أصدرت مؤسسة الدراسات الفلسطينية كتاباً بعنوان "قراءات في المشروع الوطني الفلسطيني بين الأمس واليوم" من تحرير جميل هلال وخالد فرّاج في عام 2019، يحتوي الكتاب على 12 ورقة بحثية تتمحور حول المشروع الوطني الفلسطيني ، سيقتصر تلخيصنا على ورقة بحثية للاستاذ جميل هلال بعنوان" في التباس المشروع الوطني الفلسطيني" يبدأ جميل هلال بتساؤل(لِمَ سؤال المشروع الوطني الفلسطيني؟) وهو ما يوحي بالتخبط والتيه في مضمون المشروع الوطني الفلسطيني فهو من جهة اما قيام دولة فلسطينية على الاراضي التي احتلت سنة 1967 أو كهدف للنضال الفلسطيني من أجل حق العودة وتقرير المصير الذي تغنت به منظمة التحرير الفلسطينية ، كما يرجع الكاتب أسباب التيه السياسي الفلسطيني الى غياب الرؤية والوضوح والوعي المشروع الوطني الفلسطيني الذي يكمن في عدة اسباب وهي أيضاً عوامل التي ترسم محددات المأزق الوطني الراهن: أولاً، فقدان مؤسسات جامعة للكل الفلسطيني ومكوناته، يتم تجاهل الجهود المتعلقة بتحليل أسباب التفكك السياسي وعدم اهتمام بإعادة بناء مؤسسات وطنية ديمقراطية والتي يجب أن تكون قادرة على مواجهة المشروع الاستيطاني الاسرائيلي كما ان حالة الانقسام الداخلي يعكس حالة استقطاب معقدة تتأثر بالعلاقات المحلية والاقليمية والدولية واعادة تحقيق الوحدة الوطنية لا تكفي بذاتها بل يجب أن تتضمن استراتيجية وطنية تجمع الجهود السياسية الفلسطينية وتدفع لمساءلة اسرائيل عن جرائمها أمام المؤسسات الدولية. كما ان عدم تماسك قدرات السياسية ووالتنظيمية لمنظمة التحرير الفلسطينية ادى الى ترهل واضمحلال وغياب المؤسسات الوطنية الفلسطينية وانكشاف التجمعات الفلسطينية مثل ما شهدته المخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا من عنف وتهجير وحروب على قطاع غزة المتكررة وحصارها الخانق منذ عام 2006 وبعد توقف الانتفاضة الفلسطينية الاولى الذي رافق مع توقيع اتفاق أوسلو وتشكيل سلطة الفلسطينية ذات صلاحيات حكم ذاتي محدود على أجزاء من الضفة الغربية وهي سلطة قامت في ظل الاستعمار الاستيطاني الاسرائيلي. وهذا الانكشاف لم يعرض الشعب الفلسطيني فقط لسياسات التهجير وتشريد والاعتداءات بل من تمييز وسيطرة اسرائيل على الموارد الطبيعية والمعابر والطرق والتحويلات الخارجية هي الضفة الغربية وقطاع غزة وهذه الأمور جعلت السلطة الفلسطينية عرضة للضغوطات الخارجية ومع كل القيود التي فرضتها اسرائيل يجعل نظامها السياسي والاجتماعي والثقافي والقانوني قائم الذي تطبقه اسرائيل على الفلسطينين نظاماً قائماً على الفصل العنصري والرأسمالية العنصرية. استخدام اطار مفاهيمي محدود وخاطئ سياسياً وتاريخياً في وصف الوضع الفلسطيني حيث يستخدم مصطلح"الاحتلال" بشكل رئيسي لوصف الوجود الاسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة وتم وصف هذا النضال الفلسطيني بدحر الاحتلال وهدف المشروع الوطني الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة على الأراضي المحتلة في 1967 مع تجاهل الأراضي التي أقامت عليها دولة اسرائيل في عام 1948. لم تكن فقط سيطرة اسرائيل على الفلسطينين من خلال الجدار والحصار وما الى ذلك وانما أيضاً بتشكيل هويات خاصة لفلسطيني الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس لتسهيل سيطرتها وتحكم بتحركاتهم وما الى ذلك كما انشأت اسرائيل في عام 2018 قانون القومية الاسرائيلي الجديد الذي يقرّ بحق تقرير المصير لليهود وشمل هذا القانون فلسطينين الذين يحملون الجنسية الاسرائيلية. ولفهم اسرائيل من منظور استعماري استيطاني يجب على النخب السياسية تجاوز الانكار المهيمن على مواقفهم التي ما زالت قائمة بهدف اقامة دولة فلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة بأنه المشروع الوحيد الممكن والقابل للتنفيذ، وان ما جرى في عام 1967 هو لبداية لبناء دولة فلسطينية نجند النخب الفلسطينية معولمة تهدف لاغالها بالتنمية والبناء لدعم رؤية قيام دولة فلسطينية ولكن هذا غير واقعي بل بات الامر هو تفكك للحقل السياسي الوطني الفلسطيني، وضع الشعب الفلسطيني في "حالة استثناء" دائمة، يتم التعامل مع القضية الفلسطينة خارج اطار القانون الدولي باممتناعها عن تنفيذ أي قرار من لقرارات التي صدرت من خلال الامم المتحدة وعن امتناعها عن فرض اي عقوبات تجاه اسرائيل وبقيت القرارات ذات طابع شكلي بدعم من القوى الداعمة لاسرائيل وتحويل الحالة الاستعمارية الاسرائيلة على الشعب الفلسطيني الى حالة دائمة ، ولكن لم يقف الفلسطينين تجاه صمت القوى العظمى واستعمار اسرائيل وانما قامت بعدة اساليب ومنها ما هي اساليب عنيفة كالمقاومة المسلحة واما بالاساليب السلمية كالاضرابات وتوثيق الانتهاكات التي يتعرضوا لها عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي ، رابعاً، الخ، واصبحت الطبقة الوسطى منتمية الى السلطة واجهزتها فأصبحت عاجزة عن انتاج نفسها، خامساً، بعد اتفاق اوسلو ظهرت اللغة تعتمد بشكل كبير على مصطلحات وأفكار متوافقة مع الرواية الصهيونية ولا يقتصر على ذلك بل امتدت الى وسائل الاعلام العالمية حتى اصبحت هذه الخطابات جزءاً من خطابات في القطاع العام الفلسطيني بين الصحفيين والسايسيين وما الى ذلك، ومع سيطرة النخب الفلسطينية على الخطاب السياسي العام باستخدام شعارات الحرية والمساواة كغطاء للتحايل على الواقع واعتماد على الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة باعتبارها المخرج بدون الاخذ دروس واستخلاصات من الانتخابات الاخيرة في عام 2006، وتعرية طبيعة هذه الدولة،