في الخامس عشر من مايو ايار عام الف وتسعمائة وثمانية واربعين اعلنت بريطانيا انها ستنهي الانتداب وتخرج من فلسطين مما يعني قيام الدولة اليهودية دون شك فاقتربت ساعة الحسم وقررت الجيوش العربية دخول فلسطين ستة جيوش عربية عقدت العزم للزحف نحو فلسطين في محاولة اخيرة لانقاذ الارض العربية لكن الهزيمة كانت مدوية امام العصابات الصهيونية فوقعت النكبة وتبادل الزعماء العرب الاتهامات فيما بينهم وسط نقص حاد في المعلومات والتفاصيل حول الاسباب التي ادت الى تلك الهزيمة وما اسباب التقصير وسوء التقدير الذي حصل على المستوى العسكري بالتحديد وحده العراق كانت دولة العربية الوحيدة التي شكلت لجنة نيابية للتحقيق في اسباب الهزيمة فلماذا لم تحجد الدول العربية قوات كافية؟ ولماذا تغيرت الخطة العسكرية قبل الحرب بيوم واحد؟ الجيش العراقي تقدم دون خرائط والجيش المصري تقدم دون مطابخ يوم الهدن الثاني لم يكن لديه من ذخيرة القتال لكن وسط كل ذلك الضجيج عام 48 ما حدث في مدينة القدس كان استثنائيا بكل المقاييس العسكرية تحت قيادة الضابط الأردني عبد الله التل الرجل الذي كتب وثيقة استسلام القوات اليهودية بعد هزيمتهم في القدس الشرقية إذ لم تنجح القوات اليهودية في احتلال المدينة كما أرادت معركة القدس القديمة هي نقطة فاصلة في مجريات حرب فلسطين عام 48 بل إن ديفيد بن جوريون يعتبرها الغصة الكبرى بسبب فشل القوات اليهودية في احتلال القدس القديمة ويقول بن جوريون في مذكراته لقد خسرنا في تلك المعارك ضعفاي قتلانا في الحرب كاملة بعد أن نجحت تل وكتيبته في إنقاذ القدس الشرقية وتحت عنوان كارثة فلسطين كاشفا عما وصفها بخيوط المؤامرة التي وقعت خلال الحرب تحديدا ما يتعلق بالقيادة البريطانية للجيش الأردني لينتهي إلى أن حرب فلسطين برمتها ليس في معارك القدس بل في مجمل القضية الفلسطينية حينما يشير عبد الله التل إلى الوثائق هنا من عنده لا بسند كلامه بوثائق ويعلق على هذه الوثائق وأحيانا بخط اليد كانت فلسطين تحت الانتداب والجيش الأردني قيادته بريطانية فكان في وحدة حال فدائم التنقل بين فلسطين والأردن ومستودعات السلاح والزخيرة وتعرف على جميع المناضلين بهذه المرحلة كل المناضلين الفلسطينيين وكانت علاقة أخوية وحميمة من إبراهيم أودية لعبد القادر الحسيني خالد الحسيني قاسم الرماوي عبد الله الرماوي العدوان النجار كمال ناصر بهجة أبو غربية حسن سلامة وعلاقة فوق العادة كانت بعد قرار التقسيم عام 1947 أخذت طبول الحرب تقرع وبدأت القوات الصهيونية بالتقدم لاحتلال القرى والمدن الفلسطينية قبل الحرب بأسبوعين وعادت الثلاثين من أبريل نيسان عقد رؤساء أركان الجيوش العربية اجتماعا موسعا في العاصمة الأردنية عمان من أجل الاتفاق على الخطة العسكرية لحرب فلسطين المرتقبة وتوصلوا إلى أن التغلب على القوات اليهودية يتطلب ستة فرق عسكرية كاملة التنظيم والسلاح كما اتفقوا على أن جميع القوات في الميدان يجب أن تكون خاضعة لقيادة موحدة وهو الخلاف الأكبر الذي رافق العرب خلال الحرب إذ إن القيادة المركزية للجيوش العربية لم تكن إلا شكلية فقط وهو ما أشار إليه رئيس أركان الجيش العرقي الفريق صالح صائب الجبوري في مذكراته إذ قال إنها لم تثبت سيطرتها ولم تستطع فرد كلمتها على قيادات الجيوش الذين لم ينصعوا لأوامرها الأمر الذي دفع القائد العام اللواء الركن نور الدين محمود إلى تقديم استقالته وإعفاء نفسه من واجب القيادة العامة وقبل خمسة أيام على اندلاع الحرب عقد القادة اجتماعاً أخيراً في دمشق وضعت خلاله خطة الحركات المرتقبة لكل جيش من الجيوش الستة لكن المفاجأة كانت في تلك التعديلات المفاجئة التي أدخلت على الخطة قبل يوم واحد على بدء الحرب تحديداً تعديل تحركات الجيش الأردني الجنرال البريطاني الذي يقود الجيش الأردني والذي هدد بالإحجام عن إشراك قواته في القتال إن لم تتغير خطة العمليات على الأرض الأمر الذي اضطر الجامعة العربية إلى تغيير خطة الحركات العسكرية جون جلوب أو جلوب باشا أحد ألغاز حرب 48 فقد اختارته بريطانيا قائداً للجيش الأردني بموجب المعاهدة الأردنية البريطانية التي وقعت عام 46 إذ وضع الجيش الأردني كله تحت قيادة عسكرية بريطانية كان جلوب قد قرر أن تسير الخطة العسكرية الأردنية وفقاً لحدود قرار التقسيم دون أي تجاوز الأمر الذي أسقط مدينة القدس من كل حساباته وفي مذكراته جندي مع العرب يوضح جلوب أموراً ويخفي كثير لكنه يؤكد أنه من رسم للجيش الأردني خطوطه التي سيقف عندها ويقول أيضاً إنه من يتحمل مسؤولية تأخير الجيش مدة ثلاثة أيام قبل أن يتوجه إلى القدس ليشترك في معاركها التهم جلوب بأنه كان لا يعطي أوامر بالهجوم أو يعطي أوامر بالانسحاب وأنا في مقابلة لي وأنا حضرت روحتي للدكتوراه في القاهرة سافرت إلى بريطانيا لجمع الوثائق والمعلومات وسنحت لي الفرصة أن أقابل السير جون جلوب باشا ومن الأسل التي طرحتها عليه لماذا غذرتم بنا في الثورة العربية الكبرى قال لم يكن أمامنا من بود سوى أننا نحن أمامنا ونغذر بكم فقلت له لماذا قال بريطانيا في الحرب العالمية الأولى حانت بحاجة أن تدخل مع الولايات المتحدة الحرب إذ بدون دخول الولايات المتحدة الحرب إلى جانب الحلفاء مناه هزيمة بريطانيا والحلفاء ونعلم أن الولايات المتحدة لم تدخل الحرب إلا بعد ثلاثة عوام من بدئها ويقول إحنا أعطينا وعد بالفور وغدرنا بعهودكم مقابل أن يقوموا بإعادة الحرب وقمت بإقناع اليهود الولايات المتحدة أن تدخل الحرب وطرحت السؤال التالي على جلوب في لقائي معه قلت له لماذا كنت تعطي أوامر للجيش الأردني بعد أن يحتل المنطقة أن يتراجع منها قال أنت تتهمني بالخيانة قلت هذا كلام على أنسنة الناس وأنا بدأ دافع عنك قال أنا سافرت أنا وتوفيق باشا أبو الهدى رئيس وزراء الأردن إلى بريطانيا وقابل رئيس الوزراء البريطانيين وكان أبو الهدى لا يتقن اللغة الإنجليزية وكنت أتولى طه دور الترجمة فاشتكى أبو الهدى إلى شيرشيل من أن اليهود يحتلون الأراضي المخصصة موجهة بقرار التقسيم فقال له مدام يحتلوا الأراضي المخصصة موجهة فلا بأس في ذلك فلم يعترض رئيس وزراءه ومعنا إلا قائد أنفذ تعليمات الحكومة قتلوا أي حكومة البريطانية أم الأردنية؟ قال أنت تتهمني مرة ثانية بالخيانة كانت غالبية الدول العربية تعاني من ضعف كبير في الموارد والقدرات وكانت مصر والعراق والأردن تعتمد على بريطانيا في مجال التسليح وهي الدول التي كانت تمتلك قوات مسلحة ذات فاعلية وليس خافيا أن بعض الزعماء العرب كانوا يعولون كثيرا على قدرات الجيشين العراقي والأردني لإنجاز المهمة لكن القيادة البريطانية كان لها رأي آخر فقد امتنعت عن تزويد الجيش العراقي بشحنات السلاح اللازمة أما في قيادة الجيش الأردني فقد وجد فيه أربعون ضابطا بريطانيا إضافة إلى الفريق جلاب الأمر الذي هز كثيرا من معنوية الجنود العرب لكن الكتائب الرابعة والخامسة والسادسة في الجيش الأردني كانت بقيادة أردنية خالصة كقائد الكتيبة الرابعة المشير حابس المجالي وقائد الكتيبة السادسة الضابط عبد الله التل الذي أصبح حاكما عسكريا على القدس بعد الحرب إنه الضابط الأردني الذي تحرك بكتيبته نحو مدينة القدس في عصيان واضح لخطة جلاب التي عممها على أفراد الجيش الأردني الجيش العربي تعرض لتدخلات أساءة للخطة العسكرية الحقيقية كلفت بتحرير منطقة الرادار والنبي صومويل هذا النبي صومويل منطقة استراتيجية إلى الشمال الغربي من القدس وكانت محصنة من قبل بريطانيا على زمن الانتداب بعدما رحت بريطانيا استلموها اليهود فالاستراتيجية العسكرية الحقيقية فكلفت سرايا الكتيبة الثانية بتحرير هذه المنطقة وحرروا الأردنيون حرروا الرادار وقتلوا عدد كبير وأرادوا أن يستمروا إلى المستعمرات الخمس كان الأمر احتلال الرادار والأمر أيضا بعد الرادار احتلال المستعمرات الخمس فجاء قائد الكتيبة وهو انجليزي كان أحد أعلام حرب ثمانية وأربعين ومن أكثرهم إثارة للجدل لكنه كان أحد القادة العسكريين الذين كانوا في قلب العمليات الحربية الأمر الذي جعل شهادته على الحرب ومجموعاته ومجرياتها من أهم مراجع حرب ثمانية وأربعين خصوصا فيما يتعلق بالجبهة الأردنية وكواليس القصر الملكي في عمان إذ يشير التل في شهادته إلى أن أحد القادة العرب قد قدم اقتراحا للملك الأردني عبد الله بن الحسين بتبديل قيادة الجيش البريطانية والاستغناء تماما عن الفريق جلوب والضباط الإنجليز الذين كانوا معه لأنهم ودون شك سيعملون على تنكين القوات اليهودية لتحقيق المستعمرات الخمس من تجاوز حدود التقسيم لكن الملك وبرأي التل لم يكن يستطيع أن يوافق على مقترح كهذا لأنه يعلم أن بريطانيا لن تقبل فكرة الاستغناء عن جلوب وإذا حدث أي تغيير فلن تستمر في الإنفاق على الجيش العربي وتسليحه مع انتهاء الانتداب البريطاني اندلعت الحرب وقررت القوات اليهودية تجاوز حدود التقسيم نحو القدس لاحتلالها وخلال ثلاثة أيام من اندلاعها وخلال اندلاع حرب ثمانية وأربعين كانت القدس تواجه شبح الفناء إثر هجوم يهودي شامل نحو الأسوار والأبواب الرئيسية محاولين اقتحام المدينة التي احتشد فيها أكثر من ستين ألف عربي لكن وبموجب الخطط العسكرية العربية لم تكن في المدينة أي كتيبة من الجيوش العربية الستة فالقدس أصبحت منطقة دولية وكانت مهمة الدفاع عنها مقتصرة على قوات المتطوعين الفلسطينيين الذين يتبعون مفتي القدس الحاج أمين الحسين فبات سقوط القدس القديمة مسألة وقت فقط لم يكن أمام الهيئات العربية في القدس سوى التوجه إلى عمان للإستنجاد بالملك عد الله بن الحسين حيث شرحوا لجلالته خطورة الحالة وذكروا أيضا بقبر والده الذي دفن في القدس الشريف حسين بن علي وتحدثوا له عن الصخرة والحرم الشريف وتحدثوا له عن كنيسة القيامة كان قد أسقط القدس من كل حساباته حيث وضع خطته العسكرية على أساس أن القدس ستصبح يهودية لكن الملك وفي جرأة خارقة قرر أن يخالف خطة جلوب وأصدر أمرا واضحا يوم الاثنين السابع عشر من مايو أيار عام فمانية وأربعين من أجل تحرك نحو القدس لقد جاءني الأمر مباشرة من الملك ولم يأتني أي أمر من جلوب فإقنت أن مشدة قد وضعته وقعت بينه وبين الملك كان الملك الأردني عبد الله بن الحسين قد قرر مخالفة الخطة التي وضعها جلوب فقرر أن يضع القدس القديمة على رأس أولوياته فالاحتفاظ بها يمثل نصرا سياسيا مهما كانت نتائج الحرب فأمر الملك باستدعاء الفريق جلوب ووقع الخلاف فأصر الملك على قراره وقال لجلوب إنني لن أعيش حتى أراهم في المدينة المقدسة وإن وقوع أي كارثة على أهلها أمر عظيم إني آمر بلزوم الاحتفاظ بما هو تحت اليد الآن تحديدا البلدة القديمة وبقوة عسكرية لم يتجاوز عدد أفرادها ستمائة جندي أردني لكن عزيمتهم كانت في أوجها وفي بيانه العسكري قال التل لأفراد القدس إنكم ولا شك ستحافظون على سمعة الجندي العربي الذي إذا هاجم لا يهاب الموت وإذا دافع لا يتراجع حتى النهاية لقد دانت الساعة التي تمكننا من الانتقام لدير ياسين التي انتهكت أعراضنا بها هيا لتبيض أعراض العربي بالدماء والله ينصركم وصلت الكتيبة الأردنية إلى رأس العمود ثم بادر عبد الله التل إلى الاتصال بقيادة المناضلين والمتطوعين في المدينة إذ طلب منهم أن تتوحد كل الفصائل الشعبية تحت قيادته يقول التل في مذكراته إنه كان إجراءاً مهماً لنجاح العمليات العسكرية المرتقبة وتألفت قوات المناضلين من مجموعات الجهاد المقدس وأعضاء من جيش الإنقاذ الذين كانوا يقدمون كل أشكال الدعم والإسناد العسكري ويعود ذلك إلى معرفتهم التامة بالمواقع والأزقة في القدس في معرض شهادته يقول عبد الله التل إن مهمة الكتيبة السادسة في القدس قد تلخصت في ضرورة صد هجمات القوات اليهودية عند الأبواب وحول السور إضافة إلى ضرب حصار عسكري حول الحي اليهودي الموجود داخل أسوار البلدة القديمة وهو الحي الذي بذل فيه اليهود كل جهودهم لمنع سقوطه إلى اليهود المدافعين في الحي اليهودي وقال لهم إذا انسحبوا من قدس الأقداس هذا أكبر كنيس يهودي في داخل الحي اليهودي ومحصن جدا فكان اليهود يتمركزون فيه فقال لهم أن يوجه المدفعي والألغام لتدميره بدأ الالتحام واندلعت المعركة فشنت القوات الأردنية هجوما مضادا سراعان ما أربك العدو ودارت معارك طاحنة على أبواب البلدة القديمة حيث كان بعض نقاط الالتحام لا يزيد على خمسين مترا ودحر المهاجمون اليهود عن الأسوار في أقل من يومين ثم تفرغ الجميع لمواجهة المتحصنين في الحي اليهودي المنطقة التي عرفت بحارة اليهود في حي المغاربة إذ كان يوجد في القدس القديمة عدد من اليهود الذين تحصنوا في ذلك الحي قارب عددهم 1800 يهودي منهم 500 مقاتل على الأقل جلهم من عصابات الهاجنا والأرغون والذين استعدوا للقتال الطويل مع القوات الأردنية فحصنوا الحي كله بالمتاريس والخندق وكانت أوامر الوكالة اليهودية تقضي بالدفاع عن الحي اليهودي حتى النهاية كانت الوكالة اليهودية قد أصدرت أوامرها لسكان القدس القديمة من اليهود أن يدافعوا عن الحي حتى النهاية بل وحرمت عليهم الاستسلام أو النزوح وقد اعتمدت خطتي في المواجهة على قتال الشوارع بعدها بدأت في تنفيذ عمليات تدمير للمنازل اليهودية لأنني قدرت أنني سأخسر نصف قواتي إذا أردت احتلال الحي في عملية حربية واحدة فأعزت لفريق التدمير في الجهاد المقدس بقيادة المجاهد فوز القطب بأن تنشط في ذلك العمل فوجهت تل إنذارا أخيرا للمقاتلين اليهود بالاستسلام لكن لم يستجب أحد فقصفت حارة اليهود وشهدت أعمدة الدخان من كل مكان على المداخل الشمالية للمدينة كما تمكنت قوات الكتيبة الرابعة من السيطرة على طريق باب الواد واللطرون الأمر الذي مثل تقدما كبيرا على الجبهة الأردنية ولم يبقى أمام الحي اليهودي أي أمل في النجاة استمر القصف والحصار في القدس لعدة أيام وفي السادس والعشرين من مايو أيار تمكنت مدرعات الجيش الأردني من الدخول إلى أزقة القدس القديمة إنها المرة الأولى التي تتمكن فيها مدرعات حربية من التجول في تلك الأزقة الأمر الذي مثل مفاجأة كبرى للقوات اليهودية بقيت في مكتبي حتى الساعة الثانية عشر كنت أنتظر ورود الأنباء عن سيارة القدس وعن سير العملية التي مرت بها كانت لحظة دخول المدرعات تاريخية فأهل القدس وبعدما رأوا مدرعات الجيش العربي قد استقبلوها بالهتاف والتهليل وساد لدى المقدسيين إيمان بأن الجيش الأردني أصبح قادرا على دحل العدو وعلى دحل المدرعات ومنعه من اختراق الأسوار وبذلك شلت حركة اليهود في تلك المنطقة بأكملها بعد أن حكمت المدرعات تطويق الحي اليهودي ولم يبقى لديهم أمل في النجاة إن ضغط الجيش الأردني على الحي اليهودي جعل وضع سكانه في غاية الخطورة وكانوا يتراجعون إلى الوراء خلال عشرة أيام من الاشتباك والحصار طلب اليهود بواسطة الصريب الأحمر نقل المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ إلى الأحياء الجديدة في القدس لكن عبدالله التل اشترت استسلام المحاربين خصوصا أولئك الذين تحصنوا في الكنيس الكبير وقد أمهله متل إلى الساعة الرابعة من مساء السابع والعشرين من مايو آيار وإلى ساعة الرابعة من مساء السابع والعشرين فإن القصف سوف يطال الكنيس الكبير وفي يوم الجمعة الثامن والعشرين من مايو آيار استسلم المقاتلون اليهود يقول عبدالله التل إنه قد وفق على استسلامهم بشروط وقد جاءت في وثيقة تسليم الحي اليهودي في القدس القديمة وكتبت برعاية الصليب الأحمر كان من بين بنودها عليهم إلقاء السلاح وتسليمه ثم يأخذ جميع المحاربين اليهود من الرجال وأسرى حرب وأخيرا يسمح للمدنيين بالخروج وعلى إثر ذلك أسرى ثلاثمائة وأربعون مقاتلا يهوديا نقلوا إلى شرق الأردن لقد حطمت تلك المعركة كبرياء اليهود وأذلتهم إذلالا كبيرا ولولا السياسة العليا التي رسمها الإنجليز ونفذها جلوب بحذافيرها لكان النصر مماثلا في القدس كلها تلك السياسة التي حالت دون وضع خطة موحدة معينة لاحتلال القدس ولا شك أن المعركة قد رفعت معنويات العرب في كل الأقطار فاشتدت العزائم وشحذت الهمم ولكن دون جدوى لأن العوامل التي سيرت الحرب وراء الستار كانت تهدف إلى إرخاء العزائم وقتل الهمم أرسلوا اثنين حقامات للوالد هلأ بفرجيك صورتهم رفعين العلم الأبيض موشير روزنق قائد قوات الهاجنة عند الاستسلام لأنه يعني نحن مستسلمين وما فيش اطلاق نار في شهادته قدرت تلو أن عدد القتل اليهود في معركة القدس القديمة قد تجاوز ثلاثمائة وذكر أيضا أن الحي اليهودية قد لحق به دمار كبير أما خسائر الجيش الأردني فقد تمثلت في مقتل أربعة عشر جنديا أردنيا لم تسقط القدس القديمة خلال الحرب الأمر الذي مثل انتصارا معنويا لدى العرب على الرغم من النتيجات المريرة إذ تقهقر معظم الجبهات العربية على طول خط النار وفي مذكراته يورد التل برقية وجهت من الملك عبد الله إلى الفريق جلوب تحديدا في التاسع والعشرين من مايو آيار يطلب منه أن يبلغ أفراد الكتيبة السادسة