وتعد "وثيقة المدينة" أو "صحیفة المدینة" هو أول دستور مدني في تاريخ الدولة الإسلامية، كُتب فور هجرة النبي محمد إلى المدينة المنورة، واعتبره المؤرخون والمستشرقون على مدار التاريخ الإسلامي، مفخرة من مفاخر الحضارة الإسلامية، وكان الهدف من كتابة دستور المدينة هو تحسين العلاقات بين مختلف الطوائف والجماعات في المدينة، وعلى رأسهم المهاجرون والأنصار والفصائل اليهودية وغيرهم، حتى يتمكن المسلمون واليهود وجميع الفصائل بمقتضى الدستورـ من التصدي لأي عدوان خارجي على المدينة. وبإبرام هذا الدستور وإقرار جميع الفصائل بما فيه، أصبحت المدينة المنورة دولة وفاقية، جميع الحقوق الإنسانية مكفولة فيها كحق حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر والمساواة والعدل. ويحوي الدستور 52 بنداً، و27 مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، وقد دُوّن هذا الدستور بشكل يسمح لأصحاب الأديان الأخرى بالعيش مع المسلمين بحرية، ولهم أن يقيموا شعائرهم حسب رغبتهم، ووضع هذا الدستور في السنة الأولى للهجرة، ونص في أحد بنوده في حال مهاجمة المدينة من قبل عدو عليهم أن يتحدوا لمجابهته وطرده.