كل ما يجب أن تعرفه عن صفقة القرن وزيارة ترامب للسعودية مي محمد - 29 يونيو، 2017 على هامش توقيع ما عُرف بـ «صفقة القرن» وفي الواحد والعشرين من مايو للعام 2017، تحت عنوان «العزم يجمعنا» التقى ترامب-الذي عُرف بمواقفه المُثيرة للجدل ضد المسلمين والعرب-خمسين من قادة الدول العربية والإسلامية؛ ليُلقي على مسامعهم شروط وسياسات الخدمة الجديدة للبيت الأبيض. تلك القمة التي أتت في إطار المباحثات الأمريكية العربية الإسلامية للقضاء على ما يسمى “الإرهاب والتطرف الإسلامي”، في سابقة هي الأولى في التاريخ، صهره جاريد كوشنر. فدعونا نُلقي الضوء ونطرح التساؤلات حول ما هية تلك الصفقة التي استحقت أن تعرف عنها. الجانب الاقتصادي في صفقة القرن كما وعد ترامب؛ ها هي دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية يسددون فاتورة الدفاع الأمريكي عنهم، ومن المتوقع أن ترتفع الصفقة لتشمل 460 مليار دولار على مدى السنوات العشرة المقبلة. وأنظمة دفاع صاروخية، ورادارات، وتكنولوجيا الاتصالات والأمن السيبراني. 1] كما وقعت الولايات المتحدة والسعودية مذكرة تفاهم بقيمة 500 مليون دولار فيما يمكن أن يصبح صفقة بقيمة 3. 5 مليار دولار لشراء 48 مروحية عسكرية من طراز شينوك CH-47 والمعدات ذات الصلة بها والتي هي من إنتاج شركة بوينج لصناعة الطائرات. 2] بالإضىافة إلى برنامج عسكري قيمته 18 مليار دولار لتطوير هيكل القيادة والسيطرة العسكري السعودي، والتجميع النهائي لـ 150 مروحية بلاكهوك إس 70. كما أعلنت السعودية عن صفقات تجارية بلغ مجموعها 55 مليار دولار مع شركات أمريكية في قطاعي الطاقة والكيماويات. كما تعهدت السعودية باستثمار ما قيمته 40 مليار دولار من صندوق الثروة السيادية في الشركات الأمريكية. بالإضافة إلى ملياري دولار قيمة مذكرة تفاهم لتوطين سلع وخدمات النفط. 3] الاتفاقيات التي وقعتها السعودية مع أمريكا خلال زيارة ترامب هل لحرب اليمن يَدُّ في هذا؟ منذ انطلاق شرارة ثورة الربيع العربي شهدت منظمة التعاون الخليجي شراهة في الإقبال على صفقات الأسلحة، فيما شهدت السعودية أكبر طفرة في مبيعات الأسلحة الدولية حيث ارتفعت واردات الأسلحة السعودية بمعدل 212 % في الفترة ما بين 2012-2016، مقارنة بالفترة ما بين 2007-2011. فإن صفقات الأسلحة البالغ قيمتها 110 مليار دولار التي وقعها ترامب والملك سلمان لهي مثال آخر على التوحش الذي سيلجأ إليه البعض من أجل التربُّح من حرب تدور رحاها باليمن، دون الاعتراف بالموت والدمار الذي تسببه هذه الصفقات. وفي حين أن السعودية تنفق 110 مليار دولار على صفقات أسلحة يُعتقد أنها في الأساس مُوجَّهة إلى حرب اليمن، تقر الأمم المتحدة في الاجتماع الذي عقدته في بروكسل الشهر قبل الماضي (أبريل 2017)، أنها بحاجة إلى 1. 1 مليار دولار-فقط-كمساعدات لتفادي المجاعات باليمن، حيث سبعة ملايين شخص لا يعرفون من أين ستأتي وجباتهم القادمة. 5] أثر ملف ولي العهد على صفقة القرن؟ في ظل التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والتي أذكت السعودية والإمارات جذوة كثير منها، كان لا بد من أن تؤمِّن السعودية نفسها من هذا المصير الذي ساهمت بالكثير لخلقه، وخاصة في إطار الخطة التي رُسِمت لتعيين ابن سلمان وليًا للعهد على حساب ابن عمه نايف، وعلى عكس رغبة العائلة المالكة. في ظل الوضع المالي الراهن للمملكة العربية السعودية والذي يُعزى إلى ارتفاع النفقات الحكومية نتيجة تهريب رؤوس الأموال، والتكلفة الباهظة لحرب اليمن، هل كانت المملكة حقًا بحاجة لمثل هذه الصفقات؟ بل هل تستطيع المملكة تحمل مثل هذه التكاليف؟ فوفقا للبيانات الصادرة عن صندوق النقد العربي[6] فمن المتوقع خلال عام 2017 أن يرتفع العجز في ميزان الخدمات والدخل السعودي خلال عام 2017 بنحو 5. 1% ليبلغ حوالي 42مليار دولار مقابل نحو 40 مليار دولار محققة خلال العام السابق 2016. ووفقًا لذات التقرير فمن المتوقع أن يبلغ معدل التضخم خلال عام 2017حوالي3%، ونحو 4. 1% خلال عام 2018. كما أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي في الثامن والعشرين من مايو للعام 2016 انخفاض احتياطيات المملكة من النقد الأجنبي بنسبة تزيد عن 30٪ إذ أنَّ صافي احتياطيات المملكة من النقد الأجنبي تراجع إلى ما دون الـ 500 مليار دولار في شهر أبريل، وبذلك تكون صافي الأصول الأجنبية السعودية قد انخفضت بنحو الثلث بعد أن كانت قد وصلت إلى أكثر من 730 مليار دولار في العام 2014. 7] هذا بالإضافة إلى العجز المذهل في الميزانية الذي وصل إلى نسبة 13٪ من الناتج المحلي الإجمالي بسبب الإنفاق الزائد، في ظل هبوط أسعار النفط بأكثر من 60%. وهنا يجدر بنا التساؤل: بأي حقٍ تبرم المملكة مثل هذه الصفقات وعلى الناحية الأخرى تُعلن خطط التقشف ورسوم القيمة المضافة على شعبها الذي رصدت التقارير الميدانية اتجاه البعض منهم للبحث في “سلال القمامة” عمَّا يسد الرمق! أحرامٌ على شعبها حقه من ثروته التي أودعها الله أرضهم، حلال للأمريكان وذويهم؟! القمم الثلاث وأهدافها تحت عنوان «العزم يجمعنا» وبهدف صياغة رؤية مشتركة بين الولايات المتحدة وعملائها في المنطقة؛ عقد ترامب ثلاث قمم دبلوماسية جاءت كالتالي: قمة خليجية-أمريكية: وتهدف بالأساس إلى التلويح بفزاعة الشيعة وإيران بالمنطقة لجني المزيد من التنازلات والأموال. وتأكيد دول المنطقة على دعم الولايات المتحدة في حربها ضد الإسلام والتي تُطلق عليها “الحرب ضد الإرهاب”، وتحمل تلك الدول لتكاليف هذه الحرب. هذا بالإضافة إلى افتتاح المركز الدولي لمكافحة الإرهاب والتطرف ومقره الرياض، الصراع العربي-الإسرائيلي منذ بداية الوجود اليهودي في فلسطين وإلى يومنا هذا، ما زال يتحكم بمصائر ومقدسات أمتنا حكام ورثوا الخيانة كما الحكم، فإذا بهم يتفننون في التنازلات، تبدوا البغضاء من أفواههم وتصريحاتهم، وما تخفي صدورهم أكبر. فلما حانت لهم الفرصة ليُبدوا ما كانوا يخفون من قبل؛ لم يترددوا ولم يستحوا، بل وذهبوا لأكثر من ذلك فاستغلوا الوضع الراهن في قطاع غزة والضائقة المالية التي يمر بها القطاع نتيجة الاحتلال؛ ليلعبوا هم وإسرائيل على هذا الوتر لإتمام ما أطلق عليه السيسي “صفقة القرن”، المسألة الفلسطينية خلال اللقاء الذي جمع السيسي بترامب في البيت الأبيض، صرّح السيسي قائلًا: «ستجدني وبقوة أيضًا داعم وبشدة كل الجهود اللي هتُبذل من أجل إيجاد حل لقضية القرن في صفقة القرن اللي أنا متأكد أن فخامة الرئيس هيتستطيع أنه ينجزها». لتنشر في اليوم التالي (4/4/2017) صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” تصريحًا على لسان المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات خلال القمة العربية التي عقدت في الأردن لوزراء الخارجية العرب مفاده أن ترامب ملتزم بتحقيق اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين يكون له أصداء إيجابية في أنحاء الشرق الأوسط والعالم. لتعقب الجريدة بعدها على حديث السيسي في البيت الأبيض قائلة: «وورد أن المبادرة سوف تبدأ بسلسلة بوادر، » [9] وهو ما يُعيد إلى الذاكرة المقترحات القديمة التي تناولتها أقلام مفكري الكيان المحتل على مدار العقود القليلة الماضية، وبخاصة مقترح يهوشع بن آريه وكذلك خطة جيورا إيرلاند اللذان يهدفان إلى: «تصفية القضية الفلسطينية عن طريق الأراضي العربية. وهو ما يمثل: اعترافًا بحق الكيان الصهيوني في الأراضي المُحتلة. تمكين سلطات الاحتلال من تهويد القدس. نهاية للحديث عن «حق العودة». وضع حماس وسكان قطاع غزة في مواجهة مباشرة مع تنظيم الدولة بسيناء. نقل مزيد من المشاكل الديموغرافية إلى الأردن. لمزيد من التفاصيل حول المقترحات ونتائجها ودوافعها نوصي بالاطلاع على: سيناء للفلسطينيين، والضفة لإسرائيل، ومصر شاهد على العقد. وكذلك: الدوافع وراء الحديث المتجدد عن وطن بديل للفلسطينيين، والبدائل المطروحة. هكذا بدأ الإعلان عن تجديد المباحثات حول التطبيع العربي مع الكيان المحتل، وإظهار هذه المباحثات للعلن تمهيدًا لإقرار الشعوب العربية والإسلامية بعملية التطبيع، أو إرغامهم على ذلك إن هم أبوا. التطبيع العربي الإسرائيلي إنه لمن محدودية الرؤية أن ننظر في الأحداث الراهنة دون اعتبار ماضيها ومقدماتها، فقضية مثل صفقة القرن وما نوقِش فيها، بل حتى قضية وطن بديل للفلسطينيين ليست قضايا جديدة على الساحة السياسية، بل هي قضايا لها جذور ومقدمات، فها هي التقارير تكشف رواج بضاعة الخيانة والتطبيع فها هي إسرائيل ترسل أول بعثة دبلوماسية رسمية لها في الإمارات في السابع والعشرين من نوفمبر للعام 2015، غير أن القناة الثانية للتليفزيون الإسرائيلي أشارت إلى أن المواطنين الإسرائيليين يستطيعون دخول الإمارات والتمتع ببعض الوقت فيها بدون تأشيرات دخول. 10] والاعتراف الكامل بإسرائيل من جانب دول الخليج والدول العربية في وقت ترتبط فيه مصر والأردن فقط بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل. 11] لمزيد من التفاصيل حول الخيانات الموروثة لحكام السعودية نوصي بالاطلاع على: السعودية وإسرائيل، علاقات حميمة بعد انقطاع طويل وكذلك: التطبيع السعودي الإسرائيلي… أزيح الستار: الجزء الثاني. هذا غير الحصار الأخير لقطر لإجبارها على التخلي عن مساندة وتمويل حركة حماس، إلا أن هذا الحصار والذي أظهر الوجه الدنيء للسعودية والإمارات وحلفائهم لا يمكن أن يبرِّأ ساحة قطر، فلقد كشفت القناة الإسرائيلية الأولى على لسان رئيسة حزب الحركة الإسرائيلي تسيبي ليفني أن قطر قدمت مبلغ 3 ملايين دولار لدعم حملة نتانياهو الانتخابية، فيما حصل حزب “إسرائيل بيتنا” على مبلغ مليون ونصف المليون دولار. أثارت الخريطة المُجتزَأة التي عرضتها قطر لفلسطين حفيظة الرأي العام العربي حيث تحتوي الخريطة المعروضة الضفة الغربية وقطاع غزة فقط. هل حقًا نحن على أعتاب صفقة، أم تنازلات من طرف واحد؟ لحفظ ماء وجه الحكومات العميلة لأمريكا أمام شعبوها، أشاع الإعلام مصطلح “صفقة القرن” لوصف التنازلات التي قدمها قادتهم إرضاءً لسيدهم الأمريكي، تلك التنازلات التي لم تشفع لهم لدى ترامب الذي أبى إلا أن يفضحهم على الملأ ويؤكد ما ذكره مرارًا وتكرارًا من سعيه في المضي قدمًا للاستفادة من أموال العرب وإرغامهم على الدفع نظير حماية عروشهم وطغيانهم. فهل فقدت أمتنا بوصلتها لمعرفة أعدائها، قائلًا: «هذا يعني بأمانة مواجهة أزمة التطرف الإسلامي والإسلاميين والإرهاب الإسلامي بجميع أنواعه». ثم هم يفرضون السياسات التقشفية والخطط الاقتصادية المهلكة زعمًا منهم أنهم يريدون مصلحة شعوبهم، ومعالجة اقتصادهم، والحفاظ على سيادتهم… فأي سيادة هذه التي يتحدث عنها هؤلاء والطائرات التي تحوم فوق رؤوسنا في الشام والعراق وغزة ومصر هي طائرات صُنعت بأموالنا، فمتى تستفيق شعوبنا لتأخذ زمام أمورها بيديها، وتثور على هؤلاء الحكام الذين يستعدوننا وهم على صدورنا جاثمين يزدادون بطشًا وتنكيلًا، ويُصرون على تمريغ أنوف أمتنا في وحل السيد الأمريكي ضمانًا لحفظ عروشهم من الزوال؟! المصادر: 1] Trump signs largest arms deal in American history with Saudi Arabia 2] Saudis to Make $6 Billion Deal for Lockheed’s Littoral Ships