احتل كتاب فبلن المنشور عام 1899 بعنوان "نظرية الطبقة المترفة" مركز الثقل في تعريف مجمل افكار فبلن واختلافه مع مجايليه من مفكري الاقتصاد والاجتماع، كان هذا الكتاب الذي كتبه ايام عمله في جامعة شيكاغو تحليلا اقتصاديا جديدا لسلوك الاثرياء. ففي العالم الذي اصبح ماديا بحتا، ارتبط السلوك الاقتصادي بشكل لاينفصم عن منظومة القيم والتقاليد الاجتماعية والثقافية السائدة عند تلك الطبقة. كان فبلن يدعو الاقتصاديين الى الاقلاع عن افتراض المستهلك ككيان ستاتيكي مستقل ومحكوم برغباته الشخصية لاشباع حاجاته، ذلك لانه لايمكن التعامل مع المستهلك بمعزل عن مجتمعه وبيئته، فهو نتاج للظروف والعوامل الاجتماعية والثقافية المحيطة به، ولذا فإن من واجب علم الاقتصاد ان يتتبع تأثير تلك الظروف والعوامل على نشاط الفرد والمؤسسة. لكن هذا الاتجاه لم يكن مقبولا عند الاكاديميين آنذاك ولذا فقد قوبل ليس فقط بالتجاهل، فعلى سبيل المثال لم يحظ ذلك الكتاب المهم حتى بمراجعة اعتيادية في المجلات الاقتصادية الاكاديمية إلا بعد مرور 26 عاما على صدوره! كما ان طلب فبلن بالحصول على علاوة روتينية بمناسبة صدور الكتاب قد جوبه بالرفض من قبل القسم. عندما حل الكساد العظيم 1929-1933 تغيرت الافكار والمعتقدات واصبح كلام فبلن ذا معنى وفائدة، وبدأ جيل من الاقتصاديين بالاهتمام بما كتبه فبلن واعتبروا انفسهم من تلاميذه واتباعه. لقد صرح الاقتصادي جان گاليبرث بأن كتاب فبلن واحد من كتابين ثمينين من القرن التاسع عشر مازالا يتمتعان باهتمام وطلب القراء. فمنذ ثلاثينات القرن الماضي جرى الاعتقاد بأن فبلن كان أول من اهتم بترابط الاقتصاد والاجتماع والثقافة، وهو أول من درس العلاقة بين الاستهلاك والثروة رافضا طروحات اقتصاديي اللاتدخل Laissez- faire والنيوكلاسيك في تفسير السلوك الاقتصادي. كان يؤكد بأن ارتباط سلوك الافراد والمؤسسات والحكومات بما يحيطهم من منظومات اجتماعية وثقافية يجعل الاقتصاد علما متغيرا على الدوام بحيث يصح ان نعتبره علما تطوريا- نشوئيا Evolutionary يدرس المصالح والسلوك الاقتصادي اللذين يتطوران في ظل مؤسسات المجتمع الانثروبولوجية والاجتماعية والثقافية،