فضلا عن كونها مبدأ عاما أقرته كل المجتمعات البشرية، وشاملا كل أفراد المجتمع على اختلاف مستوياتهم ووظائفهم، كما تعد مؤشرًا من مؤشرات قياس الصحة النفسية للفرد، هو مواطن قادر على تحمل المسئولية تجاه نفسه، كما ينعكس شعوره بالمسئولية على تفاعله مع مجتمعه ومشاركته بفاعلية في تطوير ذاته، كما يقع على عاتق أي فرد في المجتمع مسئولية العمل لمصلحة المجتمع ككل، حيث تمثل المسئولية التزام الفرد بالمبادئ والقوانين والأعراف والسياسات المجتمعية واحترام الأهداف والمعايير العامة للمجتمع، مع وعي الفرد بكيفية التأثير والتأثر في المجتمع من خلال الالتزام بأداء العمل المنوط به طبقا لما هو محدد مما يحقق العدل والمساواة لجميع الأفراد وعليه، فضلا عن كونها حاجة فردية حيث يتسم الفرد المسئول" بإنجاز ما يوكل إليه من أعمال، والثقة بالنفس، وتقدير الذات والانتماء للوطن، والولاء لمبادئه العليا. نظرًا لارتباطها بالقيم والمبادئ الأخلاقية العامة التي يجب على الفرد احترامها، والالتزام بها في سلوكه وتفاعلاته مع الآخرين، والتي من دونها يصبح الفرد متخليا عن قيمه ولا يحترم الآخرين، أو الضوابط الذاتية الداخلية " التي تحكم تفاعلات، وممارسات الفرد، والالتزام بها يُعد أمرًا ضروريًا في ممارسة أي مهنة، نظرًا للخصوصية الفريدة لتلك المهنة، وما تحمله من أهمية كبرى في تشكيل مستقبل الأمة، فضلا عن المسئوليات الملقاة على عاتق المعلمين في المؤسسات التعليمية، لذا صار الاهتمام بمفهوم الضوابط الذاتية لدى المعلمين، كونها تمثل الضوابط الذاتية التي تضمن للمعلم التزامه بالمعايير الأخلاقية في ممارساته المهنية المختلفة، فهي بذلك توجه، وأدواره المختلفة بكفاءة وفاعلية. وللتأكيد على أهمية المسئولية الأخلاقية لمهنة التعليم، وآثارها الإيجابية؛ حيث اهتم تشانغ، وجاو بدراسة "العلاقة بين المسئولية الأخلاقية للمعلم وتنمية الأخلاق لدى الطلاب" في المجتمع الصيني وشملت 300 من طلاب المدارس الثانوية و 50 معلما، وتوصلا إلى أن المسئولية الأخلاقية للمعلم ذات علاقة إيجابية بتنمية الأخلاق لدى الطلاب، فإنه يكون أكثر قدرة على خلق بيئة تعلم إيجابية، فضلا عن تشجيع الطلاب على التفكير بشكل نقدي في القضايا الأخلاقية والنمذجة للسلوك الأخلاقي. كما أكدت دراسة , العلاقة الحتمية بين المسئولية الأخلاقية للمعلم والمسئولية المهنية، حيث يتطلب الأداء المهني السليم الوعي بالمعايير الأخلاقية واحترام قواعد الأخلاق والقيم في التصرفات المهنية، وهوية المعلم المهنية وفقا لدرجة التزامه بالمسئولية الأخلاقية، وبقواعد وأخلاقيات مهنة التعليم". وهكذا يشير تحليل الأدبيات إلى العلاقة بين المسئولية الأخلاقية لمهنة التعليم، والتزام المعلم بها، والأداء المهني له داخل الصف الدراسي وتأثيره على طلابه، حيث أن المعلمين الذين يتمتعون بمستوى عال من المسئولية الأخلاقية يمكنهم أن يمارسوا دورًا هاما في تعزيز وتنمية الأخلاق لدى طلابهم من خلال نمذجة السلوك الأخلاقي وخلق بيئة تعلم إيجابية، وتطوير شعورهم بالمسئولية الأخلاقية، والمشاركة في تشكيل سلوكيات أخلاقية، الأخلاقية لطلابه وتحسين سلوكهم وتصرفاتهم الأخلاقية في المجتمع. ويجدر التأكيد في هذا السياق أن للتربية والثقافة دورًا كبيرًا في تشكيل المسئولية الأخلاقية لمهنة التعليم؛ حيث يعد السياق التربوي والاجتماعي الذي ينشأ فيه المعلم من أكثر العوامل المؤثرة في تشكيل المسئولية الأخلاقية لمهنة التعليم، وذلك من خلال تضمين المفاهيم الأخلاقية وتطبيقاتها في المقررات الدراسية، وتشجيع التفكير بشكل نقدي في قضايا خلقية مثيرة للجدل، وتوفير فرص لتطبيق هذه المفاهيم في سياقات عملية، بالإضافة إلى تشجيع الطلاب على التواصل مع المجتمع المحلي والزملاء لتحسين فهمهم لأخلاقيات التدريس في سنوات مبكرة من الحياة المهنية، والعمل على تشكيل وعي الطلاب بمفهوم المسئولية الأخلاقية لمهنة التعليم كأحد الجوانب الهامة اللازمة لنجاح العملية التعليمية، وتحسين جودتها وتأسيسا على ما تقدم، ومن ثم يمكن اعتبار تشكيل المسئولية الأخلاقية لمهنة التعليم لدى طلاب كليات التربية عنصرًا أساسيًا في تطوير المجتمع ومواجهة تحديات الحاضر والمستقبل، وعلى تنمية طلابه أخلاقيا، وتعريف الطلاب بالأساليب الفعالة لكيفية تطبيقها،