بين أربعٍ وخمسين ألف كلمة وسط الدراما وتاريخ تقبع فرنسا خاصتي، ليست كتلك الخاصة بفكتور هوجو وبؤسائه، نجد الخيال هنا يبدو وكأنه واقع، بيّد أنه مُرحبٌ بهم في أرض خيالي وبين جدران عملي "مقهى البؤساء"تجري أحداث هذا العمل تزامناً مع قرب إنتهاء عصر التنوير وقبل بدء الثورة الفرنسية، حينما كانت فرنسا تخضع للفلسفة الطبقية في السلطة والمكانة الإجتماعية وحتى نمط الحياة العادي الذي يمكنك الحصول عليه، وفي ظل تنافس العائلات النبيلة والطبقة الأرستقراطية للحصول على النفوذ وعرش فرنسا، نجح آل بوربون في هذه المهمة مُورثين العرش لمن بعدهم من أجيالهم، كما أن هنالك عدداً لا يُستهان به من العائلات التي كانت تعمل بجدٍّ مع صغارها مُنذّ أن كانوا مجرد نُّطف للمنافسة الشرسة من أجل الاستيلاء على ذاك العرش.من أبرز وأنبل تلك العائلات والتي كانت تُعد منافساً شرساً لآل بوربون هم آل بيير من مونبلييه، حيث أمضى الدوق لويس بيير عُمرهُ في تدريب ابنه ليو منذ نعومة أظافره مستخدماً معه كل أساليب التعنيف الجسدي والنفسي لجعله نسخاً مؤهلة للعرش، وقد كان للصغير والدةً رؤوفة تُدعى فايوليت تحاول جاهدة أن تخفف عنه وقد أوصت في آخر أيامها نادين الصديقة المُفضلة للأسرة أن تبقى بجانب ليو حتى وإن أراد الهروب من والده، وبالفعل هذا ما قد حدث بعد وفاة فايوليت قرر ليو الحصول على هُويةٍ جديدة وهرب من مونبلييه إلى باريس بمساعدة نادين التي الحقته بالمدرسة العسكرية، مُقرراً بعد تخرجه من الكلية انضمامه للجيش والاستشهاد في أرض المعارك زاعماً زيادة فرصة لقاءه بوالدته سريعاً.انتهى الأمر بليو مُقابلاً فتىً ذكياً نجح في كشف هُويته القديمة وبدأ مُهدداً إياهُ بها إلى أن عقدا اتفاقاً أن يكونا صديقين في المقام الأول وشركاء في المهمة كما أن الفتى سيساعده في أمره إن أراد أن يُصبح ملكاً لفرنسا أو أن يستشهد في أرض المعارك، كان ذلك الفتى يدعى نابليون بونابارت.قبل خروج ليو من مونبلييه وفي آخر محفلٍ إجتماعي اُجبر على حضوره كان قد التقى بشخصٍ مُثيرٍ للإهتمام يُدعى ماكسيميليان روبسبير، بعد مرور السنوات وبينما كان ليو ونابليون قد اشتدّ عُودهما، بدأت وتيرة الأحداث بالتصاعد داخل فرنسا وحجر الأساس في هذا الأمر هو مُحامٍ شاب وثوري يُطالب بأهمية وحق المساواة بين الطبقات والتدرج في التقدم المهني حيث أصبح ممثل مُنتخب ثم قاضي ثم قائداً للثورة الفرنسية التي نجحت، مُقرراً بعدها إبادة ملوك عرش فرنسا وجميع أعدائه ومن يقف في طريقه حتى اكتست فرنسا فرشاً أحمرا، ولكن الحكومة الفرنسية قد تدخلت رافعاً الدعم عن هذا الشاب قاصيّن رقبته بمحبوبته بتلك ،المقصلة التي قضى بها على أعدائه مُغلقين باباً ظنوهُ لن يُفتح، كان هذا الشاب الثوري هو ماكسيميليان روبسبير نفسهُ.مرّت السنوات وتخرج كلٌ من ليو ونابليون وقد نالا الرتب والحب مع كُلاً من جوزيفين لناب وكلوي لليو، وأيضاً وجدا فرنسا قد اقحمت نفسها في حروب سيكوننا هما الأسدان فيها، حيث ابتُعِثا إلى مصر في حملةٍ ضرب فيها الطاعون بحصار غير متوقع، وكان ليو أحد مُصابيه وانتهى الأمر به إلى بتر يده مُتخذاً هذا القرار عنه ناب، وفور استيقاظه وُجدت فرصة سوف تسنح لناب بحكم فرنسا إن اغتنمها وبالفعل رجعا إلى فرنسا حيث صار ناب حاكماً لها.كما أن السعادة والمصائب تأتي سوياً فقد فُوجأ ليو بأن كلوي حامل ومع اقتراب أسارير الولادة حدث ما لم يكن في الحسبان ولقيت كلوي حتفها إثر مضاعفاتٍ طبية، تاركةً الصغير جان لليو وحده، والذي قرر أن يصبح أباً صالحاً له ويداً يُمنى وسريّةً للإمبراطور نابليون.تحت قيادة ناب وليو قدمت فرنسا أفضل ما عندها من انتصارات ضد الأعداء كانت من أهمها معركة أوسترليتز والتي راح من ضحاياها إخوة الصغير تيو والذي هو الصديق المُقرب لجان، قرر الصغير الإنتقام من قاتل إخوته مهما طال الزمان مُصمماً على الدراسةِ الجيدة والعمل في أكبر الصحف للحصول على أدق تفاصيل ومعلومات تلك المعركة، بالمُقابل تعهد جان الدراسة جيداً لكي يُصبح مُخترعاً لصنع يدٍ لوالده.مضت الخطط من ليو وناب كالسمن على العسل مُحدثيّن عهداً من الحروب النابليونية المُنتصرة، عاشت فرنسا فيها أفضل عصورها على الإطلاق، مُهددةّ العالم أجمع، مما أقلق بريطانيا العظيمة والتي وضع لها ليو خطة مُحكمة إلا أن ناب قرر هذه المرة ألا يسمع له وانتهى الأمر بهما لخوض خلاف حاد، وبدأ ناب يبتلعُ الطُعم ولا أحد يسُرُهُ الحال عدا جيروم أخا ناب.في تلك الفترة الصامتة بينهما لاحظ ليو بعض التغييرات على ذاكرته وأكدها بذهابه لطبيب كان يعمل معه في فترته من الجيش والذي بدوره أقرّ له بأنه مُصابٌ بالزهايمر ولم يبقى له الكثير على فقدان ذكراته كُلها.قرر ليو أخيراً ملاقاة ناب ليخبره بما كان يخطط له إلا أن ناب أرسل بليو إلى البيت ناصحاً إياهُ أن يمضي ما تبقى له من عمره مع ابنه.بعد عِدة معارك خسرها نابليون وخسر فيها جنوده، وصل به الحال لخسارة العرش، حيث استرد التاج آل بوربون مجدداً وتم نفيهُ ولكنه عاد هارباً مُقتحماً العرش مُعيداً التاج له، تاركين له رسالة وعبرة له ولمن حاول دعمه من خلال الإمساك بأحد إخوته ألا وهو جيروم والذي بدا أكثر جُبناً وخُبثاً حيث راهن قبل إعدامه بثوانٍ أن يكشف عن اليد اليمنى لنابليون والمُخطط الأول له والذي ضحى بحياة الجنود في معركة أوسترليتز وهو ليو بيير الذي كان قد فقد كامل ذاكرته في ذاك الوقت، وقد أُوتي به على الملأِ للإعدام وتقدم تيو طالباً شرف القصاص من قاتل إخوته وقد ناله، حيث وصل جان مؤخراً ليرى كل هذا العبث والخراب بوالده والفاعل هو صديقه المفضل الذي بدأ ينعتهُ بالمنافق لكونه لم يكن يعلم بحقيقة والده ومن تلك اللحظة بدأت نار عداوةٍ جديدة لم تشهدها فرنسا من قبل.لم يغمض لتيو جفن إلا وهو مشوهاً بإسم جان عبر جميع الصحف حارماً إياهُ من مقعده في الدراسة ومانعاً له من الإلتحاق بأي مؤسسةٍ دراسيةٍ أخرى، قرر جان أن لا يستسلم وأن يدرس بمفرده وباشر اختراعهُ الأعظم "البؤسميتر" الذي لم تقبله أي مُنشأة تعليمية منه.بعد مرور عامٍ من هذه الأحداث زار جان قبر والده والذي وجده قد ترك له خطابات يمكنه أن يأخذ واحداً منها فقط في كل عام في يوم ميلاده، وبين هذا وذاك أصبح جان يذهب لتجمعات العلماء التي يُطرد منها بالفعل فور ظهوره ولكنه يجلس خارجاً في كرسي مقابل يستمع لهم وقد التقى بمنبوذةٍ أخرى فنانة ورسامه تم نبذها ومنعها من الحضور أيضاً لكونها ابنة المُعدم ماكسيميليان روبسبير تدعى فيفيان دوبلييه . وما بدأ كضحكٍ ساخرٍ منهما على بعضهما انتهى بصداقةٍ حميمة قررا عبرها تحقيق أحلامهما بعيداً عن المجتمع وخلق مجتمع آخر يضمُهم هم والمنبوذون والبؤساء الآخرين في شوارع باريس ببناء مقهىً جديد يسمونه مقهى البؤساء لن يدخله سعيد. وبالطبع هذا أمرٌ لم يغفل عنه تيو الذي خصص عموداً أخر من صحفه مهاجماً فيه فيفيان الأمر الذي لم يسكت عنه جان وقد عارك فيه تيو وأخبره أنه لا يعلم الحقيقة كاملة مما أشعل فيه نار البحث عن جيروم الذي كان سبباً في كلها بداخل تيو وبالفعل بدأ البحث عنه.بعد قراءة آخر خطاب تركه ليو لجان كان جان قد انهى تصميم البؤسميتر وفيفان تعمل على قصتها، وقد تم رفض اختراع جان لهذه المرة أيضاً زعماً من الجمعية العلمية أنه لا حاجةً لهم بالبؤس فباريس أشد البقاعِ سعادةً،ترك جان أوراقه واختراعه لهم على يقين منه أنهم سيرجعون له يوماً ما، فيما بدأت صحته بالتدهور إثر إصابته بمرضٍ وراثي يتطلبه نقل دم من زمرةٍ مطابقة له لا توجد إلا عند عدوه تيو والذي قامت نادين بإرسال عدة رسائل له لينقذ جان إلا أنه كان في رحلة بحث عن جيروم والذي وجده أخيراً وألقى به من أعلى جرفٍ بعد ما اعترف له أنه لا يد لليو بيير في قتل إخوته إذ أن الجنود في تلك المعركة هم من قرروا المخاطرة بأنفسهم من أجل الفوز.رجع تيو إلى باريس مُتجهاً نحو بيت صديقه جان وقد استلم رسالة نادين ولكن الوقت كان قد فات وفارق جان أرض باريس والحياة جميعا الأمر الذي لم يقدر على تحمله فرمى نفسه من أعلى جسرٍ وخرَّ ميتا.توطدت العلاقة بين نادين وفيفيان بعد وفاة جان وبعد نجاح قصتها قامت فيفيان بالفعل بإفتتاح مقهى البؤساء الذي كان أول زائريه نادين مع أخيها الذي كان مفقوداً منذ الصغر، كما قرر رئيس الجمعية العلمية الجديد باسكال دوبلييه اعتماد تصميم البؤسميتر الإختراع الذي أنقذ حياة قاطنيّ فرنسا والعالم أجمع ليصبح جان بونابارت أفضل مخترع في تاريخ البشرية