الثقافة العربية بين الأصالة والمعاصرة (2) د. فرحان السليم ويقتضي ذلك ما يلي : 1. ضرورة معرفة العصر : إن من بين دعاة الأصالة من يعيش في الماضي وحده ، ويحيا في مشكلاتهم ، ويجيب عن أسئلتهم ، أكثر مما يعايش الأحياء . وإذا سألتهم عن حل لمشكلة معاصرة استنجدوا بآبائهم لكي يحلوها . حتى قال فيهم جمال الدين الأفغاني : لقد أضحوا على حالة كلما قلت لهم كونوا بني آدم قالوا كان آباؤنا كذا وكذا . المطلوب ـ إذن ـ أن يعيش الإنسان القوي في حاضره ، ولكي يحسن العيْشة في حاضره وزمانه (عصره) ينبغي أن يعرفه حتى يتعامل معه على بصيرة . وهذه المعرفة لازمة لكل من يريد تقويم هذا الواقع ، والآنية ، منزهة عن كل نقص ، وإن كانت تنخر في كيانه ، ومثل ذلك : الاتجاه " التآمري " الذي يرى وراء كل حدث ـ وإن صغر ـ أيادي أجنبية ، ونحن لا ننكر التآمر والكيد ولكن تضخيم ذلك بحيث يجعلنا " أحجاراً على رقعة الشطرنج " يفتُ في عضدنا ، وييئسنا من أي توجه إيجابي لإرادة التغيير ، ولا حلَ أمامنا غير الاستسلام للواقع المر . أن نردَها إلى الخلل الداخلي ، كل حسب ماله من طاقة وسلطة : الجماهير والعلماء ، والمفكرون والمربون والحكام : (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )) . وفي هذا لون من التدليس والتلبيس ،