كان أبي مزارعا يحب التربة، و يستيقظ مع الدواجن و العصافير، و يحلم أمام الطاحونة و يحنو على المحراث، كان كثير العمل قليل الكلام، و حين يتكلم يقول قولا حسنا. ذات ليلة قال لي و هو يتأمل الضيعة: " ولدي! لقد كبرت، و ارع أخواتك و إخوانك و الماشية و الدواجن، و في يده آثار الفأس و المحراث و التراب، قال رجال القرية: " ما مات من ترك خليفته!" و كنت أنا الخليفة، و خالطت الأبقار و الدواجن، و حنوت على المحراث و المذراة، كما كان والدي يفعل. فبدأت أحلامي تتركز في الضيعة و مصيرها. و في مساء يوم قلت لولدي الكبير ما سبق أن قاله لي أبي قبل أن يودع الدنيا. قلت له ذلك ليبقى عطاء ضيعة الأجداد مسترسلا.