و ًلا: التطورات التاريخية لسيطرة الدولار على الاقتصاد العالمي بوصفه أداة لتسوية المدفوعات تنشأ العلاقات الاقتصادية الدولية نتيجة انتقال السلع عبر الحدود السياسية، إما داخلة وتسمى بالواردات، وإما بانتقال مؤدي الخدمات أنفسهم، كما إن عوامل الإنتاج وأهمها رأس المال قد تنتقل على شكل قروض تمنح من دولة لأخرى سواء لمقابلة استثمار حقيقي أو لتسوية مدفوعات نشأت عن تبادل تجاري"١. ويترتب عن هذه الانتقال قيام علاقات دائنة وأخرى مدينة، إلا أنه من منطلق أن لكل بلد عملته، الدول منفصلة بمجموعة من الحواجز الإدارية والسياسية. الوحدة مشتركة، ١٩٨٦ ص ١٧ 4 وإنما هناك بعض الاجتهادات حاولت شرح مفهومه: حيث تعرف زينب حسين عوض االله )سنة ١٩٩٩( النظام النقدي على أنه "تنظيم تداول النقود من خلال الدولة، بالإضافة إلى كل القوانين والأنظمة والتعليمات والإجراءات المنظمة لعملية خلق النقود وإعدامها"٣. بينما ركز مصطفى رشدي شيحة )سنة ١٩٨٥( - وإن كان لم يشدد في تعريفه للنظام النقدي على أنه ليس مصطلح ًا علمي ًا - على الجانب الشكلي، وهو ما يبرز من خلال تعريفه بأنه "مجموعة العلاقات والتنظيمات التي تميز الحياة النقدية لمجتمع ما خلال فترة زمنية معينة ونطاق مكاني محدد، الاقتصادية لمقارنتها مع بعضها البعض"٤. بين النظام النقدي داخل كل دولة، من خلال تقسيمه هذا الأخير إلى قسمين: فالقسم الأول هو ذلك النظام الذي تتبناه المنظومة الوطنية؛ فينظم في إطار العلاقات الاقتصادية الدولية. المنظمة للعلاقات النقدية داخلية كانت أو خارجية، وخلال القرن التاسع عشر، وودز. فهو يتمتع بصفة العمومية والقبول التام بين الاقتصادات المختلفة. ففي إطار هذا النظام، ا ر : ا ار ا ١٩٨٥، ص ٨٣-٨٤ 1> ا 5'ا /. باعتبار أن الذهب وسيط عالمي في 5 على القيمة الاقتصادية للنقود وعلى تحقيق التوازن والاستقرار النقدي بين نمو النشاط الاقتصادي الداخلي والمبادلات الخارجية، بالإضافة إلى تثبيته لأسعار الصرف بين عملات الدول؛ وقد نجحت قاعدة الذهب في استنباط أدوات دفع جديدة تتمثل في النقود الورقية، والنقود الائتمانية لتعوض عجز القطع الذهبية عن متابعة احتياجات التمويل الاقتصادي عن طريق ربط هذه الأخيرة نظري ًا بالذهب، محققة مستوى مناسب من السيولة التي أدت إلى انتعاش الأسواق النقدية والمالية. التي تقوم الدولة بجمعها فتصدر كميات من النقود انطلاق ًا من هذه الاحتياطيات تمثل الكتلة النقدية للدولة. وترتفع احتياطيات الدولة في حالة ما إذا زادت صادراتها على وارداتها، أما في حال عرفت الدولة عجز ًا في ميزان مدفوعاتها نتيجة انخفاض الاحتياطيات، لتصبح منتجاتها أكثر تنافسية في سوق المبادلات الخارجية، مما يسمح بدخول الذهب إلى الدولة؛ وهذا بدوره يدفع بارتفاع نسبة الكتلة النقدية إلى أن تصل إلى مستواها الأول"٥. وخدم نظام قاعدة الذهب العملة الإسترلينية بسبب الدور الذي أدته بريطانيا في المبادلات التجارية الدولية، غير أن هذا النمو تراجع نتيجة الحرب العالمية الأولى، فحقق فائض ًا كبير ًا في ميزان مدفوعاته، ونتج من هذه الزيادة - في حجم الاحتياطي الذهبي - تعاظم كمية فتضخمت العملات الورقية المختلفة أكبر بكثير من قدرتها الشرائية قبل الحرب، بسبب نفاد فرص الاستثمار في الولايات المتحدة الأمريكية، دول أوروبا بذلك نتيجة تراجع تدفق رأس المال الأمريكي إليها؛ فوجدت معظم هذه الدول موازين مدفوعاتها في حالة عجز، وهجرت قاعدة الذهب، وسمحت لقيمة عملاتها بالانخفاض. P 215 ويحتفظ في الوقت نفسه بميزاته. ب- تسوية المدفوعات في ظل النظام النقدي "بروتن وودز" بدأ التفكير قبل نهاية الحرب العالمية الثانية بتطوير نظام نقدي من شأنه أن يعزز ثلاثة أهداف: إزالة تحقيق تحويل العملات التي تلاشت كلية نتيجة الرقابة على نظام الصرف؛ وتجنب تخفيض قيمة العملة لأغراض تنافسية. لإقامة باعتماد مخططات مقترحات من طرف كل من الإنكليزي "اللورد كينز"، حيث دعا اللورد كينز في مشروعه إلى أن إدارة وضبط النظام النقدي الجديد يتطلب إنشاء مؤسسة دولية ذات طابع مركزي عالمي، من حيث القيام بعملية المقاصة والدفع بالأرصدة بين البنوك المركزية؛ بهدف العمل على استقرار أسعار الصرف من أجل محاربة كل أشكال القيود على المدفوعات الخارجية التي تحد من حرية التجارة وانتقال الأموال، لذلك، اقترح تكوين صندوق دولي لتثبيت قيمة عملات الدول الأعضاء وعليه، - تحديد أسعار صرف عملات الدول الأعضاء على أساس الذهب أو الدولار. - تعديل أسعار صرف عملات الدول الأعضاء التي تعاني عجز ًا هيكلي ًا في ميزان مدفوعاتها٧ )بنسبة من هذا المنطلق، النقد الدولي، للاقتراض منه بعملات الدول الأخرى، ا ا / اJول، 7 وإنما تمثل سحب ًا من حصة الدولة في الصندوق"٩، أما إذا كان عدم التوازن ذا طبيعة هيكلية، من جهة أخرى، كان على نظام "بروتن وودز" توفير احتياطيات دولية كافية للحفاظ على أسعار فإن جزء ًا كبير ًا ومهم ًا من هذه الدولارات كان يحتفظ بها كما كانت تستخدم لتغطية الإصدار النقدي لمختلف العملات. ويعود ذلك إلى وفي نهاية الأربعينيات، الذي أدى إلى ازدهار الاقتصادي الأمريكي، دون أن تظهر عليه عوامل تضخمية خطيرة. أما الدول الأخرى التي تزيد احتياطياتها من الدولار، ومن هنا، أصبح الاقتصاد العالمي كله سوق ًا للدولار الأمريكي"١١، مقابل ما انتهجته السياسة الاقتصادية الأمريكية من التزام تحويل الدولار إلى ذهب نتيجة الأهمية النسبية الكبيرة التي احتلتها العملة الأمريكية إلى جانب الذهب في نظام صندوق النقد الدولي. استمر العجز الكبير في ميزان مدفوعات الولايات المتحدة الأمريكية، إلى أن تجاوزت الدولارات التي عندها، 12أن ق أ اقا ه ا وا : ـا ه#ا"#('"& ا % نا اص # "! ا ول و+ اء ا ه ) ، "" . - # و+ اء ا ه 01ت "! ا ول. وانسحب المضاربون مؤقت ًا. غير أن تزايد عدم إمكانية تحويل جميع الدولارات التي بحوزة الجهات الرسمية الأجنبية إلى ذهب، انتقل النظام بمعنى الكلمة من "قاعدة الصرف بالذهب" إلى "قاعدة الصرف بالدولار"؛ تزايد الضغط عليها لتنفيذ التزامها بتحويل الدولار إلى ذهب؛ مع العلم أن حجم الدولارات سجلت نقص ًا كبير ًا مقابل الرصيد الذهبي، يقضى بالتخلي عن التزامها بقبول تبديل دولارات الجهات الأجنبية الرسمية إلى ذهب؛ فكان ذلك الإجراء بمثابة المؤشر إلى نهاية الأسس التي قام عليها النظام النقدي "بروتن أعلنت بذلك ليتم الانتقال إلى نظام أسعار الصرف المرنة، ولهذا، لقد تضمن النظام النقدي "بروتن وودز" آلية تمثلت في ضرورة توفير زيادة ستمرة وثابتة في الـسيولة فتسبب ذلك في خلق أزمة نقص في الاحتياطيات الدولية، فمقابل نمو التجارة الدولية بمعدلات مرتفعة ١٠-١٣ بالمئة سنوي ًا خلال الفترة ١٩٥٨ - ١٩٧٠، ٣ بالمئة(،