شاع القول طويلا بأن التكنولوجيا محايدة لا تأثير لها على القانون، وبأن العكس هو الصحيح. لكن الموضوعية تقتضي الاعتراف بالأثر المتبادل بين الحقلين، على الأقل بملاحظة قيام فرع قانوني جديد إثر كل تطور مهم للعلوم والتكنولوجيا بغاية تنظيم استعمالاتها والحد من مخاطرها. يلاحظ أن القانون كان يسري تقليديا في المجال الوطني أو الإقليمي الخاضع للسيادة الوطنية، رغم تواجده بجانب القانون الدولي الذي كان يغير الوضع بقوة في بعض الحالات. ولقد ساهمت التكنولوجيا في قلب ترتيب المجالات لأنها لا تخضع للحدود السياسية بين الدول وخير مثال على ذلك هو الشبكة العنكبوتية والإعلام السمعي البصري والاتصالات بكل حواملها. وبالموازاة صار القانون الدولي بشقيه العام والخاص يفرض نفسه على القانون الوطني مجسدا تقلص السيادة الوطنية في السيطرة على التكنولوجيا. وقد ينتج عن ذلك تقارب أو تعارض بين الأنظمة القانونية الكبرى كما هو الحال بين قانون الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي في ميادين الملكية الفكرية بكل تطبيقاتها التجارية والصناعية والأدبية، و حماية المعطيات الشخصية وتطبيقات البيوتكنولوجيا. من البديهي أن تنظيم استعمالات وآثار التكنولوجيا يساعد على عولمة القانون المفروضة بعولمتها ذاتها. وهذا ما يخلق ضرورة تصور أدوات ومناهج جديدة لوضع القانون.