أدب عصر الانحطاط زالت الدولة العباسية وانقرضت معها دولة العلم والأدب، والسبب في ذلك أن الغزاة الذين استولوا على البلاد العربية وتسلموا زمام الأمور عملوا على خنق الحرية وعلى تضييق أجواء الانطلاق فبتروا الأجنحة المدوية، واندفقت على البلاد العربية اندفاق السيل العاتي، تنشر الرعب والدمار وتعمل السيف في رقاب العباد. فاتم عمل جده ، وحول أنظاره إلى بغداد فهاجمها، فقامت المدنية على مدافن العلم تبكي نورا أفل، وقد اجتاح آسيا الصغرى وامتد إلى الشام، و تسلط الخمول على العقول، وانصرفت إلى الجمع والتقليد ، وقد أصبح الأسلوب غاية الكتابة، وكثيرا ما انصرفوا إلى التأليف في الأدب والتاريخ واللغة والعلوم الدينية والمدنية، يغذون بها عقولهم الجائعة وبصائرهم الزائغة وكان على كل حال تقليدا واقتباسا مع زيادة في الزخرفة، والشاعر الشاعر من تفوق على غيره في تكديس المحسنات، وللجناسات دور مهم على مسرح الشعر في ذلك العهد ، وكان على كل شاعر مشهور أن يقول في هذا الباب، وأن ينظم قصائد في المديح النبوي ويضمنها كل أنواع البديع، فكل بيت فيه نوع من البديع وفيه تمثيل له، كما أكثروا من التواريخ الشعرية حتى أصبح الشعر معهم أحيانا عملية حسابية . وعلى الجملة فقد سقط الشعر أسلوبا ومعنى وعاطفة وخيالا إلا في القليل النادر . وكانت حركة التأليف في العلوم والآداب محمودة في البداية لكثرة المدارس، وانصرافهم إلى التأليف بأكناف السلاطين، فمن الذين اشتغلوا بالنحو ابن مالك الطائي، ومنهم ابن هشام الأنصاري وله « قطر الندى وبل الصدى» ومنهم صاحب الآجرومية. ومن الذين اشتغلوا بتصنيف المعاجم اللغوية ابن منظور صاحب «لسان العرب ، وكان للمغرب يد على فلسفة التاريخ وعلم الاجتماع في مقدمة ابن خلدون له كتاب العبر» في تاريخ العرب والعجم والبربر، ومن الذين اشتهروا في مصنفاتهم التاريخية ابن خلكان وله « وفيات الأعيان ، و منهم شمس الدين الذهبي وله « تاريخ الإسلام). فإن أصحابها ما انفكوا يعانون الرحلات في سبيلها، وابن بطولة الوكالة المشهور وله كتاب «تحفة النظار »،