كانت جميع فسحات الغابة وانفراجاتها مضرجة بحمرة الغروب الياقوتية التي نوّرت الدرب بين بقعة وأخرى، كان الجوّ بين أشجار التنوب مغشياً بالألوان البنفسجية الداكنة كأنها الخمرة الأثيرية، وعندما وصلت إلى هذه الأبيات: لتتخيل نفسها واحدة من أفراد تلك الواقعة البطولية. لكنها ضبطت نفسها حتى لا تفضح ما اعتمل داخلها من لهفة غامرة. "ألا تشبه هذه الأمسية حلماً أرجوانياً ياديانا؟ إنها تجعلني أشعر بالسعادة لكوني على قيد الحياة. لأنه لو وافق لكان ذلك حدثاً مسلياً. هل فعل هذا؟" ما رأيك بهذا الخبر!" "أصحيح ما تقولينه؟ ولكني أخشى ألا تسمح لي ماريلا بالذهاب. هذا ما قالته الأسبوع الماضي عندما دعتني جين للذهاب معهم في عربتهم ذات المقاعد المزدوجة إلى الحفل الموسيقي الأميركي في فندق وايت ساندس. كنت أتحرِّق شوقاً للذهاب، "سأقول لك ما الذي يمكننا عمله، لقد سبق لجين وروبي أن حضرتا المعرض مرتين من قبل، وهذا يسعدني كثيراً، وأنا أحاول ألا أتخيل نفسي وأنا أتبختر بمعطفي وقبعتي الجديدين في رواق الكنيسة يوم الأحد، هي واحدة من تلك القبعات المخملية الصغيرة الدارجة هذه الأيام. وبالمناسبة ياديانا إن قبعتك الجديدة أنيقة وجميلة جداً. أتظنين أن تفكيرنا بملابسنا ليس تفكيراً تقياً؟ إن ماريلا تعتبره تفكيراً آثماً، لأن السماء الشرقية المطلّة على أشجار التنوب في الغابة المسكونة كانت فضية وخالية من الغيوم. لكن حماس أن كان أشدّ من أن تقبل على تناول الطعام بشهية. وهذا شئ أحمد الله عليه، ويسرني أنك ترين هذا يا آنسة باري. أنا لم أزر منزل العمة جوزفين من قبل، ولا أتمنى الآن إلاّ أن تراه جوليا بيل التي لا تكف عن المباهاة بصالة أمها . " قالت آن وهي تتنهد طرباً، ومكثن هناك وسررت من نفسي لأني سررت من أجلها. أمّا السيد بيل فربح الجائزة الأولى على خنزير. وعللت ذلك بأنها فيما بعد لن تكفّ عن التفكير بالخنزير كلّما رأت الناظر بيل مستغرقاً في الصلاة. أتستطيعين أنت ذلك؟ ربحت كلارا لويس ماكفرسن جائزة على الرسم، أثارني السباق كثيراً ياماريلا، رأينا رجلاً يطير بوساطة بالون، ولقد بدأت أدرك هذه الحقيقة الآن. حقيقة أن جميع تلك الأشياء التي كنت تتوقين إليها في طفولتك تفقد نصف روعتها عندما تحصلين عليها فيما بعد. ومساءاً صحبتهما الآنسة باري إلى حفل موسيقي أقيم في معهد الموسيقى، كانت السيدة سيلتسكي رائعة الجمال، لكني توقفت عن التفكير بكل هذه المظاهر عندما سمعتها تغني. وترقرقت عيناي بالدموع، قالت ديانا إنها خُلقت لتعيش في المدينة، وسألتني الآنسة باري عن رأيي، فأخبرتها أنه عليَ التفكيرِ مليّاً قبل الإدلاء بأي رأي. ولقد عاملتنا بطريقة ملوكية. وحضر "وماذا عنك أنت أيتها الصبية آن؟" إمرأة مسنة ذات طبع لا يخلو من الأنانية. " قالت لنفسها، "ولكني الآن لا أظنها مخطئة فيما أقدمت عليه. وكانت الأمواج تتكسر على الصخور بهسهسة خافتة، دجاج مشوي ياماريلا! لا تقولي أنك أعددته من أجلي!" لقد كانت هذه الأيام الأربعة أياماً موحشة بدونك، "لقد حظيت بوقت رائع،