يمتاز التطور العلمي والتكنولوجي المعاصر بأنه ناتج أساساً عن تقدم العلوم الصرفة، خاصة الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة، بخلاف الثورة الصناعية التي اعتمدت على الآلات. وقد ساهم تقدم الرياضيات في تطور الحسابات الإلكترونية، مما أدى إلى إنتاج أدوات تقوم بعمليات ذهنية معقدة بسرعة فائقة، وقدرة هائلة على تخزين المعلومات. كما ظهرت فروع علمية جديدة خلال الثلث الأخير من القرن الماضي نتيجة لتوسع نطاق المعرفة النظرية وتخصصها، وزيادة تغلغلها في دراسة الطبيعة. وتتميز هذه الثورة العلمية بسرعة التقدم، وتقليص الفجوة الزمنية بين الاكتشاف العلمي وتطبيقه، فمثلاً، استغرق تطبيق مبادئ التصوير الفوتوغرافي 112 عاماً، بينما استغرق تطبيق البنسلين 12 عاماً فقط. يُبرز هذا الترابط المتزايد بين العلوم الطبيعية والتكنولوجيا، والعلم والإنتاج. كما برز دور الطاقة كأداة فعالة في الإنتاج، مما أتاح التغلغل في دراسة المادة على مستوى الذرة والجزيئات، من خلال علوم الفيزياء النووية، وعلم الكون، وعلم الأحياء الجزيئي. ظهرت أيضاً مشاريع لاستغلال الطاقة الشمسية وغيرها من المصادر. ولا يعتمد التقدم العلمي المعاصر على جهود فردية، بل على تعاون فرق عالمية متعددة التخصصات، تعمل في جامعات ومعاهد ومراكز بحثية، مما أدى إلى زيادة أعداد العاملين في البحث العلمي. ويُعد التعاون العلمي الدولي ذا آثار اقتصادية واجتماعية هامة، فهو يُسارع النمو الاقتصادي والاجتماعي من خلال نقل المعرفة والتكنولوجيا والتعاون الثقافي، وتركيز الجهود لحل المشكلات.