في المساء الباكر كانت امراه تجري في طريق القريه فوق دراجه فاذا الدراجه تتحطم تحت سياره واذا راكبتها تقع من فوق الدراجه جثه هامده دون حراك واجتمع الناس في الغبش واكثر همهم ان يعلموا شيئا عن هذه الضحيه ويتعرفها نساء القريه ورجالها انها فلانه التي طالما راوها تجري على دراجتها الى طرف القريه صباحا وتعود الى بيتها مساء في مواعيد لا تكاد تختلف وعرفوا انها لم تكن بعد قد بلغت الاربعين وعرفوها اما لاطفال سته وخرجت للعمل تكسب لاطفالها مثل ما يكسب الناس تعين زوجها الذي ضاقت به الحال وحاق به الدين وعاقه المرض ولم تكن تعمل عملا يتسامع به الناس فيجلونه انها كانت تعمل عونا في النهار لسيده عجوز في اطراف القريه ومما تكسب تستعين به على شراء الطعام وكساء لاطفالها انها لا تراه تراهم بالطبع كل الوقت انها تجهزهم صباحا وتعني بهم مساء تدبير كان لابد من منه للاسره فيه طريق وقصوه على قلب الام ولكنه تدبير اغنى عما هو اشد قصوة الحاجه والعوز ومع هذا لم تترك لها المقادير هذا تدبيره قائما لقد حطمت الاقدار في ثواني معدوده عجلتي الدراجه تحت عجلات السياره وياتي الخبر اللعين الى بيت الفقيده ويذهل الاطفال بعد فهم وبعض لم يفهم ولكنهم جميعا احسوا بان شيء عزيزا كان قائمافيهم قد اختفى كما تختفي الشمس من بعد النهار الا ان الشمس تختفي لتعود اما هذه فاختفت ولن تعود ويسال الطفل الصغير لما لم تعد امه وتجيب كبر البنات والدمع يغلبها ان امنا ذهبت في سفر بعيد ويتسامع بالخبر اهل القريه الصغيره الطيبه ان الناس في القريه الصغيره تتعارف بالوجه قبل ان تتعارف بالاسماء ويهز الحادث قلوب اهل القريه ليس اكثر همهم الان في الام التي رحلت ولكن في الصغار الذين تركت وسارعوا يتقاسمون الاطفال ولدين توامان فهذان للسيد فلان ان التوائم لا يحسن تفريق بينهما وسمع بهذا الخبر رجل شيخ من محسني القريه الصغيره فثار لان اسره من اطفال صغار سته جمعها سقف واحد يراد بها ان تتمزق وتتفرق والذكر ما ناله هو من التفريق في صباهه حين فقد بعد عطف الامي عطفا لاخوتي وجوا الاسره فاخذ يطلق صوته في الناس ويكتب النشره ثم يديرها على المنازل وعلى التجار وفي مسجدها الوحيد وينهل المال من كل صوب على الرجل الشيخ الذي تطوع لانقاذ الاسره لم تكن بالغه كبيره ولكنها اشاره انسانيه نبيله وانهالت على البيت الصغير للهدايا والاطعمه المجففه ومعلبه حتى لقد جاءتهم منها صناديق كامله