المطلب الثاني: القانون الواجب التطبيق على العقود التجارية الدولية تحظى مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي أهمية كبيرة لما يترتب على هذا التحديد من أثار قانونية هامة، حيث يشكل القانون المطبق على العقد الأساس الذي يجري في إطاره تقدير مدى صحة العقد من ناحية، النص عليه من عدمه كنسيانه وهذا ما يقتضي منا توضيح هاتين الوضعيتين على النحو الآتي: أولا: عندما يكون القانون الواجب التطبيق منصوصا عليه جرى العمل على خضوع العقد التجاري الدولي لقانون الإرادة، فالإرادة هي أساس القانون على إرادة أطرافها، استنادا على حرية المتعاقدين في تحديد النظام القانوني لحكم العقد، مما يؤدي بنا إلى تحديد المبدأ الذي على أساسه يختار المتعاقدان القانون الواجب التطبيق على هذا العقد، بإعطاء شيء، أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل مثلما سبق وأن أشرنا إليه. وذلك عندما يقوم الطرفان بتعين هذا القانون بعبارة صريحة في العقد والإفصاح عن إرادēم بشكل واضح وجلي، ويكون ذلك عادة بإدراج شرط في العقد يبين فيه القانون الواجب (2 (التطبيق يعرف بشرط اختيار القانون الواجب التطبيق أو شرط الاختصاص التشريعي على ما يسميه البعض، بقولهما أن العقد الذي يبرم بينهما محكوم بقانون دولة معينة، إذ يتعين على القاضي في هذه الحالة أن يعتد đذا القانون، ما دام العقد يتصف بالصفة الدولية، إذا لم تتوفر لا يعتبر أن الأطراف قاموا đذا الاختيار بصريح العبارة ومن ضمنها: الشرط الأول: وجود صلة بين القانون المختار والعقد أو المتعاقدين، ويقصد بالصلة هي العلاقة الموضوعية التي تربط بين القانون المختار والعقد أو المتعاقدين حيث يجب على الأطراف الاختيار من النظم القانونية التي كان للقاضي أن يختارها لو كان الحق في ذلك، أو كاختيار قانون محل تنفيذ العقد، فمن غير المتصور أن يتفق الطرفان على قانون لا يعرفان فحواه لأنه يضر قبلكل شيء بالمتعاقدين أنفسهم. شريطة أن يتم ذلك من خلال قرائن مؤكدة تدل على وجود هذه الإرادة كالملابسات والظروف المحيطة بالعقد، واستخدام لغة معينة في العقد أو مكان إقامة الطرفين وأحيانا جنسيتهم المشتركة أيضا، موقف المشرع الجزائري في هذه الجزئية نجده قد أشار إلى الإرادة الضمنية في المادتين (18 و 19 (من القانون (2 (المدني الجزائري بعدما أصبح القاضي ينظر في ظروف و حيثيات العقد وجنسية وموطن المتعاقدين. ولكن إذا كان المبدأ هو حرية الأطراف في اختيار القانون الذي يحكم علاقتهم التعاقدية ضمن العقد التجاري الدولي سواء أكان ذلك صراحة أو ضمنيا إلا أن هذا المبدأ ترد عليه استثناءات يستبعد فيها القانون المختار لحكم العقد التجاري الدولي ليحل محله قانون آخر، والجوهرية في دولة القاضي الذي ينظر في النزاع، إضافة إلى حالة الغش نحو القانون الذي يقوم في الأطراف بالتحاليل على أحكام قانون معين. - التصور القضائي المطبق لنظرية الظروف الطارئة. ب- اعتماد قانون بلد المشتري (المستورد): يمكن أن يكون قانون بلد المشتري ينطوي على فائدة بالنسبة للبائع، إلا أن هدا المسلك يستدعي معرفة هذا القانون والتحكم فيه فمن الخطورة بمكان قبول الخضوع لقانون لا يعرف عنه البائع إلا القليل. ج- اعتماد قانون حيـــادي: هذا المسك يسمح بوضع حد للنزعة الوطنية التي غالبا ما تظهر خلال إبرام العقود التجارية الدولية، وفي مجال الممارسات التجارية الدولية، لكونه غالبا ما يكون في صالح المصدر (البائع)، إلى جانب كونه قانون دولة محايدة، وهو الأمر الذي يعتبر عاملا إيجابيا بالنسبة للمتعاملين. ثانيا: عندما يكون القانون الواجب التطبيق غير منصوص عليه عند غياب الاختيار الصريح أو الضمني، ولم يتوصل القاضي المعروض أمامه النزاع إلى الكشف عن الإرادة الضمنية للأطراف، فإزاء هذا الفرض فإن قوانين أخرى يمكن أن تحل محل قانون الإرادة، الأمر الذي دفع إلى تخويل القاضي أو المحكم سلطة تعيين القانون الواجب التطبيق على العقد ليتسنى له الفصل في النزاع المعروض أمامه، وذلك لأنه يفضي دائما إلى الإخلال بتوقعات الأطراف وإهدار الأمان القانوني الذي يجب أن يسود ( 1 (المعاملات الدولية. وهكذا فإنه يتعين على القاضي أو المحكم في بحثه عن القانون الواجب التطبيق اللجوء إلى تركيز الرابطة العقدية بإسنادها إلى القانون الأوثق صلة đا والذي يشكل على هذا النحو مركز الثقل في الرابطة العقدية، مما يدفعنا إلى دراسة كل هذه الضوابط تباعا ضمن النقاط التالية: -الضوابط العامة في تحديد القانون الأنسب: لقد تقرر حصر هذه الضوابط العامة في ضابطين يتمثلان في قانون مكان إبرام العقد وقانون مكان تنفيذه، بينما قانون الجنسية المشتركة لم يحصل الاتفاق عليه، كما أن البعض يعتبر أن الجنسية المشتركة للطرفين لا تكسب العقد الصفة الدولية و لا نكون هنا أمام تنازع القوانين، (1 (على العكس بالنسبة للضابطين السابقين فقد حصل الاتفاق عليها، الذي سنولي مفهومهما على النحو الموالي: أ- قانون محل الإبرام: وفقا لهذا الضابط فإنه في حالة سكوت المتعاقدين على اختيار القانون الذي يحكم العقد، وحتى قضاء الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى القانون الجزائري ضمن مادته 18 من القانون المدني السابق الإشارة إليها. و يرجع الأخذ đذا القانون إلى أن قانون مكان التنفيذ أصبح هو المفضل لدى الفقه الحديث نظرا للانتقادات التي وجهت لمحل الإبرام، إضافة أن العقد يظهر من خلال تصرفات خارجية يقوم đا المتعاقدان كتسليم البضاعة في عقد البيع الدولي مثلا والذي يعد الالتزام الرئيسي قبل الالتزام بنقل الملكية، و تبعه في هذا الرأي كل من القضاء الألماني و السويسري. 2 -الضوابط المتعلقة بظروف وملابسات التعاقد: و أول من أتى đذه الفكرة و لو بطريقة غير مباشرة الفقيه الفرنسي "Henri BATIFFOL "أثناء دراسته للقانون المطبق على التصرفات التعاقدية التي أقر فيها "تركيز العقد"، بحيث لم يتوقف هذا الفقيه عند حد تركيز العقد في حالة وجود اختيار المتعاقدين للقانون الذي يحكم العقد بل وصل إلى غياب إرادة المتعاقدين، بحيث القاضي عند بحثه عن القانون الذي يركز فيه العلاقة العقدية يتم ذلك بالرجوع إلى ظروف وملابسات التعاقد، وعلى هذا الأساس قد ينتهي القاضي إلى تركيز العقد في بلد معين، وقد تبعه في ذلك القضاء (1 (الفرنسي الحديث. - اللغة التي يحرر đا العقد. إذ ذلك يعني أن أطراف العقد الدولي ونتاج معاملاēم هذه يجدون أنفسهم مضطرين للخضوع لأحكام يجهلوĔا، كما يجب أن نلفت الانتباه هنا إلى أن الشرط المتعلق بتحديد المحكمة المختصة جغرافيا بفض المنازعات التي يحتمل أن تثور الذي سنولي (3 (مستقبلا،