اذهب إلى تلك البساتين وأحفظ ثمرها وكن على خدمتها إلى أن آتيك. مضى الرجل وبقي في البساتين لمدة شهرين. جاءه بقطف فإذا هو حامض. فقال اتني بقطف آخر إن هذا حامض. فجأءه بالثالث فإذا هو حامض. وقال يا مبارك أطلب منك قطف عنب قد نضج، ألا تعرف حلوه من حامضه ؟ قال والله ما أرسلتني لأكله وإنما أرسلتني لأحفظه وأقوم على خدمته. ولكني راقبت الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. وأعجب بورعه وقال الآن أستشيرك، وقد تقدم لابنتي فلان وفلان من أصحاب الثراء والمال والجاه، فمن ترى أن أزوج هذه البنت ؟ لقد كان أهل الجاهلية يزوجون للأصل والحسب والنسب. وعلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نظر وقدر وفكر وتملى فما وجد خيرا من مبارك، قال أنت حر لوجه الله (أعتقه أولا). ثم قال لقد قلبت النظر فرأيت أنك خير من يتزوج بهذه البنت. فذهب وعرض على البنت وقال لها: إني قلبت ونظرت وحصل كذا وكذا، قالت فإني أرضاه مراقبة للذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. فكان الزواج المبارك من مبارك. حملت هذه المرأة وولدت طفلا أسمياه عبد الله،