بعد ليلةٍ من سلسلة قصص الأنبياء، انتهت قصة قوم ثمود الذين كُفِروا بنعمة الله، وكذبوا نبيهم صالحاً، وذبحوا ناقة الله، مُتبعين خطى قوم عاد في الكفر والتكذيب، فحلّ بهم العقاب سريعاً. لم تتوقف عجلة الزمن، ولم تتعلم البشرية من أخطائها؛ فمع كل أمة تهلك، تأتي أخرى تحمل نفس سمات الطغيان والكفر والتكذيب. برزت حضارة جديدة في بابل، غارقة في عبادة الأصنام، يحكمها ملك ظالم يدعي الألوهية، إلا أن ابراهيم الخليل عليه السلام، ولد في هذا الظلام، باحثاً عن الحقيقة منذ صغره، رافضاً عبادة الأحجار. بدأ دعوته في وجه أقوى ملوك الأرض، وسنرى المحن التي واجهها حتى صار أمة، وما حدث في وفاته، ومكان دفنه، وما قاله له ملك الموت، ومن تولى الحكم بعده، ومن بعث بعده من الأنبياء. في بابل، ولد إبراهيم وسط قوم كافرين يعبدون الأصنام، يحكمهم النمرود بن كنعان الذي ادعى الألوهية. كان والد إبراهيم نجاراً ينحت الأصنام. ابراهيم، منذ صغره، كان عقله يفيض بالأسئلة، وقلبه يرفض عبادة الحجارة. تساءل كيف يعبد الناس ما صنعوه بأيديهم؟ مع مرور الأيام، وصل إبراهيم إلى يقين أن الله واحد أَحد. بلُغ إبراهيم الأربعين، واصطفاه الله نبياً ورسولاً، مُكلفاً بتحطيم الأصنام، وهداية قومه، ومواجهة الطغاة. لم يكن تكليف إبراهيم مجرد أمر عابر، بل نقطة تحول في تاريخ البشرية، فالله جعله أبا للأنبياء، وإماماً للحنيفية. بدأ نضاله مع أبيه وقومه الكافرين، ثم مع النمرود. كان إبراهيم صادقاً مع قومه قبل وبعد النبوة، صادقاً في استسلامه لأوامر ربه. واجه إبراهيم الطغيان، وحاول بكل قوته أن يخلص قومه من ضلالاتهم، مُوجهًا إليهم النصائح بالحكمة. كان أبوه أزر رئيساً في عبادة الأصنام، وكان إبراهيم يبيعها في الأسواق، مُستهزئاً بها. حاول إبراهيم نصح أبيه أزر، لكن أزر رد عليه بجفاء وهدده بالرجم. رد إبراهيم بالحلم والحكمة، مُعلنًا اعتزاله لأبيه وقومه. يوم القيامة، سيدفع أزر ثمن كفره. دعوة إبراهيم قومه مستمرة، مُبيناً لهم أن الأصنام لا تضر ولا تنفع. في يوم العيد، كسر إبراهيم أصنامهم، ووضع الفأس على أكبرهم، مُلقيًا اللوم عليهم. اعترفوا بظلم أنفسهم، لكنهم عادوا للضلال. طلبوا حرق إبراهيم، فأوقدوا ناراً عظيمة، لكن الله أمر النار أن تكون برداً وسلاماً على إبراهيم. خرج إبراهيم من النار سالماً، فانتشر الخبر. وصل الخبر إلى النمرود، الذي أراد اختبار إبراهيم. قال النمرود: "أنا إله"، فرد إبراهيم: "ربي الذي يُحيي ويميت". أراد النمرود إثبات أنه يُحيي ويميت، فأحضر رجلاً، وأمر بقتل الآخر، لكن إبراهيم أدهشه بقوله: "إن الله يأتي بالشمس من المشرق، فأت بها من المغرب". بهت النمرود، وعجز عن الرد. وعد النمرود إبراهيم بالقتل، لكن الله حفظ نبيه، وأرسل ملكاً للنمرود يدعوه للإيمان، فابي النمرود، فأهلكه الله بالبعوض. سأل إبراهيم الله: "ربّ أرني كيف تُحيي الموتى؟"، فأمره الله بأخذ أربعة من الطيور، ففعل إبراهيم، ثم جمعها الله. استمر إبراهيم في دعوته، لكن قليلًا من استجابوا. هاجر إبراهيم إلى أرض الكنعانيين، وحاور قومه، مُبينًا لهم أن الشمس والقمر والنجوم مخلوقات الله، وأن الله وحده هو المستحق للعبادة. هاجر إبراهيم إلى مصر، ولما وصل الى مصر، أخبر ملك مصر ان ساره اختُه، لكي يحميها من بطشه. حفظ الله ساره من الملك الظالم. عاد إبراهيم وسارة وهاجر إلى فلسطين. ذهب لوط إلى أهل سدوم، ودعاهم إلى ترك الفاحشة، لكنهم لم يستجيبوا. رزق الله إبراهيم بإسماعيل من هاجر، ثم بإسحاق من سارة. غارت سارة من هاجر، فأمر الله إبراهيم بنقل هاجر واسماعيل إلى مكة. ترك ابراهيم هاجر واسماعيل في مكة، ووجدت هاجر بئر زمزم. كبر اسماعيل، ورأى ابراهيم رؤيا امره الله بذبح اسماعيل، ففعل ابراهيم، لكن الله فداه بكبش. انتقل ابراهيم الى مكة، وبنى الكعبة. توفي ابراهيم عن مئة وعشرين سنة. بعد ابراهيم، بعث الله لوطاً الى قوم سدوم.