الفقرة الأولى ممارسة الدعوى المدنية التابعة. إن كيفية ممارسة الدعوى المدنية التابعة سنوضحها من خلال النقاط التالية: 1) من حيث الاختصاص القضائي يجوز للمتضرر رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية المختصة، وذلك نظرا لتبعية الدعوى العمومية، وإلى ذلك أشارت المادة: 9من ق. م. ج " يمكن إقامة الدعوى المدنية، والدعوى العمومية في آن واحد أمام المحكمة الزجرية المحالة إليها الدعوى العمومية. وعموما، فإن الدعوى العمومية تخضع في شكلياتها وإجراءاتها المقتضيات قانون المسطرة الجنائية، وهذا ما أكده المجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض (حاليا) في القرار الصادر عنه بتاريخ 1977/04/15 الذي جاء فيه: " إن الدعوى المدنية المعروضة على محكمة زجرية بحكم تبعيتها للدعوى العمومية لا تخضع إلا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية دون سواها أما إذا اختار المتضرر إقامة دعوى المطالب المدنية بصورة مستقلة أمام القضاء المدني، فإنه يتعين على هذه المحكمة ألا تفصل في هذه المطالب حتى يتم الفصل في الدعوى العمومية، وذلك إعمالا للقاعدة المشهورة التي تقضي بأن الجناني يعقل المدني. le criminel tient le civil en état ، وإلى ذلك أشارت المادة: 10 من ق. م.ج. " يمكن إقامة الدعوى المدنية منفصلة عن الدعوى العمومية لدى المحكمة المدنية المختصة، غير أنه يجب أن توقف المحكمة المدنية البت في هذه الدعوى إلى أن يصدر حكم نهائي في الدعوى العمومية إذا كانت قد تمت إقامتها". وذلك تفاديا لصدور أحكام متناقضة ومتعارضة بخصوص نفس الفعل في وقت واحد. 2) من حيث حجية الحكم الجنائي أمام القضاء الجنائي: إذا ما تم الفصل في الدعوى الجنائية من قبل المحكمة الجنائية، فإذا حكم القاضي الجنائي بالإدانة على أساس أن الفعل قد وقع من الجاني، فلا يمكن للقاضي المدني أن يبحث في وقوع الفعل من عدم وقوعه 36 لذلك، فالمحكمة المدنية تكون مقيدة بما أثبتته المحكمة الجنائية في حكمها من وقائع دون أن تتقيد بالتكييف القانون لهذه الوقائع، لأن مشكل التكييف تختلف معاييره ومقاييسه في النطاق الجنائي عنه في النطاق المدني، لذلك فالمحكمة المدنية لا يمكن أن تبث في واقعة نفاها الحكم الجنحي، وأن تنفي واقعة أثبتها هذا الحكم، لذلك يتعين على القاضي المدني أن يتقيد بما جاء في الحكم الجنائي ". أما إذا كانت المحكمة الجنائية قد أسندت في حكمها بالبراءة إلى أسباب ترجع إلى التكييف القانوني للوقائع المنسوبة إلى المتهم، أو إذا كانت الدعوى العمومية قد سقطت بموت المتهم، أو بسبب آخر من أسباب سقوط الدعوى العمومية المنصوص عليها في المادة 4 من ق. م.ج. فإن ذلك لا يمنع القاضي المدني دون مساءلة الفاعل مدنيا، وبالتالي الحكم عليه بالتعويض، لأنه قد يثبت الخطأ المدني في جانب الفاعل دون أن يرقى ذلك الخطأ إلى مرتبة الفعل الجنائي المعاقب عليه. " إن القاضي الجنائي إذا أصدر حكما بالبراءة للشك الذي ولد لديه في صدد الأعمال المسندة إلى المتهم تسمح بالتعويض المدني، لا يمكن أن يلزم القاضي المدني من حيث ترتيب، أو عدم ترتيب المسؤولية المدنية، بل تبقى له حرية التقدير كاملة 38 وجاء في قرار آخر للمجلس الأعلى سابقا ما يلي: " فالأحكام الجنائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به، وإن كانت تلزم القاضي المدني في حدود ما قضت به، فيما يتعلق بوجود الفعل الجنحي، فإنها لا تمنعه من البت في مسؤولية الحادثة وتوزيعها بين المتضرر والمسؤول المدني أن عرض الدعوى العمومية على المحكمة يتحقق بتوجيه الإستدعاء للمتهم بالحضور أمام المحكمة الزجرية قبل حدوث سبب السقوط،