عاش المغرب والأندلس متحدين اتحاداً نسبياً نحوا من ثلاثة قرون، وقد تم الانصهار والتمازج بين العنصرين لما كان بين البلدين من أواصر شتى، فكان الأندلسيون يفدون على مراكش عاصمة المرابطين والموحدين، ثم على فاس حاضرة المملكة المغربية في عهد المرينيين. ولم يكد ينتصف القرن - السابع الهجري الذي شهد سقوط معظم العواصم الأندلسية في قبضة الإسبان حتى تضخمت - حركة الهجرة، فكان لذلك أثره الفعال في حياة المغرب. فنقلوا معهم نماذج الحضارة الأندلسية التي طبعت إذ ذاك الاجتماعية والاقتصادية والفكرية المغربية بطابع الفخامة والرقة، في ميدان التجارة والاقتصاد والموسيقى. ففي كل من فاس وتطوان تلاحظ إلى اليوم وجود أعراف ومظاهر يرجع أصلها إلى المهاجرين الأندلسيين. وهناك كثير من العادات والأساليب أقتبسها الفلاحون المغاربة من إخوانهم الأندلسيين. ومنها تسجيل الأثمان في بطاقة وتعليقها على البضائع المعروضة للبيع. وغرسوا الأشجار وأحدثوا الأرجي الطاحنة بالماء؛ وكذلك الأساليب المعمارية نفسها اتخذت في المغرب شكلها النهائي البديع أيام الموحدين الذين كانوا يجلبون صناع الأندلس، إلى تونس التي هي مركز رابع في إفريقيا الشمالية صبغتة التفاعلات بطابع أندلسي رائع. ولا يزال كثير من المغاربة يتبعون هذه العادة.