ومن خلاله يتعرف على نفسه، وإذا كان الاستعمار سلب للأرض والخيرات، فلن يستطيع سلب الزمن أو الحرية، والحرب التحريرية هي إعطاء المعنى الحقيقي للحرية واسترجاع الأرض - المكان الذي فيه السيادة والدولة والشخصية الجغرافية والوطنية، وإذا أخذنا مثالاً عن الحقيقة العلمية التي كثيراً ما يشار إليها في الكلام عن أنواع الحقيقة، أي ضد معنى الحرية والدفاع عن الحقيقة والمطالبة بالاعتذار والاعتراف بالمسؤولية والجرم، ولا تقل معركة اليوم عن المقاومة والثورة، فنحن في كلتا الحالتين نكافح من أجل هويتنا، حريتنا إنه كفاح من أجل زمن الحقيقة، وهو هنا زمن الحرية الذي يبقى مستمراً معنا مادام هناك وعي غربي يرى ذاته مركز العالم والحضارة والدفاع عن حقوق الإنسان، إنها لم تكتمل، وهو العدالة. هذه المفاهيم الثلاثة تتضايف الحقيقة والحرية والعدل، لكن كل ذلك يقتضي آخر - غيرية - يعترف بالحقيقة، أن الحقيقة لم تعد مرتبطة بـ «الأناء مثل ما أسس ذلك هنري ديكارت صائغ العقلية الفرنسية أنا أفكر إذا أنا موجود، أي أن الآخر إما أن يلغى أو يستعبد، أولاً : الذاكرة وبلاغات : التبرير والاعتقاد والاقتناع في أجواء شعار إعادة كتابة التاريخ وقد كان شعاراً فارغاً مراوغاً لشيء لم يكتب، لقد بقيت علاقتنا بالماضي تتسع هوتها بسبب أن السلطة ظلت تقدم خطاباً تبريرياً لتسلطها وشرعيتها باسم الماضي، باسم الذاكرة، ومن هذا النفور ما نلمسه من عدم الاهتمام البيداغوجي والعلمي بالمادة التاريخية في المؤسسات المدرسية والجامعية (1)، وهنا تمت أسطرة الماضي الثوري وأسطرة الشخصيات التاريخية، والعلاقة بالزمن هنا ليس الماضي فقط ولكنه الحاضر والمنتظر، ورجال المال المعنى الواحد وبتراثنا، مازلنا مثلاً نهمل القوة الإبداعية الخيالية الشفهية، منها الأثر الفني في المعمار والمصنوعات وغيرهما، إن إعادة تشكيل خطابنا التراثي معناه القراءة والتفسير وفن التأويل، تعدد المعنى ونقله وترجمته من سياقات ثقافية إلى أخرى مع الإدراك والوعي بذلك، حضوره إلى الحاضر ضمن سياقاتنا الحضارية، مع الإقرار بالمسافة الزمنية والنفسية، منذ الاستقلال ظل النص واحداً والمعنى واحداً لتراث مازال جزوه الأكبر غير معروف مخطوط مهمل في الأقبية والزوايا وعند أصحابها للتبرك أو مسكوت عنه، أو يحكى لنا عبر سود الآخر، سود الآخر حول ذاتنا مهم في العملية التاريخية وفي الوعي التاريخي لوضعنا غير أن خطاب الآخر المتشكل في ظروف تاريخية معينة ارتبط ببلاغة الخداع والمكر فالحاجة الأيديولوجية الاستيطانية الاستعمارية تقتضي ذلك، كانت هذه البلاغة تجد سندها المرجعي في البلاغة الأنوارية الفرنسية، ليس النص العقد الاجتماعي في. ولكن الذين يحتكرون هذا التراث الأنواري، يلبسونه ما يشتهون، فمرة تكون هذه البلاغة الماكرة باسم تحضير وتعدين المتخلف، ومرة أخرى باسم العدالة وحقوق الإنسان أو باسم محاربة الإرهاب وإحلال الديمقراطية ما حدث في العراق، وما يحدث في لبنان، وترى أن خطاب النهايات الذي يرى انتصارات لليبرالية الأمريكية هي استمرار للمطلق الهيغلي المتمركز في الأنا وترى الآخر في استعباده وإلحاقه بالانا، ومن الخطب التي تقع على يسار هذه الليبرالية، نظرية العدالة التي أسس رؤيتها الفيلسوف الأمريكي جون راولس ولها امتداداتها التأثيرية اليوم في أمريكا وفرنسا والمانيا. لقد تم منذ دخول الاحتلال الفرنسي إلى الجزائر تشكيل ذاكرة وخيال عن الجزائر يضاهي القدرات العسكرية للمحتل، وبالمقابل كانت الرؤية التقليدية الآسنة التي ترعاها أجيال تتماهى مع ذاتها، وتحاكي أناها، تعيش على بلاغة المناقب في نصوص التاريخ والأدب والحكي، أو رؤية عدمية سلبية تجد سندها في بلاغة الجهاد وفي الزمن الإسلامي الأول المعاد تأويله من خلال الخطاب القطبي التنظيري، أو من خلال الفعل التأويلي العنفي القاعداتي نسبة إلى القاعدة، ويصبح الزمن - عندهم - ممتداً جهادياً من غزوة بدر» إلى «غزوة مانتهاین ۱۱ ايلول / سبتمبر ۲۰۰۱ هذا الخطاب يحاول أن يسيج نفسه من العولمة بنصوص الأجداد السلف ضد الآخر المخترق للأنا كان له ما يبرره زمن المقاومة تقصد هنا الجهاد، لكن استمراره شكل في ما بعد عائقاً معرفياً ابستومولوجيا نحو اجتهاد في الدين والدنيا والدنيا والسياسة، وهي تلتقي مع السرد العنفي، للحداثة في محاولة التبرير ورفض الآخر كلية وتصويره شيطانياً، وطبعاً كان هنا للغلاف العقائدي - الديني دوره في ابتكار صور وأساليب حجاجية، فتقرأ الذات ذاكرتها في الفعل المقاوماتي أو العكس اي تقريباً نصف قرن المتبقى من زوال دولة الأتراك إلى اليوم، وهي مسافة زمنية قد تعرف سمة الدوران وليس الامتداد الكرونولوجي، أدب، أما الفعل الإنساني الاجتماعي فيتابع كإنجاز القول الخطاب بالمعنى التداولي، وكتلاحم معه، أو عالم النص أو في الفعل، كثورة ١٩٥٤، ثانياً: من احتلال الأرض إلى احتلال الذاكرة ان احتلال الذاكرة عبارة مجازية، وه الظاهرة الاستعمارية ظاهرة تاريخية من الناحية الزمنية والسياسية تعتبر منتهية ومرحلة سابقة مثل حديثنا عن الحربين العالميتين والحرب الباردة والشيوعية، ويبقى الحديث عن الآثار وما ينجم عن ذلك من الحديث المدرسي، لكن معاودة التحليل والفهم سواء للظاهرة في ظروف العولمة الجديدة والنظام العالمي الجديد وتتبع بقاء عقيدة الهيمنة عبر القوى الجديدة واستمرارها عبر أشكال من التفوق العلمي والتكنولوجي والإعلامي التي تختلف من الناحية التاريخية عن الاستعمار ولكن ما بقي مستمراً كايديولوجية متجددة للهيمنة في الكتابة اليوم المتعلقة بالإرهاب والعولمة والتغيير الجغرافي السياسي درجنا على أننا نعيش أثر الحرب الباردة، والبعض يعزو اليوم العولمة وعنفها والرعب المضاد لها إلى انعدام التوازن الرعبي بين الشرق والغرب وبالتالي تصير العولمة شكلاً جديداً من الهيمنة، وهي عملية منهجية تحليلية للخطاب بكل ما تعني كلمة خطاب اليوم في حقولها الدلالية والتنوعية والرمزية في العلوم الإنسانية وحتى العلم في حد ذاته، إنه رعب في مواجهة رعب، سؤال لماذا الاستعمار، ما هي أسبابه ومكوناته وآثاره؟ هو بحث في الحقيقة، ولكن السؤال اليوم، ما هي حقيقة استمرار الاستعمار، أي ما هي العوامل التي تجعل الهيمنة تتجدد والاحتلال يتجدد من خلال الوعي والزمن والجغرافيا وأقصد هذا بالوعي أي استمرار الثقافة والقيم التي تجعل من الأنا الغربي ينظر إلى هويته وذاته على أنها التي لها الحق في الدفاع عن حقوق الإنسان وحفظ السلام العالمي وإبقاء التوازن وحفظ البيئة. أما الزمن فهو هنا الذاكرة والنسيان والمحو، والذاكرة زمن مساحة ليست محدودة جغرافياً وليست تراباً، الذاكرة هي المشكل للهوية، الزمن أو الذاكرة هناء هي سكني كاللغة هي السكن عند هيدغر سنحاول تلمس العناصر الباقية المتجددة التي تشكل أيديولوجية تاريخ الهيمنة سواء عبر البحر أو الأرض أو الهوية والذاكرة، والجزائر كانت تحت هذه الهيمنة بمستوياتها الثلاثة. 1 - الحقيقة : أنا الحقيقة وكان الشعار التالي ملخصاً لذلك إعرف نفسك بنفسك وصحيح أن التفكير حول الفرد والذات كان عاملاً أساسياً في تبلور أيديولوجية التمركز حول الذات، فالأناء، (الذات) لا معنى لها سوى أنها المقابل لـ الآخر (Autre) تقابل تعارض وتضاد، وما له دلالة في هذا الصدد أن كلمة (Altérite) أي الغيرية ذات علاقة اشتقاقية بـ (Alterer et Alteration) وتعنيان تغير الشيء وتحوله إلى الأسوا، تعكر، فساد، بل الغيرية في الفكر الأوروبي مقولة تؤسسها فكرة السلب أو النفي (La Negation)، في الأناء لا يفهم إلا بوصفه سلباً، لـ «الآخر». وغني عن البيان القول إن لفظ الآناء في العربية المعاصرة إنما هو ترجمة لأداء معنى (Le Meme) بالفرنسية و (Fgo) بالإنكليزية والألمانية. ومن هذه الكلمة اشتقت مصطلحات أخرى مثل (Egocentrisme) وهو ما نترجمه اليوم بـ التمركز حول الذات، وكذلك (Egoisme) بمعنى الأنانية في الاستعمال اللغوي العام. وجوداً وهمياً، وأيضاً: الميل إلى إرجاع كل شئ إلى الذات. ذلك لأن كل أناء هو عدو، مفهوم «الأنا» مبني على السيطرة، وفي هذا المعنى كتب ماكس هوركهيمر يقول: من الصعب جداً أن يحدد المرء بدقة ما أرادت اللغات الأوروبية في وقت من الأوقات أن تقوله وتعنيه من خلال لفظ Ego (الأنا). فمن حيث إنه مبدأ الأناء الذي يحاول جاهداً كسب المعركة ضد الطبيعة على العموم وضد الآخرين من الناس على الخصوص، يبدو الـ (Ego) مرتبطاً بوظائف السيطرة والحكم والتنظيم [. ولم يتحرر مفهوم الأنا في أي وقت من حمولاته وشوائبه الأصلية الراجعة إلى نظام السيطرة الاجتماعية. بالتنسيق بين ما تنقله الحواس ويصدر أوامره إلى مختلف أجزاء الجسم. ودلالته ووظيفته في الفكر الأوروبي، أي بوصفه موضوعا للسيطرة أو عدواً، ولم يستسغ بعض الزملاء ذلك، طيف يؤمن به العقل الغربي ليس فقط كجزء من التدين المسيحي، ولكن كمعرفة، وكأيديولوجية ترى أن ما يشوش الحقيقة هو هذا الطيف الذي ضلل ديكارت في وصوله للمعرفة، إذاً، هذا التراث المرتبط بنمط اقتصادي يرى في خيرات الآخرين تطوراً للرأسمالية والليبرالية السياسية ربط الحقيقة بالمعتقد والتحيز لها، وبالتالي كان التبرير للجريمة والإبادة والانتهاكات الإنسانية واليوم يبرر كذلك بتلوينات جديدة وبلغة أخرى، وفي كلتا الحالتين تقديم حقيقة واحدة وذاكرة واحدة وذات واحدة، هو فلسفة تجد جذورها في القول بـ العقل الكلي عند هيغل، وترجمه فعلياً من حيث الدعوة إلى الاستعمار توكفيل، وهنا يكون التبشير بحقوق إنسانية تلغي خصوصية الآخرين وهوياتهم بمنطق العقل الكلي الذي هو تنويع للذاتية المركزية التي تحدثنا عنها أنفاً. وترى بطريقة تقليدية أن الصراع هو بين الخير والشر، وهي رؤية ممزوجة بمسيحية مؤولة في نصوص المفكرين الاستراتيجيين من اليمين الجديد، وهي رؤية يوجه لها اليوم انتقاد شديد حتى في الأوساط الفكرية الغربية (٢)، فمثلاً جون بودريال المشار إليه أنفاً يرى أن الخير حينما يراد تطبيقه بالقوة يصير شراً، ولو كان الإسلام هو اليوم له السيطرة مثل الليبرالية الغربية لواجه مقاومة، وبالتالي فالصراع هو ضد العولمة الجديدة، ضد استمرار أيديولوجية الهيمنة، غير أن الحرب اليوم تختلف فالموت المتناهي في الصغر أي الاستشهاد هو فعل المقاومة الوحيد، ولو حاولنا فهم الأيديولوجية الصهيونية لوجدناها خلاصة الفكر الغربي في الاستيطان والاستحواذ والهيمنة بالرغم من قيامها على ذاكرة الضحية، فهو الشعب المقهور المعذب، ولكن هذه الذاكرة هي نفسها ذاكرة الجلاد. وستحاول مثلاً أن تعرض للخلاف من داخل العقلية الغربية المسألة الإجماع والتنازع بين الفرنسيين والألمانيين الذين يتحركون على أرضية واحدة من خلال مفكرين معروفين يورغن هابرماس الألماني وفرنسوا ليوتار اللذين لم يلغيا الآخر. إن التقابل بين التنازع والإجماع تقابل تضاد، فهما لا يجتمعان معاً وقد يرتفعان معاً بحكم وجود حالات تواصل متوسطة كالجدال والتفاوض، ويتميز مبحث التواصل بوجود آخر عكس مباحث التلقي والنقد وتحليل الخطاب، وتطرح نظرية التواصل اليوم ما يسمى بالتداولية الكلية تقر بوجود دعاوى صلاحية قبلية تنظم صيرورة الحوار سعياً وراء الإجماع، ويعتقد هابرماس بأن دعاوى الصلاحية مثل الوضوح والجدية والمناسبة والصدق دعاوى كلية تتحقق في سائر المجتمعات على أنحاء متباينة. هذه الفلسفة تلغي السلوك الخاضع لمبدأ الوسيلة الغاية، بل السلوك التواصلي القائم على دعاوى قبلية لا تجعل أحد طرفي الحوار وسيلة الوصول إلى أهداف شخصية (1) . إن الانتصار والإقناع والحقيقة مستويات التمايز بين التنازع والمساجلات والعلم، يتخذ الإنتصار على الآخر طابعاً حربياً ويتخذ الإقناع طابعاً بلاغياً، هناك من يحصر الإقناع البلاغة والبرهان العلم والانتصار الحرب هناك عند هابرماس تفاوت هنا تنتمي للتواصل الحجاجي لقد اعتبر هابرماس أن اللااثرية النظرية في اتجاه ما بعد الحداثة قد القضت إلى لا أثرية سياسية ما سمح بحصول التقاء بينهما وبين الاتجاه المحافظ الجديد في التصور الاجتماعي ويؤاخذ هابرماس الفرنسيين على تزوعهم المكشوف نحو اللاعقلانية والفكر المحافظ. أما ليوتار فيرى أن الخطابات التي تتكلم باسم المشروع العقلاني المفكري الأنوار والعقل المثاني لدى المثاليين والذات في الطبقة العمالية والكتابة المفهومية المنطقية لدى فريجة والكتابة العلمية الكلية لدى هوسرل، والبنية لدى البنيويين والنحاة التحويليين ومنظري نظرية الأنساق و الخطاب الكلي الذي لا تمليه سلطة، كما تجسد ذلك في النظرية التداولية إن القول بنهاية التاريخ، يجد لدى هابرماس وكارل أوتو آبل يسعى ليوتار جذوره في القول بـ "العقل للتدليل على أن كل هذه الخطابات مهما بدت الكلي عند هيغل. متعارضة في ما بينها من الزاوية الأيديولوجية تشترك في اقتضاء ضمني وهو الدفاع عن الكلية الكونية للصلاحية وعن الطموح الذي يساور هذه الدعوى، يرى ليونار التسليم بوجود مبدأ أول يستند إليه منهجنا وهو أن التكلم من قبل المبارزة، بالمعنى الذي نعني به اللعب، وأن الأفعال اللغوية تنتمي إلى نظرية عامة في الحرب (Agonistique generale)؛ يرى أن مشاريع علم الاجتماع التي تشتغل اعتماداً على نموذج الجهاز العضوي القادر على تنظيم ذاته بذاته تستهين بواقعة أساسية تنص على أن السلوك اللغوي الهادف إلى إملاء السلطة بدل امتلاك الحق ذو طبيعة حربية، ومن هنا يتخذ الإجماع سمات إرهابية ويعني ليوتار بالإرهاب الفعالية المترتبة على إقصاء شريك لك خارج لعبة اللغة التي كنا نلعبها من قبل أو الفعالية المترتبة على مجرد التلويح بذلك. إن فكرة كلية جديدة غير حربية من إرث عصر النهضة ومنها الماركسية التي ترى الصراع مؤقتاً، ومن هنا يرى ليوتار أننا لما تعتبر بنية ما متجانسة في هيئة نسق أو هيئة كلية أو مجتمع من دون طبقات ينعدم الابتكار اللاعقل عنده متحرر من الكلي والألعاب اللغوية وفي النزاعات النقابية الفوضوية، الكل حينما يرتبط بالمؤسسة يتحول إلى بيروقراطية ويصير ضد الإبداع. بحكم غياب قاعدة حكم تنطبق على صيرورة الحجاج أي الجدل. وهي اتساق لا ندركها إلا في تعدديتها، ويعتبر كانط وفيتغنشتاين رائدا ما بعد الحداثة، فكانط ركز على التنافر الحاصل بين القواعد المختلفة لاستعمال الجملة أي على وجود تنافر بين الخطاب الواصف أو العقل النظري والخطاب الطلبي أو العقل العملي أي ركز على تعدد أشكال أجناس الخطاب المختلفة القول حول الصلة بين الشيء في ذاته والحساسية وهما كانط وفيتغنشتاين شاهدان على انهيار الكلية المطلقة لبينتز وراسل من هنا تدرك أن حتى الفكر الغربي حين يفكر في الآخر ليس كتواصل ولكن كهيمنة وهي مشكلة معرفية وحضارية وسياسية، إنها تتعلق بالقيم، الا يمكننا القول إن الغرب يعيش أزمة اخلاقية حقيقة، وهي بده خيانة الذاكرتهم التي تتحدث عن العقلانية والموضوعية والحقيقة. - تقريض ذاكرة الاحتلال مازال بعضهم يرزق (۱۱)، وهي رؤية مشبعة بقيم أنوارية إنسانية تختلف عن الذين يرون الآخر عدواً أو إرهابياً مثل اليمينيين المتطرفين الذين وجدوا في هذا القانون متنفساً للكراهية وتشريعاً رسمياً لذاكرة تقرأ التاريخ برؤيتها الذاتية. ووزير العدل السابق الذي زار الجزائر مؤخراً وغير مواراً عن رفضه للقانون ٢٣ شباط / فبراير، وفي فيشور نائب الحزب الشيوعي في البرلمان الفرنسي، وجمعية الصدقاء مولود فرعون في فرنسا، ومعهد شارل أندري جوليان، يحاول بعض الفرنسيين ومنهم الذين صادقوا على قانون ۲۳ شباط / فبراير، وتصويره عدوانياً أو إرهابياً، وبالتالي هناك مجرد لاحتلاله أو إعلان الحرب عليه ماضياً أو اليوم، لنتذكر هنا طلبات الاعتذار التي ينبغي على تركيا تقديمها تجاه من قتلت آباءهم قبل أن تطلب الدخول في الاتحاد الأوروبي؟ ترى ماذا لو أن المانيا اليوم ترى في احتلالها فرنسا وحربها ضد الفرنسيين فضيلة ؟ ماذا يصنع الفرنسيون؟ لماذا السكوت عن الهجمات التي طالت كل من ينتقد خيال الهوليكوست؟ إن الإسرائيليين عقدوا عقدة الأوروبيين تجاه ذاكرتهم وهم يشعرون بمرارة ما أضفاه الخيال الإسرائيلي على القتل التاريخي الذي طال اليهود، ويكفرون عن ذنوبهم باستمرار بالرغم من التكفير بالأضحية الكبرى التاريخية في تسليم فلسطين إليهم. إن القانون الفرنسي الممجد للاستعمار، فيه إهانة واضحة لشعوب تغازلها في قضايا عربية مواساة وإبقاء لخيط المصالح الاقتصادية والهيمنة، أو المنطق الإسرائيلي الصهيوني الذي يجد شرعيته التاريخية للاغتصاب من خلال نصوص مقدسة انشاها خياله أو خيال من تعاطف معه،