نسق المجتمع المحلي في المجتمع السعودي يتكون النظام الاجتماعي لنسق المجتمع المحلي في المجتمع السعودي من نموذجين الأول وهو القرية المحددة جغرافيا، وفي الواقع تتباين نماذج المجتمعات المحلية سواء في القرية أو في أحياء المدن تباينا كبيراً في سماتها وخصائصها من حيث المجتمع، هي: ( أ ) الاتجاه الأيكولوجي : وهو يرى أن الموارد الاقتصادية الطبيعية تساهم بشكل كبير في صياغة الحياة الاجتماعية، لكن من جهة أخرى فقد ساعد التطور الثقافي والتكنولوجي على انفصال الإنسان إلى حد بعيد عن قيود القوى الطبيعية وأصبح يتحكم بالظروف البيئية. ولقد حاولت الدراسات الاجتماعية الأنثروبولوجية تحديد خصائص وسمات الجماعات الرئيسة التي يمكن أن يتكون منها المجتمع المحلي، ( أ ) الجماعة الأثنية أو الجماعة العرقية وهي فئة متمايزة من السكان تعيش في مجتمع أكبر لها ثقافتها المتمايزة، وهذه الجماعة وهم يعيشون في مجتمع أكبر لهم سلف مشترك سلالة واحدة وذكريات مشتركة، ترتكز على واحد أو أكثر من العناصر الرمزية للثقافة مما يجعلهم يشعرون بالأهلية ومن أهم العناصر الجوار اللغة اللهجة الانتماء القبلي الانتماء الديني . والعمل في نطاق ما أو أكثر من نطاقات الحياة الأساسية كاللغة والحياة الأسرية والمعرفة العلمية والسمات المادية والملكية والمهنة. ( د ) الجماعة السلالية : وهي تشير إلى جماعة من الناس يمتلكون في غالبيتهم ملامح فيزيقية مشتركة من أهمها لون الجلد، ارتفاع القامة أولاً : المجتمعات البدوية السعودية : المجتمع البدوي يمكن أن يكون محل دراسة في علم الاجتماع بفرعه المعروف علم الاجتماع البدوي، وكثير من الباحثين جعل من المعيار المهني وهو الرعي والانتقال مقياساً رئيساً لتحديد الجماعة البدوية من غيرها. فممارسة مهنة الرعي وحدها لا يمكن اعتبارها معياراً للحكم على صفة البداوة في الجماعة التي تقوم بهذا العمل، فمثلاً كشفت دراسة اجتماعية لأحد المجتمعات البدوية في المجتمع السعودي بعد أن استقروا وتوطنوا في هجرة الغطغط أن النشاط الرئيس لسكان الهجرة تبدل عند الرجال من الرعي إلى ممارسة المهن والوظائف المختلفة كالأعمال العسكرية والتجارية، وقد تأثرت العائلة بالتغيرات الاقتصادية والبيئية فلم تعد الأسرة الممتدة فقط هي السائدة في الهجرة، وعندما يركز علم الاجتماع على دراسة المجتمعات القروية أو الريفية فإن الباحث في هذا المجال يتخصص في علم الاجتماع الريفي أو القروي، وعلى هذا الأساس فإن علم الاجتماع يتعامل مع المجتمع بمعناه العادي الواضح (Society) ويهتم بدراسة الظواهر الاجتماعية العامة في المجتمع، في الوقت الذي يقصر فيه علم الاجتماع الريفي أو القروي بحثه على المجتمع الصغير المحلي (Community)، ليستخلص منها قواعد مقننة يضيفها إلى هيكل النظريات الاجتماعية، فمثلاً وصل حجم المنازعات في قرية سبت العلايا) في منطقة عسير في عام واحد فقط (١٤١٣هـ ) (١١٠) قضايا متعلقة بمنازعات الأراضي بين الأهالي، كما أن كثيراً من المهاجرين من القرى وخاص الشباب يهجرون المناطق الريفية والقروية من أجل مواصلة الدراسة في المعاهد والكليات الموجودة بالمدن، بحيث يمكن ملاحظة أن الزراعة في القرى السعودية أصبحت نشاطاً ثانوياً بعد أن كان رئيساً وبعد أن كانت تتميز بالاكتفاء الذاتي وتنتج ما تحتاجه وتصدر الفائض إلى القرى المجاورة، وقد تبين أن معظم المواطنين السعوديين المهاجرين من القرى والمستقرين بالمدن الحضرية لهم علاقة وطيدة ومتينة بقراهم ولم تنقطع علاقاتهم عن مجتمع القرية بشكل مستمر بالرغم من أن غالبية المهاجرين تكيفوا بشكل كبير مع الحياة في المدينة، وهذا عكس ما لاحظه الباحثون في بعض المجتمعات الأجنبية أن عامل الهجرة أو الوضع السلالي في المجتمعات التي يسود فيها التمييز بين السكان على أسس عنصرية أو عرقية أو سلالية ينعكس على الأبعاد المكانية وتوزيع السكان على أحياء المدن كما هو واضح في بعض المدن الجنوبية من الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك في بعض المدن الهندية . فهم يشعرون أن أقاربهم سيعانون من بعض المشكلات التي تتعلق بتوفير السكن والمواصلات والتعليم باعتبار أن الظروف في المدن السعودية قد تغيرت عما كانت عليه عندما هاجروا إليها من قبل، ثالثاً : التجمعات السكنية في المجتمع السعودي : عندما نفذت الدولة برامجها التنموية والاجتماعية والاقتصادية جعلت من ضمن أهدافها إنشاء أحياء تحوي تجمعات سكنية لمواطنيها الذين يعملون في بعض المرافق والمنشآت المهمة، وتتميز تلك الأحياء بسمات وخصائص وظيفية ومهنية واقتصادية مشتركة قد يكون لها أثر مباشر وغير مباشر على طبيعة السلوك والعلاقات الاجتماعية لتلك الأسر. فبعد أن كانت زيارة العسكريين لجيرانهم في الأحياء المدنية العامة أسبوعياً تغير اتجاه الظاهرة وأصبح تبادل زيارة العسكريين بعضهم لبعض في التجمعات السكنية في أوقات المناسبات فقط واتضح كذلك أن العسكريين الذين ينتمون إلى التجمعات البشرية الصغيرة كالبادية والقرى، وينتمون إلى جنوب وغرب المملكة يحافظون على واجب الزيارة للجوار ولم يتأثروا بطبيعة الظروف المهنية والوظيفية المميزة للحي العسكري بالإضافة إلى ذلك فإن ظاهرة الزيارة في الأحياء العسكرية قد تأثرت كثيراً بنوعية عمل الزوجات، وهذا عكس ما هو موجود في الأحياء المدنية العامة عندما كانت علاقة العسكريين مفتوحة ويختارون رفاقهم من خارج أحيائهم المحلية. فكلما انخفض المركز الوظيفي والمؤهل الدراسي زاد من توجه الفرد نحو اختيار جماعة الرفاق من ضمن الساكنين، وهذا عكس ماكان يحدث في الأحياء المدنية العامة عندما كان الرجل العسكري يتميز بخلافات متعددة مع جيرانه المدنيين رابعاً : مجتمع الأقليات الثقافية في المجتمع السعودي : نتفق مع الدراسات السعودية التي رفضت مصطلح العرق الجماعة العرقية)، فهذا أبو جهل وذاك أبو لهب من الذين مثلوا أعلى درجات (سلم العرقية) عرب من بني هاشم ومن أشرف القبائل، بينما الإسلام ممثل بالرسول - - منح مكانة عليا لسلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي وهم ليسوا من عرق عربي، ولما للمجتمع السعودي من مكانة روحية لدى عموم المسلمين في جميع بلدان العالم وقصدهم المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة من أجل الحج والعمرة وزيارة مسجد الرسول - ل - والصلاة فيه، ففي المدينة المنورة وجد بعض الأقليات يسكنون في حي المنشية وحي باب الكوسة، وقد كشفت الدراسات أن مجتمع هذه الأحياء مجتمع محلي متميز يمثل أقلية لم تندمج في ثقافة المجتمع السعودي، بالرغم من أن بعضهم حصل على الجنسية السعودية وكان سبب عدم اندماجهم يرجع إلى عدة عوامل . بعض العادات والقيم الاجتماعية والثقافية الذي يتميز به بعض الأقليات جعل هناك فواصل بين ثقافتهم وثقافة المجتمع السعودي ومن أمثلة هذه القيم عدم الحرص على الكهرباء واستخداماتها باعتبارها متاعاً دنيوياً يجب أن يترك ليعطى جزاء الآخرة، عن طريق وضع علامة مميزة بنهاية الاسم وهي موطنه الأصلي، سواء ما يختص بمراسيم العزاء أو عند تعاونها في دفع الدية للقتل الخطأ، تتكون في معظم الحالات من مهاجرين سعوديين قادمين من أقاليم المملكة ومناطقها المختلفة، يميلون عادة إلى السكن في الأحياء المتوسطة والأحياء الراقية بينما تميل الأسر الوافدة من خارج المملكة للسكن في الأحياء الشعبية. إذ لوحظ أن معظم الأحياء السكنية في المدينة يغلب على كل منها القادمون من منطقة معينة (بالنسبة للسعوديين) أو من دولة معينة بالنسبة لغير السعوديين)، وهذا يعطي مؤشراً على وجود ما يسمى بظاهرة العزلة الاجتماعية القائمة على أساس اعتبارات الموطن الأصلي. ( أ ) الغالبية من سكان المدن لم يمض على إقامتهم في المدينة سوى فترات قصيرة جدا لا تتجاوز الخمس عشرة سنة، فطول إقامة المهاجر في المدينة واستمرار الإقامة فيها يساعد على توليد بعض المفاهيم التي في ضوئها تتقلص أهمية اعتبارات الموطن الأصلي، وغير ذلك من الأشياء التي يجد المهاجر نفسه في أشد الحاجة إليها خلال الأيام الأولى لقدومه إلى المجتمع الحضري والشيء نفسه يمكن أن يقال بالنسبة للعمالة الوافدة إلى حد كبير، فقد ثبت أن العلاقات الأولية المتولدة عن انتماءات المواطن الأصلية تمارس الدور الأساس في اختيارات الأفراد، وربما يؤخذ من ذلك دليل قوي على أن المجتمع المحلي الحضري الحي في المدينة في المجتمع السعودي لم يصل بعد إلى المستوى الذي يمكن معه استيعاب الفوارق الإقليمية بين سكانه، وكذلك تميزت هذه الفترة المتغيرة بضعف الارتباط بين الجيران وأقل تشجيعاً لتوسعة علاقة الجوار في الحي لتشمل الزوجات والأبناء،